شباب من كلا الجنسين يطلقون حملة لإكساء وعلاج أطفال مرضى السرطان في البصرة

مهرجون وعروض مسرحية تجوب شوارع المدينة بحثا عن متبرعين

تضم فرقة أحلام الجنوب الفنية 40 عضوا من كلا الجنسين يحاولون رسم الابتسامة على وجوه أكثر من 500 طفل مصاب بالسرطان (الشرق الأوسط)
TT

عند أحد الشوارع المزدحمة في مدينة البصرة جنوب العراق، لم يتأخر أركان عبد العالي في ارتداء ملابس المهرجين حيث كان يسير بين المارة والسيارات لدعم أعضاء فرقته المسرحية وهم يحاولون رسم الابتسامة وجمع التبرعات المالية لشراء كسوء العيد للأطفال اليتامى ومرضى السرطان.

«فرقة أحلام الجنوب الفنية» جمعت عددا من المواهب الشابة ومن كلا الجنسين لتجعل من قدراتهم في التمثيل أداة لزرع الابتسامة على وجوه أطفال أصيبوا بأخطر الأمراض، حيث يقدر باحثون في كلية الطب بجامعة البصرة عدد المصابين بالمرض في جنوب العراق بنسبة 18% من عدد السكان جلهم في البصرة وغالبيتهم من الأطفال.

وقال الفنان أحمد النجم، مخرج في فرقة أحلام الجنوب الفنية، لـ«الشرق الأوسط» إن «الفرقة هي مجموعة من الشباب ومن كلا الجنسين وقاموا بجهود فردية دون دعم من أي جهة حكومة بإطلاق حملة تحت عنوان (الفن للجميع)»، مبينا أن «الحملة تهدف إلى جمع الأموال من أبناء المدينة لشراء الملابس لأكثر من 500 طفل يتم ومصاب بالسرطان».

وأضاف أن «الحملة تتبع مجموعة الفعاليات وأغلبها مسائية لجمع التبرعات ومنها إطلاق عدد من المهرجين في الشوارع لممازحة المارة وجمع التبرعات من خلال الابتسامة، بالإضافة إلى إقامة عروض مسرحية ولوحات فنية في الساحات العامة وجعل ريعها للحملة».

إلى ذلك قال الفنان حسن المكصوصي، أحد أعضاء الفرقة: إن «الفرقة تعمل حاليا بالتقسيم إلى مجموعات لغرض أخد الأطفال الأيتام والمصابين بالسرطان إلى الأسواق لغرض شراء الملابس لهم».

وأضاف أن «هذه الحملة ستستمر حيث نأمل وخلال الفترة المقبلة جمع أموال أكبر من الشركات والمؤسسات الحكومية والميسورين من أهالي البصرة لغرض علاج هؤلاء الأطفال خارج العراق»، مبينا أن «الإحصائيات التي تعمل عليها أعضاء الفرقة كشفت أن 90% من هؤلاء الأطفال هم من عوائل متعففة فقيرة لا تستطيع توفير العلاج لهم، فيما لا يستوعب مستشفى الطفل في البصرة هذه الأعداد من الأطفال المصابين بالمرض».

وتعرض أعضاء الفرقة الذين تجولوا في عدد من شوارع البصرة خلال الأيام السابقة إلى مضايقات من القوات الأمنية المنتشرة في المدينة رغم تصريحات محافظ البصرة أنه يدعم جميع البرامج الاجتماعية التي تقدمها الفرقة خدمة لأهالي المدينة.

وقال النجم: «في الأيام السابقة تعرض أعضاء فرقنا في شوارع المدينة إلى مضايقات من رجال الأمن رغم وجود الموافقات الرسمية لعملنا الذي هدفه إنساني».

من جانبه، قال محافظ البصرة ماجد النصراوي لـ«الشرق الأوسط»: إن «المحافظة على أتم الاستعداد لدعم النشاطات الاجتماعية التي تقدمها الفرقة»، مشيرا إلى أن «أي نشاط يقدم خدمات لأبناء البصرة سنكون من أوائل المبادرين بمساعدته وتذليل كل الصعاب من أجل إنجاحه».

وأضاف أن «دور التوعية المجتمعية تقع على عاتق الشباب وخاصة المثقف منهم لذا ندعم توجههم لضرورة التعاون المشترك بين الشباب والمؤسسات الحكومية في تنفيذ برامج تخدم المواطن البصري».

المارة في شوارع مدينة البصرة وخاصة التجارية منها، شهدوا خلال الأيام الأواخر من شهر رمضان نزول المهرجين الأمر الذي أدى لتفاعل العوائل معهم ودعم الحملة.

وقال بهاء عبد اللطيف، (30 عاما) مدرس: إن «الفكرة التي تبناها الشباب نجدها جديدة لدينا هنا في البصرة، حيث جعلوا من الابتسامة وسيلة للتنويه عن مأساة أطفال المدينة ومعاناتهم مع مرض السرطان».

وأضاف أن «أغلب أبناء البصرة يدعمون هكذا توجهات التي تسترعي انتباههم إلى عمل إنساني كبير ذي قيمة وهو دعم ورسم الابتسامة على وجوه أطفال لم يكن لهم أي ذنب سوى أنهم سكنوا البصرة التي تلوثت جراء الحروب، فحقا إن هؤلاء الشباب يستحقون منها كل احترام».

ويتبادل المهرجون المشاركون في الحملة الدعابات مع المارة ويمزحون مع الأطفال الصغار، وتضم فرقة أحلام الجنوب الفنية 40 عضوا من كلا الجنسين، يحاولون رسم الابتسامة على وجوه أكثر من 500 طفل مصاب بالسرطان.

من جانبه انتقد عمار عبادة، (40 عاما) تاجر، دور الحكومتين المحلية والمركزية لعدم مشاركتهم في هكذا حملات تهدف إلى توجيه المواطنين للمخاطر التي يعاني منها أطفال البصرة بسبب السرطان.

وقال: إن «أطفال البصرة وخاصة الذين أصيبوا بالسرطان عانوا كثيرا بسبب اليورانيوم الذي ألقته قوات الاحتلال في حربي الخليج الثانية والثالثة ولم نجد أي دعم من الحكومة سواء المركزية أو المحلية حيث لم يحاولوا رسم الابتسامة على شفاه أطفال ليس لهم ذنب إلا أنهم ولدوا في البصرة».

وأضاف أن «هؤلاء الشباب من المهرجين المتطوعين وجهوا اليوم درسا للحكومة، إذ برهنوا أنهم على قدر المسؤولية في توجيه المجتمع إلى الحالات الإنسانية فمكان يوجد به هكذا شباب لن يخسر وسينهض من جديد».

وكان باحثون في كلية الطب بجامعة البصرة بينوا أن هناك تقارير علمية تذهب إلى أن نسبة 18% من السكان في جنوب العراق مصابون أغلبهم من الأطفال، بأمراض السرطان أو هم معرضون للإصابة به، فيما تشير الإحصائيات الحالية إلى زيادة نسبة الإصابة بالإمراض السرطانية في محافظتي البصرة والناصرية والمناطق المحيطة بهم، إلا أن صحيفة (غارديان) البريطانية كشفت عن ارتفاع معدل الإصابة بمرض السرطان بين سكان مدينة البصرة العراقية ليتراوح من 40 إلى 48% وهي النسبة التي تمثل نصف عدد السكان.