حزب الله يرفض اعتباره «صاحب مشروع أمن ذاتي» لكنه لن يتساهل في حماية مناطقه

توتر في زحلة البقاعية بعد محاولة عناصر الحزب تمديد شبكة اتصالات خاصة

TT

رد حزب الله على لسان عدد من قيادييه أمس على الاتهامات الموجهة إليه بشأن تكريس «الأمن الذاتي» في مناطق نفوذه من خلال إقامة النقاط والحواجز الأمنية التي تخضع المارين لتفتيش وتدقيق، مجددا الإشارة إلى أنه يقوم بحماية «أهل المقاومة» بعد أن توانت الأجهزة الأمنية عن القيام بذلك.

وجاءت ردود حزب الله غداة توتر شهدته مدينة زحلة في منطقة البقاع، ليل أول من أمس، بعد رصد انتشار لعناصر من الحزب أثناء قيامهم بأعمال حفر على أتوستراد المدينة من أجل مد شبكة اتصالات خاصة بالحزب، وفق ما أفاد به نواب المدينة وتناقلته تقارير إعلامية في بيروت. وأثار وجود عناصر حزب الله استياء واسعا، ودفع بعدد من أهالي المدينة ونوابها إلى التجمع في إحدى الكنائس بالقرب من مكان الحفر، فيما قطع شبان الطريق احتجاجا، ما استدعى تدخل القوى الأمنية التي عمدت إلى تهدئة الوضع وطلبت من الأطراف كافة مغادرة المكان. وحصل أهالي المدينة، وفق النائب في «14 آذار» جوزف المعلوف على «وعد قاطع» من القوى الأمنية بعدم السماح بمتابعة أعمال الحفر.

وطالب نواب المدينة في اجتماع استثنائي عقدوه مساء أمس كلا من الرئيس اللبناني ميشال سليمان ورئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي إلى المبادرة لتطبيق القوانين وطلب تفكيك شبكة اتصالات حزب الله، مؤكدين أن الشبكة لن تمر في زحلة.

وكانت موجة استياء مماثلة قد أثارتها محاولة حزب الله مد كابلات شبكة اتصالاته الخاصة في بلدة ترشيش البقاعية خلال شهر أكتوبر (تشرين الأول) 2011، وأدت تحركات احتجاجية قام بها أهالي البلدة إلى وقف أعمال مد الشبكات.

وأدت محاولة الحكومة اللبنانية برئاسة فؤاد السنيورة تفكيك شبكة اتصالات رديفة لحزب الله في بيروت وإقالة رئيس جهاز أمن مطار بيروت الدولي العميد وفيق شقير من منصبه إلى اشتباكات مسلحة عام 2008 فيما اصطلح على تسميته بأحداث «7 أيار» (مايو)، نتيجة اعتراض حزب الله على ما اعتبره تهديدا لأمنه. وانتهى التوتر باتفاق الدوحة.

وبينما لم يصدر أي بيان أو موقف توضيحي من قبل حزب الله أمس عما جرى في مدينة زحلة، شدد نائب رئيس المجلس التنفيذي في الحزب الشيخ نبيل قاووق على «إننا لسنا أصحاب مشروع أمن ذاتي لكن لا يمكن أن نتساهل بحماية أهلنا وشعبنا»، متسائلا: «هل المطلوب أن نترك الشوارع وأبواب الضاحية مشرعة أمام جماعات التكفير والتفجير والقتل؟».

وقال قاووق، خلال احتفال تأبيني أمس، إن «خيبة فريق 14 آذار من التطورات في المنطقة زادت توترهم بحيث فقدوا أعصابهم وبدأوا بموجة جديدة من التحريض والتضليل باتهام حزب الله بالأمن الذاتي»، مؤكدا أن «هذا كلام باطل لأنهم هم من أضعف الجيش وأعاق تسليحه وتعزيزه، في وقت كنا نحن نتمنى أن يصبح الجيش اللبناني قادرا على حماية كل المدنيين حتى نخرج من الشارع».

وفي الإطار ذاته، أكد رئيس الهيئة الشرعية في حزب الله الشيخ محمد يزبك أنه «من غير المسموح أن تتحول الساحة اللبنانية إلى ما يشبه الساحة العراقية، وتقع عشرات التفجيرات في كل يوم، ومن غير المقبول أن تصبح الساحة كما يشتهي البعض ساحة لقتل أطفالنا ونسائنا وستجري مواجهة كل من يحاول الاعتداء على الشعب وعلى الوطن». ورأى خلال احتفال تأبيني أنه «عندما تتوانى القوى الأمنية عن حماية هذا الشعب سوف يقوم أهل المقاومة بحمايته وخدمته».

وطالب القيادي في تيار النائب ميشال عون، حليف حزب الله، النائب السابق عن زحلة سليم عون بـ«إصدار بيان رسمي من قبل الأجهزة الأمنية المعنية التي تتولى مهمة التحقيق بهذه الحادثة». كما طالب حزب الله أيضا «بإصدار بيان يشرح فيه تفاصيل ما يحصل»، مؤكدا أن «التيار الوطني الحر حصل على معلومات عن هذا الموضوع، لكنه لن يعلق على ما جرى ما لم تصدر الوقائع بشكل رسمي، ولا يكفي أن يوضحوا لنـــــا فقط ما يجري».

وقال عون، في تصريحات لـ«وكالة الأنباء المركزية» الخاصة في لبنان «إن هذا الخط (الاتصالات) عمره سنوات وليس جديدا وفق المعلومات الأولية وننتظر توضيحا من الأطراف المعنية في هذا الشأن لنبني على شيء مقتضاه ولا نستطيع أن نبني موقفنا على رد فعل يمكن أن يكون مفتعلا».

في المقابل، شن نواب زحلة هجوما شرسا على حزب الله، فشدد النائب عن حزب الكتائب إيلي ماروني أن «دويلة حزب الله لن تمر في زحلة، ولن يستطيع الحزب فرض أساليبه ومشاريع دويلته عليها». وأوضح أن «الأجهزة الأمنية كانت حاسمة في منع الحزب من استكمال مشروعه»، مشيرا إلى «التنسيق مع القوى الأمنية التي تتابع الموضوع بدّقة هو في ذروته».

ولفت ماروني، خلال تصريح أمس، إلى أن «القوى الأمنية أوقفت 6 عناصر من حزب الله الذين كانوا يعملون على مد شبكة الاتصالات في زحلة ومن ثم تم الإفراج عنهم فورا من ثكنة ابلح». وأكد أن «زحلة ليست تل أبيب ولا فلسطين المحتلة حتى تذهب المقاومة وتحررها»، مشددا على أن «دويلة حزب الله لن تمر في زحلة لأن هذا الأمر تقويض لهيكلية الدولة».

وقال النائب في قوى «14 آذار» شانت جنجنيان إن «أهالي زحلة كانوا ينوون التصعيد، لكن اتصالات جرت بين نواب (كتلة زحلة)، المنضوية في إطار قوى (14 آذار)، للملمة الأمر وبالأجهزة الأمنية لتوقيف عناصر حزب الله الذين مدّوا كابلات شبكة الاتصالات التابعة لهم». وأكد أنه «لن يكون هناك أي استئناف لمد الشبكة، وفي حال تكرار الأمر، سينزل الأهالي من جديد إلى الأرض»، معتبرا أنه «إذا كان حزب الله يصلح أو يمد شبكة جديدة للاتصالات فهذا أمر مرفوض». وأشار إلى «إننا أخذنا وعدا من القوى الأمنية بأن الحزب لن يقوم بهذا العمل من جديد».