حماس تسعى إلى تغيير النهج الصدامي مع القاهرة

جراء ضغوط من الخارج.. وفي ظل المأزق الذي وصلت له في القطاع

TT

بدأت حركة حماس باتخاذ خطوات جديدة من شأنها تخفيف حدة التوتر مع القاهرة، عبر وقف أي فعاليات أو تصريحات أو خطابات، يمكنها أن تثير حفيظة القيادة المصرية الجديدة، وذلك بعد أن وصلت العلاقة إلى أدنى مستوياتها في الأعوام القليلة الماضية.

وقالت مصادر مطلعة في غزة، لـ«الشرق الأوسط» إن «ضغوطا من قيادة حماس في الخارج مورست على قيادة حماس في الداخل، من أجل التوقف عن إثارة غضب السلطات المصرية، سواء من خلال مهاجمة القيادة الجديدة، عبر المساجد ووسائل الإعلام في والمسيرات الشعبية، أو عبر رفع صور الرئيس المعزول محمد مرسي، وتبني خطاب الإخوان المسلمين في مصر، وإبراز علامة رابعة في المسيرات ووسائل الإعلام».

وترجمت أولى الخطوات أمس، بقرار من وزير الأوقاف في الحكومة المقالة، إسماعيل رضوان، بتجنب الخطباء والوعاظ التعرض إلى الشأن الداخلي المصري.

وقال بيان للوزارة: «يمكن أن نتحدث في الإطار الإيماني والحديث عن الابتلاءات والثقة بالله وحقن الدماء في مثل هذه القضايا».

وأضاف البيان: «نذكر بضرورة الانضباط والالتزام بتعليمات وزارة الأوقاف والتركيز على الاعتداءات الإسرائيلية بحق الفلسطينيين وخصوصا في القدس».

وتابع البيان: «لا بد أن يحرص الخطيب على اختيار الموضوع الذي يناسب أحوال الناس وملامسة همومهم ومعالجة قضايا الناس والمزج بين التربية والإيمانية والروحانية وما بين توجيه الناس إلى ما يصلح أحوالهم ومعاشهم وآخرتهم من خلال طرح الموضوع المناسب، والابتعاد عن الموضوعات الجدلية والخلافية والبعد عن التنفير والتكفير والسب والشتائم».

وخلال الأزمة الأخيرة في مصر وحتى الجمعة الماضي، كانت المساجد في القطاع منابر مهمة لمهاجمة النظام المصري الجديد ودعم «الإخوان المسلمين».

ولم تخف حماس عبر خطب الجمعة، أو عبر وسائل الإعلام وفي مسيرات شعبية وعسكرية، مساندتها لموقف «الإخوان المسلمين» في مصر، إلى الحد الذي اتهمت معه من جهات مصرية وفلسطينية، بالتدخل مباشرة في الشأن المصري.

وأمس فقط، طلبت حركة فتح من حماس، وقف بث «الفتن والتحريض ضد الجيش المصري العظيم والشعب المصري عبر فضائيات حماس ووسائل إعلامها المختلفة».

وقالت فتح في بيان صحافي إن «فضائيات حماس، خصوصا القدس والأقصى، تقوم بالتحريض اليومي وعلى مدار الساعة عبر برامج مختلفة، على الشعب المصري وجيشه الوطني».

واعتبرت الحركة أن «هذا التحريض تدخل سافر في شؤون مصر وانحياز لأحد الأطراف الداخلية المصرية (جماعة الإخوان المسلمين)، وتجاوز خطير وانتهاك لمبدأ الإعلام الوطني التحرري، ويبعث على الكراهية والأحقاد والتسبب في إراقة الدماء»، مذكرة بأن «الجيش المصري الوطني كان وما زال يعبر عن إرادة أمة تطمح أن يكون لها مكان تحت الشمس».

وتابعت قائلة: «على حماس أن تعلم جيدا أنها ارتكبت جرائم كبيرة بحق شعبنا، من خلال سياستها غير المسؤولة وتدخلاتها في الشؤون العربية، وأدخلت نفسها في حسابات إقليمية غير محسوبة العواقب، وقبلت لنفسها أن تكون أداة في أيدي أنظمة متعددة، وسرعان ما تخلت عنها في أول عاصفة وانتقلت إلى المحور المضاد ففقدت المصداقية عند كل الأطراف».

ويمر حكم حماس في غزة، بأسوأ فتراته على الإطلاق منذ ست سنوات، بعدما أحكم الجيش المصري قبضته على معبر رفح البري، ودمر أنفاق التهريب التي كانت تدر لحزينة حماس أمولا طائلة، وأقام منطقة أمنية عازلة، وراح يضرب في عمق سيناء.

وطالما اشتكت حماس من أن الخناق الحالي الذي تعانيه على صعد مختلفة ليس مسبوقا وقد مس بقدراتها التنظيمية والمالية والسيادية.

وأغلقت السلطات المصرية معبر رفح البري بين مصر والقطاع، حتى إشعار آخر، في أعقاب مقتل أربعة جنود مصريين في سيناء.

وقال الجانب المصري إن إغلاق المعبر بسبب الأوضاع الأمنية والأحداث الحالية في رفح المصرية.

ويبدو أن حماس قررت تغيير نهجها في التعامل مع الوضع المصري الجديد.

وقالت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية، أمس، إن عضو المكتب السياسي لحركة حماس، موسى أبو مرزوق، الموجود في القاهرة، أرسل رسالة غاضبة لقيادة الحركة في غزة، حذر فيها من استمرار مظاهر تأييد «الإخوان المسلمين» في مصر، وطالبهم بوقف كل النشاطات التي تنطوي على دعم الرئيس المعزول محمد مرسي أو «الإخوان».

وجاءت رسالة أبو مرزوق كما يبدو إثر الغضب الكبير في مصر من عرض عسكري نظمته كتائب القسام التابعة لحماس في غزة الجمعة الماضية، ورفع فيها المسلحون شعار «رابعة».

وكان أبو مرزوق نفسه اعتبر رفع صور مرسي في المسجد الأقصى من قبل أنصار حماس، ورفع شعار «رابعة» في مسيرات القسام العسكرية، إضافة إلى مهاجمة الفريق أول عبد الفتاح السيسي، خطأ فرديا ومعيبا ويستوجب المحاسبة.