بوتين: إذا كانت لأميركا أدلة على «الكيماوي» فلتقدمها لمجلس الأمن

المفتشون يحللون الأدلة في مختبرات أوروبية.. وبان: النتائج قد تستغرق أسبوعين

سيارات مفتشي الأسلحة التابعين للأمم المتحدة تدخل إلى لبنان من معبر المصنع الحدودي مع سوريا (رويترز)
TT

بعد أن غادر خبراء الأسلحة التابعون للأمم المتحدة سوريا صباح أمس أصبح هاجس الضربة العسكرية الأميركية التي تزداد قربا سيد الموقف، رغم دعوات الرئيس الروسي لنظيره الأميركي باراك أوباما إلى التريث.

ووصل أمس فريق خبراء الأسلحة التابع للأمم المتحدة مطار بيروت الدولي بعد عبور الحدود البرية من سوريا إلى لبنان. وعبر موكب المفتشين البالغ عددهم 13، الحدود اللبنانية قبيل الثامنة إلا ربعا من صباح أمس. ومر الموكب، المؤلف من سبع سيارات تحمل شعار الأمم المتحدة، بمواكبة سيارات رباعية الدفع سوداء تابعة لقوى الأمن اللبناني، على الطريق الدولي في شتورا (شرق) القريبة من الحدود السورية، بعد أن غادروا قرابة الساعة الخامسة والنصف فندق «فورسيزونز» الذي كانوا ينزلون فيه في دمشق وتم تحميل حقائبهم في سيارات تابعة للأمم المتحدة استقلوها بدورهم وانطلقوا.

وكانت ممثلة الأمم المتحدة لشؤون نزع الأسلحة أنجيلا كاين غادرت دمشق أول من أمس إلى لبنان ووصلت نيويورك فجر أمس. وأعلن المتحدث باسم الأمم المتحدة مارتن نيسيركي أن فريق خبراء الأمم المتحدة أنهى عمله في سوريا، وأنه يعتزم إصدار تقرير «سريعا» بشأن الاستخدام المحتمل للأسلحة الكيماوية في النزاع السوري. وجاء ذلك بينما أفاد دبلوماسيون بأن الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون أبلغ الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي بأن النتائج النهائية قد لا تصبح جاهزة قبل أسبوعين.

وكان فريق المفتشين، الذي يرأسه الخبير السويدي آكي سيلستروم، وصل إلى سوريا قبل أيام من وقوع الهجوم الكيماوي في ريف دمشق في 21 أغسطس (آب)، وحصلوا على موافقة السلطات السورية بالتحقيق في هذا الهجوم الذي تسبب بمقتل 1429 شخصا، بحسب تقرير استخباراتي للولايات المتحدة. وزار المفتشون الاثنين الماضي معضمية الشام جنوب غربي دمشق، والأربعاء والخميس الغوطة الشرقية شرق العاصمة، وهي مناطق يفترض أنها شهدت القصف بالسلاح الكيماوي، وأخذوا عينات من التربة ومن المصابين ستنقل إلى مختبرات أوروبية، على الأرجح في هولندا، لإجراء التحليلات التي تهدف إلى إثبات ما إذا كان هجوم كيماوي قد وقع لكنها لا تحدد الجانب المسؤول عن الهجوم. كما زار المفتشون أول من أمس مستشفى المزة العسكري غرب دمشق لمعاينة مصابين ذكر أنهم تعرضوا لغازات سامة، بعد أن اتهم النظام السوري مقاتلي المعارضة باستخدام سلاح كيماوي.

ونشرت الولايات المتحدة تقريرها غير السري الذي أعدته المخابرات بشأن الهجوم الذي قال كيري إنه قتل 1429 مدنيا سوريا وإنه من الواضح أن من قاموا به هم قوات الأسد. وكان توجيه ضربة عسكرية أميركية لسوريا يعد أمرا غير مرجح أثناء وجود خبراء الأمم المتحدة هناك، لكن حتى بعد رحيلهم فإن التوقيت الدقيق ما زال غير مؤكد.

في غضون ذلك، قال الرئيس الروسي إن «من الهراء المطبق» أن تكون الحكومة السورية استخدمت الأسلحة الكيماوية في الوقت الذي كانت تكسب فيه الحرب. وأضاف للصحافيين أنه إذا كان لدى أوباما أدلة على امتلاك قوات الأسد أسلحة كيماوية وشنت هجوما فلتقدمه واشنطن لمفتشي الأمم المتحدة ومجلس الأمن. وتابع بوتين قائلا: «لذلك فإني مقتنع بأنه (الهجوم بالأسلحة الكيماوية) ليس سوى استفزاز من جانب الراغبين في جر دول أخرى إلى الصراع في سوريا والذين يريدون كسب دعم أعضاء أقوياء على الساحة الدولية خاصة الولايات المتحدة». وقال الرئيس الروسي إنه على أوباما الحاصل على جائزة نوبل للسلام أن يتذكر تداعيات أي هجوم أميركي على المدنيين في سوريا. وأضاف أنه ينبغي للقوى العالمية أن تبحث الأزمة في سوريا في اجتماع مجموعة العشرين للدول النامية والمتقدمة في سان بطرسبرغ الأسبوع المقبل.

وتابع: «هذا (قمة مجموعة العشرين) منتدى جيد لبحث المشكلة. لما لا نستغله؟».

لكن الموقف الروسي وكذلك الصيني من الأزمة السورية لقيا انتقادات من المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل التي اعتبرت في مقابلة نشرت أمس أن هاتين الدولتين أضعفتا سلطة الأمم المتحدة. وقالت ميركل في مقابلة مع صحيفة «أوغسبرغر الغيماينه» إنه «من المؤسف جدا أن روسيا والصين ترفضان منذ بعض الوقت موقفا مشتركا حول النزاع السوري. هذا يضعف بشكل كبير دور الأمم المتحدة». وعرقلت روسيا والصين الدولتان الدائمتا العضوية في مجلس الأمن الدولي مع فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة، تبني مشاريع قرارات في مجلس الأمن الدولي لإدانة نظام الرئيس السوري بشار الأسد. وهما تعارضان أي تدخل عسكري ضد سوريا.

من جانبه وفي مقابلة تنشرها صحيفة «فيلت آم سونتاغ» الأحد، وجه وزير الخارجية الألماني غيدو فسترفيلي نداء ملحا إلى موسكو، وقال إن «الذي يغض النظر بعد استخدام مثل هذه الأسلحة (الكيماوية) يشجع على استخدامها. لذلك ندعو روسيا إلى أن توجه مع الأسرة الدولية إشارة قوية». وفي المقابلة مع «أوغسبرغر الغماينه»، قالت ميركل إن استخدام أسلحة كيميائية في سوريا «كسر أحد المحرمات» التي «لا يمكن أن تبقى بلا عواقب»، لكنها استبعدت مجددا وبشكل قاطع أي مشاركة ألمانية في تدخل عسكري من دون تفويض دولي. وأكدت المستشارة الألمانية أن بلادها «لا يمكن أن تشارك في تدخل عسكري إلا بتفويض من الأمم المتحدة أو حلف شمال الأطلسي أو الاتحاد الأوروبي. لذلك فإن مسألة مشاركة الجيش الألماني غير مطروحة حاليا».