القائم بأعمال رئيس حزب جماعة الإخوان يلمح لإمكانية الاعتراف بخارطة الطريق

سياسيون رحبوا به وشككوا في تأثيره داخل الجماعة

د. رفيق حبيب
TT

قال الدكتور رفيق حبيب، القائم بأعمال رئيس حزب الحرية والعدالة، الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين في مصر، إن المشاركة في الاستفتاء على التعديلات الدستورية المقبلة، هي أحد البدائل المطروحة لكسر ما وصفه بـ«الانقلاب العسكري»، في أول إشارة لإمكانية انخراط الجماعة في العملية السياسية في البلاد وخارطة الطريق التي أدت إلى عزل الرئيس السابق محمد مرسي.

ونشرت صحيفة «الحرية والعدالة» في عددها أمس الجزء الثاني من دراسة لحبيب طرح فيها سيناريوهات ما سماه «كسر الانقلاب»، والتي حدد فيها السيناريو البديل عن الثورة التقليدية، والذي وصفه بـ«الثورة الديمقراطية»، حيث تحدث المفكر القبطي المنتمي لجماعة الإخوان عن إسقاط الدستور عبر صناديق الاقتراع.

وجرى عزل مرسي في 3 يوليو (تموز) الماضي، تحت ضغط المظاهرات الشعبية. ووضع الجيش بمشاركة قوى سياسية ورموز دينية «خارطة طريق» تضمنت إجراء تعديلات على دستور 2012 المعطل، وإجراء انتخابات برلمانية ورئاسية.

وترفض جماعة الإخوان عزل مرسي والإجراءات التي ترتبت على ذلك، وتقول إنها تعتزم إسقاط «الانقلاب» عبر المظاهرات الشعبية. ويُعد موقف حبيب أول إشارة على إمكانية قبول الجماعة المشاركة في العملية السياسية.

ورفض حبيب التعليق، قائلا لـ«الشرق الأوسط» إنه «لا يدلي بأي تصريحات صحافية حاليا».

واستقال حبيب نهاية العام الماضي من منصب مستشار مرسي، وكذلك من منصبه كنائب لرئيس حزب الحرية والعدالة، عقب يوم واحد من اعتداء أنصار الإخوان على المعتصمين أمام قصر الاتحادية الرئاسي، في 5 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

لكن مصادر مطلعة داخل حزب الحرية والعدالة أكدت لـ«الشرق الأوسط» أمس قبول حبيب العودة إلى الحزب، ليصبح قائما بأعمال رئيس الحزب الدكتور سعد الكتاتني المحبوس احتياطيا على ذمة عدد من القضايا الجنائية.

وقال حبيب في دراسته التي توالي صحيفة «الحرية والعدالة» نشرها إنه «إذا استمر الانقلاب العسكري في خريطة طريق الانقلاب على الثورة والديمقراطية، ووصل إلى مرحلة الاستفتاء على تعديلات دستورية تؤدي إلى عسكرة وعلمنة الدولة، تصبح حركة مناهضة الانقلاب أمام اختبار ديمقراطي فريد من نوعه، خاصة إذا كانت المؤشرات الأولية، تؤكد احتمال إجراء استفتاء نزيه».

وأشار إلى أنه «في حالة إجراء استفتاء نزيه تنتقل المعركة بين الانقلاب وحركة مناهضة الانقلاب من الشارع إلى صناديق الاقتراع، وداخل أدوات العملية الديمقراطية».

ورحب سياسيون بمشاركة جماعة الإخوان في العملية السياسية، وإن أبدوا تشككا في أن يكون تصور المفكر القبطي معبرا عن الاتجاه العام داخل جماعة الإخوان. وقال عبد الغفار شكر رئيس حزب التحالف الاشتراكي: «هذا أمر جيد جدا.. فمن المهم المشاركة في العملية السياسية وعدم مقاطعتها.. هذا نضال ديمقراطي شرط توقفهم عن انتهاج العنف».

وأعرب شكر عن اعتقاده بأن التيار الغالب داخل الإخوان ربما لن يؤيد تصور القائم بأعمال رئيس الحزب، قائلا: «سبق أن تنصل الإخوان من تصريحات للمتحدث الرسمي باسم الحزب حمزة زوبع».

وكان زوبع قد نشر في صفحة الرأي بصحيفة «الحرية والعدالة» أيضا مبادرة تضمنت الاعتراف بخطأ جماعة الإخوان المسلمين والرئيس السابق مرسي خلال عام من حكمه، والتنازل عن مطلب عودته إلى السلطة، مع ضمان مشاركة سياسية، والدعوة لمؤتمر مصالحة وطنية، واعتذار الجيش عن سقوط قتلى وجرحى».

وتذهب استراتيجية حبيب إلى ما هو أبعد من مبادرة زوبع، إذ يقبل القائم بأعمال رئيس حزب الحرية والعدالة ببدء نضال سياسي إذا ما تم إقرار الدستور في إطار استفتاء نزيه.

وقال حبيب في رؤيته للمرحلة المقبلة إنه «إذا أجري استفتاء نزيه وحر، ووافقت الأغلبية على عسكرة وعلمنة الدولة، مما يعني أن حالة تغييب الوعي قد وصلت مرحلة حرجة بالفعل، وهو أمر أقل احتمالا، فإن حركة مناهضة الانقلاب سوف تواجه تحديا مهما حيث يصبح عليها العمل من خلال ما أقر بإرادة شعبية حرة».

ويرى الدكتور حسن نافعة أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة أن جماعة الإخوان المسلمين تعتمد حاليا على استراتيجية استنزاف الدولة من أجل إسقاطها، بعد أن فقدوا الأمل في العودة إلى السلطة.

ويضيف نافعة أن الأزمة الحالية في البلاد تكمن في أن الحكومة المصرية لديها أزمات كبرى بالفعل، وهو ما يجعل رهان الإخوان أكبر فيما يتعلق بمحاولة استنزافها، لكن هذا يؤدي إلى ما يعتبره «إفشالا متبادلا» لا يؤدي إلى حل للأزمة.

من جانبه، قال الدكتور رفعت السعيد رئيس حزب التجمع السابق إن «الإخوان يشعرون بالعزلة، خاصة أنهم يكتشفون كل يوم الغضب الشعبي المتنامي تجاههم.. فالجماعة مرت بمحن كبرى عندما اصطدمت بالملك فاروق، وجمال عبد الناصر، لكنها الآن في خصومة مع الشعب والشعب كان عبقريا لأنه لم يرفع شعار يسقط مرسي بل رفع شعار يسقط حكم المرشد»، لافتا إلى أن تعقل جماعة الإخوان وعودتها إلى الساحة السياسية أمر يحتاج إلى أن ندرسه بعناية واهتمام لكي لا نصطدم مجددا.