المشي بسرعة وبطريقة مضحكة يضع مدينة روسية على الخريطة العالمية

أربع من أفضل خمس متسابقات في رياضة المشي في العالم من بلدة سارانسك

إحدى بطلات المشي
TT

يخرج الأبطال الرياضيون في مدينة سارانسك الروسية كل يوم للتدريب في حديقة المدينة وسط عشرات المعجبين والمتابعين المبهورين بما يشاهدونه، ويتقدم تلك المسيرات أولغا كانيسكينا، الحاصلة على الميدالية الذهبية في الدورة الأوليمبية وبطلة العالم ثلاث مرات، وايلينا لاشمانوفا، وهي موهبة فذة في سباق المشي للسيدات التي تغلبت على كانيسكينا في دورة الألعاب الأولمبية الأخيرة التي احتضنتها العاصمة البريطانية لندن.

ويسير خلف هؤلاء الأبطال حشد من الأولاد والبنات الذين لم يشتركوا من قبل في أي سباقات للمشي، ولكنهم يعشقون هذه الرياضة التي تعد الرياضة الأولى والمفضلة لهذه المدينة، ولا سيما بين السيدات.

وفي مساء يوم الجمعة من كل أسبوع في مدينة سارانسك لا ينتظر الناس رؤية النجوم اللامعين في كرة القدم، وإنما ينتظرون رؤية الفتيات ممشوقات القوام وهن يمشين بشكل مضحك. وتحظى تلك الفتيات باحترام البلدة، بعدما أظهرن قدرة هائلة على هزيمة أي خصم، بمن في ذلك متسابقو الصين، التي أصبحت بمثابة قوة عالمية في سباق المشي للرجال، ويكفي أن نعرف أن أربعا من أفضل خمس متسابقات في رياضة المشي في العالم من سارانسك، تلك المدينة التي تبعد نحو 320 ميلا عن العاصمة الروسية موسكو ويبلغ عدد سكانها 310,000 نسمة.

وخلال سنوات سابقة، وقبل الطفرة التي شهدتها الصين في هذه الرياضة، كانت قائمة أفضل 12 متسابقة في سباق 20 كيلومترا للسيدات تضم 9 سيدات من هذه المدينة. واليوم تشير تصنيفات الاتحاد الدولي لألعاب القوى إلى أن المتسابقات الروسيات والصينيات يستحوذن على أفضل 11 مركزا في تلك الرياضة، ثم تأتي بعد ذلك المتسابقة مارتينا أورتيز من غواتيمالا. وفي بطولة العالم التي تقام حاليا في موسكو، تتوقع روسيا أن تحقق إنجازا كبيرا في سباق السيدات للمشي.

وتكبر الفتيات الروسيات في البولشوي وهن يحلمن بأن يصبحن بطلات في التزلج أو الرقص، ولكن في مدينة سارانسك تسعى جميع الفتيات لأن يصبحن بطلات في سباقات المشي. وبعد ظهر أحد الأيام في الآونة الأخيرة ارتدت فتاة تبلغ من العمر 14 عاما وتدعى أليسا كوماروفا ملابسها الرياضية، وهي تقول: «أود حقا أن أشترك في سباقات المشي. نحن نتطلع إلى البطلات الأوليمبيات ونريد أن نكون مثلهن».

وقالت كوماروفا إنها تشاهد سباقات المشي في التلفزيون وتحلل الجوانب الخططية وتشترك في سباقات مع زميلاتها في المدرسة، مضيفة: «إنها رياضة ممتعة للغاية. يتعين عليك أن تجعل ساقيك مستقيمتين على الدوام، وهو أمر صعب للغاية».

وخلال مسابقات المشي، التي يتم تنظيمها في المدينة كل أسبوع في فصل الخريف، تكتظ الشوارع بالسكان لمشاهدة تلك السباقات. وتقول متسابقة في السابعة عشرة من عمرها وتدعى فلاديلينا أودوشكينا: «إنهم يصيحون ويهتفون ويطالبوننا بالمشي بصورة أسرع».

وتستعد روسيا لاستضافة عدد من الأحداث الرياضية الهامة، فبعد بطولة العالم لألعاب القوى الحالية تأتي دورة الألعاب الأوليمبية الشتاء المقبل، من خلال إحياء طريقة عمل الجهاز الرياضي السوفياتي، الذي كان يعتمد على الهيبة الوطنية وعدد الميداليات الأولمبية، وليس على شعبية الرياضة.

ويقول الرياضيون الروس إن روسيا لا تبحث في بطولة العالم عن روسي يتمكن من منافسة العداء الجامايكي يوسين بولت في سباق 100 متر عدو، على سبيل المثال، ولكنها تبحث عن الحصول على عدد كبير من الميداليات في سباق تخطي الحواجز للسيدات أو القفز بالزانة للسيدات وسباقات المشي للسيدات والرجال على حد سواء. وقال أليكسي دوسبخوف، وهو صحافي بجريدة «كوميرسانت»: «السيدات هن دائما المفضلات لدينا».

ويقول المتحدث الرسمي باسم الحكومة الإقليمية ميخائيل نيكيشين: «ينتقدنا الناس قائلين: (أنتم تحققون الفوز طوال الوقت لأنه لا أحد يهتم بهذه الرياضة على مستوى العالم)، ولكننا نرد قائلين: (حسنا، ولكن حاولوا اللحاق بهذه السيدات لو استطعتم)».

وينفق المسؤولون بسخاء على سباقات المشي للسيدات، ففي عام 1996 وقع الحاكم المحلي على قرار بإنشاء مركز الإعداد الأولمبي للمشتركين في سباقات المشي، الذي تزداد الميزانية المخصصة له كلما حقق مزيدا من النجاحات، ويكفي أن نعرف أن ميزانيته لهذا العام قد وصلت إلى 4 ملايين دولار.

* خدمة «نيويورك تايمز»