البطل السعودي ياسر السعيدان لـ «الشرق الأوسط»: تهنئة خادم الحرمين عوضت غيابي عن الإعلام 12 عاما

قال إن حمله وسام الملك عبد العزيز من الدرجة الأولى شرف لن ينساه أبدا

TT

حقق الشاب السعودي ياسر بن حمد السعيدان قائد فريق «عالم السرعة» إنجازا عالميا جديدا للسعودية، بعد تحقيقه كأس العالم للراليات الصحراوية فئة «تي 3»، وسط منافسة عالمية قوية، وقد حظي الإنجاز بردود فعل دولية، بدأت بتهنئة خاصة من خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، الذي بعث برسالة خاصة لابن سعيدان، كما ألحقها خادم الحرمين بتوجيه كريم منه بمنح المتسابق العالمي وسام الملك عبد العزيز من الدرجة الأولى، وهو أحد الأوسمة الرفيعة التي تمنح لشخصيات حققت إنجازات كبيرة.

«الشرق الأوسط» التقت البطل العالمي ابن سعيدان، وأجرت معه حوارا موسعا، عرف خلاله البطل عن نفسه وعن بداياته، وأسباب غيابه طوال 12 عاما، وهي مدة احترافه لقيادة السيارات، عن الإعلام، كما تطرق إلى تفاصيل تحقيقه للبطولة العالمية، وكيفية بداية تحوله من عالم الهواية إلى الاحتراف، وتفاصيل أخرى في الأسطر المقبلة.

* بداية أطلعنا على بطاقتك الشخصية.

- أنا ياسر بن حمد السعيدان، 36 سنة، متزوج ولدي خمسة أبناء، وأعمل نائبا لمدير عام «شركة حمد بن سعيدان وأولاده»، وأنا في الوقت ذاته قائد محترف في سباق رالي الصحراء.

* منذ متى بدأت احتراف سباق رالي الصحراء؟

- كان ذلك عام 2001، وهو ما يعني احترافي لهذه الرياضة لمدة 12 عاما، وهو ما يعني أيضا أنني شاركت في هذه النوعية من السباقات قبل نشأة اتحاد السيارات السعودي، وكانت البداية مع الدراجات النارية.

* وكيف كانت البداية؟

- كانت في الدراجات النارية، وكنت أشارك في سباقات مختلفة في دول قطر والكويت والإمارات، كما شاركت في سباقات أخرى في السعودية، واستمر ذلك حتى عام 2010. بعد ذلك توقفت راليات الدراجات النارية، عندها اضطررت إلى التحول للمشاركة في سباقات السيارات.

* وماذا عن علاقتك بالسيارات قبل الاحتراف؟

- يكاد لا يخلو منزل في السعودية من السيارات، ومن الطبيعي أن يكون الشباب من محبي قيادتها وتعلم فنونها حتى قبل السن المناسبة للقيادة، وعني شخصيا كنت أهوى قيادة السيارات منذ سن مبكرة، وكنت أحاول تعلم فنونها في الساحات البرية في المنطقة التي أسكنها، أو في المزرعة الخاصة بنا، وكان ذلك منذ سن مبكرة جدا، وأتذكر ذلك في سن السادسة، وأتوقع أن الساحات البرية، خاصة أن مساحتها كبيرة لدينا في السعودية، أفادتني كثيرا في تعلم فنون القيادة، وهي أفضل مكان لتعلم القيادة في نظري.

* وكيف كان دعم العائلة لك؟

- بلا شك هم السند الأول بعد الله، فوالدي (حفظه الله) كان من محبي البر، وكنا نتوجه إليه في إجازة نهاية الأسبوع، وكان يلاحظ تعلقنا بقيادة السيارات والدراجات، فكان يوفرها لنا، وكنت أمارس هوايتي بشكل مكثف في إجازة الأسبوع فصقلت مهارتي، ولكن طموحي زاد للمشاركة في مسابقات رسمية فعملت على الوصول لهذا الهدف.

* ما نقطة التحول بالنسبة إليك لممارسة القيادة بشكل رسمي؟

- أتوقع أنها كانت في عام 2001 عندما التقيت الكابتن أحمد الشقاوي، وهو أحد أبطال قيادة السيارات، وحصل على بطولة رالي حائل لمدة سنتين، في مسابقة السيارات «تي 2»، وبين لي أن المجال متاح أمامي للمشاركة في السباقات بشكل رسمي، فكونا فريقا واحدا، أنا أمثل في قيادة الدراجات النارية، وهو يمثل قيادة السيارات، وكانت محطتنا الأولى في رالي قطر، والحمد لله كانت البداية موفقة وحققت المركز الثالث في رالي قطر، كأول سعودي يحقق ذلك المركز خارج السعودية، حيث إن تنظيم السباقات في السعودية لم يتم إلا في عام 2004. ولم ينشأ اتحاد السيارات في تلك الفترة.

* وما أنواع السباقات المتاحة أمامك؟

- الرالي نوعان، السباقات غير الصحراوية، والنوع الثاني السباقات الصحراوية وهذا النوع ينقسم إلى 6 فئات، منها 3 فئات للسيارات وهي «تي 1»، «تي 2»، «تي 3»، أما «تي 4» فهي مخصصة للشاحنات، وهناك فئات الدراجات النارية، الموترسايل المخصص للعجلتين، وهناك الكواد لأربع عجلات.

* حققت إنجازا كبيرا وعالميا بتحقيق بطولة العالم.. ولكن أين كنت قبل ذلك فالمعلومات عنك شحيحة؟

- أتوقع أن هذا الجانب هو بسبب تقصير الإعلام تجاهنا وتجاه رياضة الرالي، فمنذ عام 2001 وحتى الآن قرابة الـ12 عاما ونحن نشارك في سباقات رسمية، وبعد ذلك عند إنشاء الاتحاد السعودي لرياضة السيارات انضممنا رسميا تحت مظلته، وأصبحت أي مشاركة لنا بعلم وموافقة من الاتحاد، والإعلام لدينا في السعودية يركز على رياضة كرة القدم فحسب ويهمل بقية الرياضات ومن ضمنها سباق السيارات، رغم أن رياضة السيارات بدأت تقفز عاليا وتحقق إنجازات على مستوى القارة والعالم، وسبقت اتحادات رياضية أخرى في السعودية، وربما أن إنجازي العالمي الذي حققته أخيرا في سنة واحدة هو الذي جعل الإعلام يهتم بمعرفة شيء عني، وما عوض ذلك كله وأكد الاهتمام التهنئة الكريمة التي تلقيتها من قبل خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله، حيث ركزت تغطية الإعلام على الحدث العالمي، وكذلك عوضتني شخصيا عن غياب الإعلام 12 عاما، وبالنسبة إلى فإن تهنئة الملك ووسام الملك عبد العزيز هما أكبر إنجاز في حياتي وأشكر الله عليه.

* في عام واحد حققت إنجازات مميزة.. هل يمكن أن تسلط الضوء عليها؟

- حققت المركز الأول في رالي حائل في سباقات «تي 3»، بالإضافة إلى بطولة العالم، وبالمناسبة أنا أحد أفراد أكبر فريق سعودي للراليات، بفئات مختلفة، وحققنا أربعة مراكز بطولة في رالي حائل، حيث حقق زميلي أحمد الشيقاي الأول في سباقات «تي 2»، وعاطف الزواوي الأول في الكواد، وأخيرا حقق زميلي راكان الثاني في الكواد، أما على مستوى العالم فنأتي في المرتبة الخامسة في سلم الترتيب كفريق، وهذا إنجاز غير سهل ولله الحمد، وعلى الصعيد الشخصي حققت المركز الأول في سباق تحدي الصحراء في الإمارات، والمركز العاشر (أفرول)، وهذا الحدث هو الأول من نوعه، أن يأخذ متسابق من سباقات فئة «تي3» إحدى المراتب العشر الأولى على مستوى العالم، كما أنني أول متسابق سعودي يتوج بطلا في «ديزرت تشالنج» سباق تحدي الصحراء في الإمارات، كما أنني حققت المركز الأول في رالي قطر لهذا العام أيضا.

* كأنك تعتب على الإعلام في تغطية المسابقات التي شاركت بها؟

- بصدق إنجازي الحقيقي هو تهنئة الملك عبد الله ووسام الملك عبد العزيز، وهو في الوقت نفسه السبب في تغطية إعلامية مكثفة، وأتذكر أنني حققت إنجازات متنوعة والإعلام غائب عن التغطية، ولكن الآن أنا مرتاح، لأنني لو قررت اعتزال رياضة السباقات، فسأكون قد حققت إنجازا ثمينا متمثلا في تهنئة الملك عبد الله وتشريفه لي بمنحي وسام الملك عبد العزيز من الدرجة الأولى، وهذا الشرف العظيم هو لأسرتي ولكافة الرياضيين، ومحبي رياضة السيارات على وجه الخصوص.

* هل كنت تتوقع هذا التكريم؟

- بصدق هو بمثابة الحلم الذي لم أصدقه، فتخيل أن شخصا بحجم ومكانة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله، على المستوى العالمي، وفي ظل الأزمات التي يمر بها العالم، ورغم مشغولياته، يصر على متابعة شعبه وأبنائه الشباب، ويكرمني هذا التكريم، سواء بالتهنئة الخاصة، أو بمنحي وسام الملك عبد العزيز، بل إن أول تهنئة رسمية حصلت عليها هي من الملك عبد الله، هو موقف لا أستطيع وصفه.

* كيف تلقيت الخبر؟

- تلقيت رسالة على هاتفي تبلغني بأن الملك عبد الله يهنئني على الإنجاز، وفي البداية ظننت أن أحدهم يريد ممازحتي، ولا أخفيكم سرا أنني انزعجت من ذلك، لأنه موضوع جدي بالنسبة إلي، ولكنني حاولت الدخول على مواقع الإنترنت، ثم دخلت موقع وكالة الأنباء السعودية، وإذا بالخبر حقيقي، وقتها لم أحتمل الفرحة، والشرف العظيم الذي حظيت به من خادم الحرمين الشريفين، حينها اتصلت بمرسل الرسالة وشكرته كثيرا على نقله أسعد خبر تلقيته في حياتي.

* كيف ترى الجهد الذي بذلته في تحقيق إنجاز بطولة العالم لسباق السيارات؟

- هذا الإنجاز هو من أعظم البطولات السعودية على المستوى العالمي، ولله الحمد، ولكن هناك نقطة مهمة، وهي أن قائد السيارة في السباقات هو بمثابة الهداف في كرة القدم، حيث تنهال عليه الأضواء، ولكن الحقيقة هناك زملاء ساندوه في ذلك من صانع الهجمات، ولاعب الوسط والمدافع وكذلك حارس المرمى، وهذا الشيء تماما ما يحصل في سباق السيارات فليس القائد وحده هو محقق الإنجاز، فهناك فريق عمل كامل، وأي تقصير من الأفراد يؤثر على النتيجة النهائية، فالقائد لديه مساعد أو الملاح كما يطلق عليه، وفي السيارة التي أقودها الملاح الذي معي هو من الجنسية الفرنسية، وسبق أن حقق بطولة العالم، وهناك أيضا فريق الفنيين المهتمين بصيانة السيارة، وهناك الفريق الإداري، وبالمناسبة كل قائد لديه فريقه الخاص به.

* ماذا عن الدعم المادي في مثل هذه الرياضة؟

- هو دعم ذاتي، لذلك يطلق على هذا النوع من الرياضات «رياضة الأغنياء»؛ لأن الشخص هو من يعتمد على حصيلته المالية في ممارسة هذه الرياضة، وهي أعلى تكلفة مالية بين بقية الرياضات، لذلك فهي ليست متاحة لأي شخص، لأنها تعتمد على الدعم المادي بنسبة 70 في المائة، والنسبة المتبقية للمهارة الرياضية، وهناك دعم من بعض الشركات، لكنه يحتاج إلى أن يصل السائق إلى مرحلة متقدمة من الإنجازات حتى يثق به الداعمون من الخارج، وبالمناسبة رأيت متسابقين سعوديين متميزين ولديهم مهارة عالية، ربما أفضل من الموجودين في الساحة، أو أفضل مني شخصيا، ولكنهم يحتاجون إلى الصبر، والتطوير، والفاصل هو تحقيق الإنجازات حتى يكسبوا ثقة المتابع الرياضي والداعمين أيضا.

* كيف تكون استعداداتك عامة في السباقات؟ وماذا عن بطولة العالم الأخيرة التي حققتها؟

- بداية هناك استعداد لياقي خاص بعيدا عن السيارة، فأنا أراقب وزني، وأحاول أن أصل إلى الوزن المثالي، وأقوم بتدريبات للياقة البدنية، بعد ذلك برنامج لتقوية العضلات، أما فيما يتعلق بجوانب القيادة، فأنا أتوجه بشكل متكرر إلى المساحات الصحراوية لممارسة القيادة، لتدارك الأخطاء في اللحظات الصعبة التي نواجهها في السباق.

* وماذا عن بطولة العالم للرالي الصحراوي ونظامها؟

- هي تتكون من 8 جولات، 5 جولات منها في الدول الأوروبية والثلاث المتبقية في الدول العربية، وتمثلت في الإمارات وقطر ومصر، ويطلق على الجولات التي في الدول العربية (كونتري كروس)، وهي بالطبع أطول من جولات الدول الأوروبية كونها في الصحارى، بسبب المسافات الطويلة والجولة الواحدة تأخذ من ثلاثة أيام إلى أربعة، لذلك النقاط مضاعفة في جولات الدول العربية، عن غيرها من الجولات التي تقام في الدول الأوروبية.

* أخيرا ماذا تقول؟

- أقدم الشكر الجزيل لمقام خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، على الشرف الكبير الذي منحني إياه باهتمامه الكبير وتهنئته الخاصة، وكذلك منحي وساما غاليا لدينا، وهو وسام الملك عبد العزيز من الدرجة الأولى، كما أشكر الأمير مقرن بن عبد العزيز الذي سلمني الوسام، وأعطاني الكثير من الوقت أثناء استقباله لي، وسمعت منه الكثير من الثناء والنصائح.