الأمم المتحدة توثق تسع مجازر ارتكبها النظام والمعارضة العام الماضي

«المرصد السوري» يحمل مسلحي «النصرة» مسؤولية قتل 12 علويا في ريف حمص

لاجئون سوريون يغادرون بيروت عبر مطار رفيق الحريري أمس متوجهين إلى ألمانيا (أ.ب)
TT

أعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان مقتل 12 علويا في ريف حمص الشرقي، قبل أن تشتعل الجبهة بالاشتباكات بين مسلحين معارضين والقوات الحكومية في منطقة تشهد توترات طائفية منذ شهرين، في وقت أعلن فيه تقرير للأمم المتحدة أن هناك أدلة تؤكد ارتكاب قوات الحكومة السورية ومؤيديها ثماني مذابح على الأقل في سوريا، وارتكاب مسلحي المعارضة مذبحة واحدة خلال العام الماضي، وذلك في «قتل جماعي متعمد».

وأفاد المرصد السوري بأن «جبهة النصرة» مسؤولة عن قتل 12 علويا خلال سيطرتها لعدة ساعات على قرية مكسر الحصان بريف المخرم في ريف حمص الشرقي، أول من أمس، حيث دارت اشتباكات عنيفة لاحقا بين جبهة النصرة وكتيبة مقاتلة من جهة، والقوات النظامية من جهة أخرى، تمكنت القوات النظامية على أثرها من السيطرة على القرية.

لكن المعارضة السورية شككت في وقوع حادثة القتل المتعمد التي أكدتها وكالة «سانا» الرسمية السورية للأنباء. وقال عضو المجلس العسكري في حمص خالد بكار لـ«الشرق الأوسط»: «إننا لم نتأكد من وقوع المجزرة بحق العلويين»، معتبرا أن النظام السوري «يحاول تغذية الوتيرة الطائفية، والترويج لأخبار من هذا النوع، لتأكيد ادعاءاته بأن الثوار إرهابيون».

ولا تنفي مصادر المعارضة السورية «حصول تجاوزات من قبل المسلحين». وإذ نفى بكار علم المجلس العسكري في حمص بالمجزرة، أعرب عن انزعاج المعارضة من «تجاهل المجتمع الدولي لارتكابات القوات النظامية بحق السكان والمدنيين، وإشغال الناس بقضية السلاح الكيماوي وقصف سوريا».

وأكدت دمشق حصول الواقعة في ريف حمص الشرقي، حيث أعلنت وكالة «سانا» أن وحدات من الجيش النظامي استعادت السيطرة على قرية مكسر الحصان بريف المخرم في ريف حمص. وقال مصدر عسكري إن وحدة من الجيش النظامي «قضت على عدد كبير من الإرهابيين ودمرت أدوات إجرامهم»، لافتا إلى أن «إرهابيين كانوا اعتدوا على أهالي مكسر الحصان في ناحية جب الجراح، وارتكبوا مجزرة بحقهم، حيث استشهد 12 مواطنا وعاثوا فيها تخريبا»، كما لاحقت وحدة من الجيش «مجموعة إرهابية مسلحة جنوب وادي السايح وأوقعت أفرادها بين قتيل ومصاب، فيما تصدت وحدة أخرى لمحاولة إرهابيين الاعتداء على عدد من النقاط العسكرية في المشرفة، ما أدى إلى مقتل وإصابة عدد منهم».

وتعرف هذه المنطقة باختلاطها، حيث تسكنها أغلبية علوية، وتتهم المعارضة قرى العلويين بأنها باتت ملجأ للميليشيات الحكومية المعروفة بـ«الشبيحة». ويقول المتحدث باسم القيادة العليا للجيش الحر قاسم سعد الدين لـ«الشرق الأوسط» إن المنطقة «تسكنها أغلبية علوية، وهي محمية من القوات النظامية بشكل كبير»، مؤكدا أن اختراقها من قبل مسلحي المعارضة «صعب»، وموضحا أن «تواجد الشبيحة الكثيف فيها يزيد صعوبة الوصول إليها».

لكن هذا الواقع لا يعني أن المعارضة لا تشن عمليات عسكرية فيها، فقد بدأت قرى شرق حمص تتعرض لهجمات القوات المعارضة منذ بدء الحملة العسكرية النظامية على أحياء حمص الداخلية، وبينها أحياء هود، الخالدية، وبابا عمرو... وبحكم التنوع الطائفي في ريف المخرم التابع لمحافظة حمص، توجد قوات المعارضة في أكثر من مكان، في حين لا تشهد وجودا كثيفا للمتشددين. ويقول سعد الدين: «إن المقاتلين الإسلاميين لا يتواجدون بكثافة في حمص، كما أن أعدادهم في هذه المنطقة شرق حمص قليلة».

والى جانب حادثة ريف حمص، أعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان قتل مسلحين مجهولين فجر أمس عائلة من أربعة أشخاص: الأب والأم وطفليهما، من سكان قرية المتراس التي يقطنها مواطنون من التركمان السنة، في حين كانوا يعملون في مزرعة تقع قرب قرية تنورين التي تقطنها أغلبية من أتباع الديانة المسيحية. وأشار المرصد إلى أن تنورين «تشهد حالات نزوح تخوفا من ردود فعل على الجريمة بحق العائلة».

في هذا الوقت، قالت لجنة الأمم المتحدة التي تحقق في انتهاكات حقوق الإنسان في سوريا: «تأكد وقوع قتل جماعي متعمد، وحددت هوية المرتكبين بحسب معايير الإثبات لدى اللجنة». وأشار معدو آخر تقرير أصدرته اللجنة أمس إلى أن أعضاء اللجنة الأربعة «حققوا أيضا في تسع حوادث قتل جماعية أخرى مشتبه بها منذ مارس (آذار)»، لا تشمل مجزرة الغوطة التي قيل إن النظام السوري استخدم فيها السلاح الكيماوي. وخلص التقرير إلى أن «القصف المدفعي بلا هوادة قتل آلاف المدنيين، وأدى إلى نزوح سكان مدن بأكملها. وإن قتلا غير مشروع، ومذابح ارتكبت وأفلت مرتكبوها من العقاب».

ولفت التقرير إلى أن «عددا غير محدد من الرجال والأطفال والنساء قد اختفوا»، كما «قتل كثيرون في الاعتقال، أما الناجون فلا يزالون يعانون من آثار الجروح والتعذيب جسديا ونفسيا، فضلا عن قصف مدارس ومستشفيات».