فتح تحقيق قضائي بعد اتهام الحكومة التونسية بالتواطؤ في جريمة اغتيال البراهمي

النواب المنسحبون من «التأسيسي» يلوحون بعدم العودة إلى النشاط البرلماني بداية الأسبوع

TT

عادت قضية اغتيال محمد البراهمي، عضو البرلمان التونسي، إلى واجهة الأحداث السياسية بعد الكشف عن وثيقة مخابراتية وردت إلى وزارة الداخلية التونسية تحذر من مخطط اغتيال البرهمي 14 يوما قبل تنفيذ الجريمة. وأوردت عدة صحف تونسية معلومات ضافية حول تلك الوثيقة التي ترافقت مع اتهامات وجهتها المعارضة إلى الحكومة بـ«التواطؤ والتهاون في منع الجريمة».

وطالبت الهيئة السياسية لجبهة الإنقاذ المعارضة بفتح تحقيق قضائي ضد الحكومة التي يترأسها علي العريض وتقودها حركة النهضة، واتهمتها بالتواطؤ في اغتيال محمد البراهمي يوم 25 يوليو (تموز) الماضي على خلفية حيازتها معلومات حول مخطط الاغتيال دون أن تسعى إلى منع الجريمة، كما ورد في بيان صادر عن الجبهة يوم أمس.

كما طالبت المعارضة بمحاسبة كل الأطراف المتواطئة و«كل من يثبت تورطه في عملية الاغتيال»، ودعت كل التشكيلات السياسية والمنظمات والجمعيات، وفي مقدمتها الأطراف الراعية للحوار الوطني، إلى تحمل المسؤولية وتعقب الحكومة التي لم تمنع جرائم الاغتيال.

وفي هذا الشأن قال حمة الهمامي لـ«الشرق الأوسط» إن الوثيقة التي وصلت إلى وزارة الداخلية يوم 14 يوليو الماضي حذرت من عملية اغتيال البراهمي، وأن الوثيقة مؤشرة من المصالح المختصة ومصلحة العلاقات الخارجية والأمن الوطني، وهي أهم ثلاث مصالح في وزارة الداخلية، ولكن تلك المصالح لم تتابع الأمر، وهو ما يحيل على «التهاون أو التواطؤ»، مما يرفع عملية اغتيال البراهمي إلى مرتبة «جريمة دولة»، على حد تعبيره.

ونفى لطفي بن جدو وزير الداخلية التونسية، في تصريح إعلامي، علمه بوثيقة التحذير من الاغتيال، وقال إنه «فوجئ فيما بعد باكتشاف وجود إشعار ورد على الوزارة يكشف عن مخطط لاغتيال البراهمي بعد تنفيذ عملية الاغتيال». وطالب بن جدو بفتح تحقيق إداري وعدلي لتحديد المسؤولية على خلفية «عدم الإفصاح عن الإشعار الأمني» المذكور رغم وروده يوم 11 يوليو؛ أي قبل 14 يوما من تنفيذ الاغتيال، وكلف مصالح التفقد بالوزارة بالتحري الداخلي في هذه المسألة وتقييم أي تقصير محتمل أو خطأ في التقدير، على حد تعبيره.

وذكر وزير الداخلية بنجاح قوات الأمن في إفشال العديد من المخططات الإرهابية والاغتيالات السياسية، وأنه ليس من مصلحتها وقوع أي عمل إجرامي أو إرهابي تتحمل تبعاته ونتائجه، ودعا الأطراف السياسية بمختلف انتماءاتها وتوجهاتها إلى مراعاة المصلحة الوطنية والنأي بالمؤسسة الأمنية عن الحسابات السياسية الضيقة.

في غضون ذلك، لوح النواب المنسحبون من المجلس التأسيسي (54 برلمانيا انسحبوا بعد اغتيال البراهمي) بعدم العودة إلى المجلس رغم تراجع مصطفى بن جعفر عن تعليق أنشطة المجلس وتوقع انطلاق الأشغال من جديد بداية من يوم غد الاثنين. وأجمعوا في تصريحات إعلامية مختلفة على أن الوضع السياسي الحالي تغيب عنه الإرادة الحقيقية لحل الأزمة السياسية بين الحكومة والمعارضة، وهو ما يؤشر إلى تواصل أزمة العمل البرلماني في تونس خلال الفترة المقبلة.

وفي هذا السياق، قال محمد الحامدي الأمين العام لحزب التحالف الديمقراطي المعارض لـ«الشرق الأوسط» إن شروط العودة إلى مقاعد المجلس التأسيسي غير متوفرة حاليا بسبب عدم وجود حل سياسي حقيقي للأزمة التي تفاقمت بعد اغتيال البراهمي. وأشار إلى إمكانية العودة الأحادية، أي المقتصرة على نواب الائتلاف الثلاثي الحاكم (الترويكا) بالأساس، وقال إن هذه العودة قد تساهم في تفاقم الأزمة، على حد تعبيره، إذا لم تكن مرفقة بحوار سياسي بين الفرقاء السياسيين.

واقترح الحامدي مراجعة آليات اشتغال المجلس التأسيسي، وطالب بتشكيل لجنة مكونة من أحزاب ونواب وخبراء للحسم في النقاط الخلافية في الدستور، ولجنة ثانية توكل إليها مهمة إعداد البلاد وتهيئتها للانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقبلة.