لبنان: شركات طيران تلغي رحلاتها الليلية ودول تدعو رعاياها لمغادرته

معلومات عن خروج 14 ألف شخص في يوم واحد معظمهم من الأوروبيين

سوريون يستقلون حافلة يدخلون من معبر المصنع الحدودي إلى لبنان أمس (أ.ف.ب)
TT

على وقع التحذيرات الأمنية من انعكاسات الضربة العسكرية الأميركية المتوقعة على سوريا، كان قرار بعض الدول إلغاء رحلاتها الليلية من وإلى لبنان، فيما لم تغب تداعيات الضربة «الاستباقية» على قاعات المغادرة في مطار رفيق الحريري الدولي في بيروت وذلك من خلال زحمة المسافرين من السياح والمغتربين. ونقل مصدر أمني لبناني أن 14 ألف شخص غادروا لبنان يوم الخميس الماضي ومعظمهم أوروبيون.

وعلى الرغم من أنّ هذا «المشهد المزدحم» ليس غريبا أو جديدا في لبنان بعد فترة العطلة في فصل الصيف، فإن الخوف من أي انعكاسات سلبية للضربة على لبنان جعل الكثير من المسافرين يعمدون إلى طلب تعديل مواعيد حجوزاتهم والاستعجال في المغادرة خوفا من أن تؤثّر أي ضربة عسكرية على سوريا سلبا على بيروت وتحديدا على المطار، وهذا ما لفت إليه مسؤول الإعلام في المطار بهجت عواضة لـ«الشرق الأوسط» مشيرا إلى أن «الأنباء حول الضربة العسكرية ساهمت في زيادة الطلب على تقديم مواعيد المغادرة، لكن هذا الأمر لم يكن متوفرا في كثير من الحالات، لا سيما في مرحلة الذروة مثل هذا الشهر الذي تكون فيه الحجوزات كاملة ولا مكان لأي حجز إضافي».

مع العلم أنّه ومنذ بدء الأزمة السورية قبل أكثر من سنتين، تحوّل مطار بيروت إلى معبر بديل عن مطار دمشق للمواطنين السوريين المتنقلين من وإلى سوريا، إضافة إلى المسافرين العرب والأجانب، وهو الأمر الذي من المتوقع أن تزيد وطأته في حال تمّت الضربة وقرّر المزيد من السوريين أو الرعايا الأجانب المغادرة.

في موازاة هذه الإجراءات، كانت شركات الطيران التابعة لبعض الدول ولا سيما تلك التي لها علاقة بشكل أو بآخر بالضربة العسكرية على سوريا، تعدّل في مواعيد رحلاتها من وإلى لبنان تجنبا لإبقاء طائراتها ليلا في المطار، فيما أطلقت دول أخرى تحذيراتها لرعاياها طالبة منهم عدم التوجه إلى لبنان أو مغادرته فورا، فيما قررت دولة الكويت، وبعدما طلبت من مواطنيها مغادرة لبنان، إرسال طائرتين لإجلائهم.

كذلك، ألغت كل من فرنسا وقبرص وبريطانيا رحلاتها الليلية واكتفت بالنهارية منها، فيما لم يتخذ أي قرار بإلغاء الرحلات نهائيا لغاية الآن لا سيّما أن معظم الحجوزات شبه كاملة، وفق ما أكد عواضة في حديثه لـ«الشرق الأوسط» مشيرا في الوقت عينه إلى أنّ الرحلات التابعة لـ«خطوط الشرق الأوسط MEA»، من وإلى هذه الدول وغيرها، لا تزال كما هي من دون أي تعديل. كذلك، وللأسباب نفسها، دعت كل من بريطانيا والبحرين رعاياهما إلى عدم السفر إلى لبنان، وحذرت بريطانيا من تدهور أمني مفاجئ، فيما نفت شركة «الخطوط الجوية البريطانية» في بيان لها أن «تكون ألغت رحلاتها إلى بيروت»، وأوضحت أنها «لم تغير جدول رحلاتها بل أبقته على ما هو عليه»، مشيرة إلى أن «رحلاتها إلى بيروت مستمرة كالعادة، لكننا أصبحنا أكثر ليونة لجهة المسافرين الراغبين بإلغاء حجوزاتهم»، وأكدت أنها «على تواصل مستمر مع الحكومة البريطانية، وتبقى خدماتها من وإلى لبنان قيد المراجعة الدائمة».

ونصحت لندن مواطنيها بعدم السفر إلى لبنان إلا في حالات الضرورة القصوى، محذرة الموجودين منهم في لبنان من الذهاب إلى أماكن ومناطق محددة، وتحديدا، طرابلس والمخيمات الفلسطينية والحدود اللبنانية - السورية وبعلبك والهرمل وعرسال والضاحية الجنوبية لبيروت، مؤكدة أن هذا التحذير هو بسبب الخطر الداهم من قبل الإرهابيين، داعية البريطانيين إلى المغادرة في حال لم يكن وجودهم في لبنان ضروريا.

وجاء تحذير البحرين لمواطنيها من السفر إلى لبنان والطلب من الموجدين منهم المغادرة فورا، بسبب الأحداث التي تمر بها المنطقة، وفق ما جاء في بيان صدر عن الخارجية البحرينية، لافتة إلى أن «هذا التحذير يأتي انطلاقا من حرصها على سلامة المواطنين خصوصا مع تعاظم المخاوف من تأثير تداعيات الأزمة السورية على لبنان».

وكانت «الخطوط الجوية القبرصية» قد أعلنت أيضا، أنها ستلغي رحلاتها المسائية إلى بيروت ليتغير توقيتها إلى الفجر بسبب التوتر الناجم عن احتمال توجيه الأسرة الدولية ضربة عسكرية ضد سوريا. وقالت الشركة في بيان لها إن الرحلات الست الأسبوعية بين لارنكا وبيروت ستقلع في الساعة الخامسة والربع بعد الظهر بدلا من الساعة الثامنة والنصف مساء «لكي لا تبقى الطائرة طوال الليل متوقفة في مطار بيروت». كذلك، أعلنت الحكومة القبرصية أنها مستعدة لاستقبال أجانب يفرون من لبنان في حال حصول عملية عسكرية غربية ضد سوريا. في المقابل، أعلنت «الخطوط الجوية البولونية» في لبنان، في بيان لها أنها «لم تلغ أي رحلة من رحلاتها ولن تجري أي تعديل في مواعيد رحلاتها، وأنها مستمرة بتسيير رحلاتها بشكل عادي وطبيعي».

من جهة أخرى، ذكرت «وكالة الأنباء المركزية» نقلا عن مصادر أمنية واسعة الاطلاع أن طائرة مجهولة الهوية والمصدر عبرت ليل أول من أمس الأجواء اللبنانية على طول الساحل من الشمال في اتجاه الجنوب وعلى علو منخفض ومرت فوق المدرج رقم 21 في مطار رفيق الحريري الدولي من دون أن يتمكن أي رادار من رصدها.

وأوضحت المعلومات أن الطائرة المجهولة التي «حيّرت» أجهزة الرصد في مطار بيروت وشغلت القادة الأمنيين لم تحصل على إذن لعبور الأجواء اللبنانية، ولم يسمع لها صوت، مما ترك علامات استفهام واسعة حول الجهة التي أطلقتها ومن في داخلها ولمصلحة من عبرت أجواء لبنان، خصوصا أن توقيت تحليقها تزامن مع ارتفاع منسوب الحديث عن توجيه ضربة غربية لسوريا خلال أيام.