روحاني يدعو الحرس الثوري للابتعاد عن ألعاب السياسة

الرئيس الإيراني يؤكد أن طهران سوف تتفق مع الشعب السوري على أي رئيس يختاره لإدارة البلاد

وزير الخارجية الإيراني الأسبق علي أكبر صالحي والسفير الايراني لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية في فيينا خلال حضورهما الجلسة الافتتاحية لمؤتمر الوكالة أمس (إ.ب.أ)
TT

قال الرئيس الإيراني حسن روحاني يوم الاثنين إن الحرس الثوري الإيراني يجب أن يبقى بعيدا عن السياسة.

وفي حديثه إلى مجموعة من كبار ضباط الحرس الثوري أمس، قال روحاني: «كما قال الإمام (الخميني) خلال الحرب بين إيران والعراق، لا يجب أن يتورط الحرس الثوري في الألعاب السياسية، لأنه كيان ينتمي إلى الأمة الإيرانية بأكملها».

وقد تم تأسيس الحرس الثوري الإيراني بعد الثورة الإيرانية عام 1979 لحماية الحكومة الجديدة من التهديدات الداخلية. ويتم النظر إلى الحرس الثوري الإيراني، الذي يعرف قادته بتبني وجهات نظر سياسية محافظة ومتشددة، على أنه حصن النظام السياسي القائم في إيران، كما يتم استخدام الميليشيات التابعة له لتفريق الاحتجاجات المناهضة للحكومة وتجمعات الإصلاحيين.

وأشاد روحاني، بالحرس الثوري، مشيرا إلى أن جميع الإيرانيين يجب أن ينظروا إلى الحرس الثوري على أنه يدافع عنهم ويحميهم، في محاولة لاستباق أي انتقادات لتصريحاته من قبل معارضيه من المحافظين الإيرانيين. وقال روحاني: «الحرس الثوري ليس قوة للحرب، وإنما هو قوة للأمن والسلام».

ونفى روحاني الشائعات التي تشير إلى قيام الحرس الثوري بأنشطة اقتصادية، كما نفى المزاعم بأنه كان وسيلة للفساد وتهريب البنزين والنفط، فضلا عن استخدام قوته السياسية للحصول على عقود مربحة لشركات مرتبطة به.

وقال روحاني: «طلبت من قائد الحرس الثوري أن يلعب دورا في عدد قليل من المشروعات الوطنية»، مشيرا إلى أنه من الضروري أن يقوم الحرس الثوري الإيراني ببعض المشروعات القومية الكبرى للتخفيف من وطأة العقوبات الغربية.

وفي الوقت نفسه، تشير بعض المؤشرات إلى أن تصريحات روحاني قد قوبلت بهدوء من جانب المنظمات المرتبطة بالحرس الثوري، حيث تجاهلت وكالة أنباء «فارس» شبه الرسمية التي يعتقد الكثير من المراقبين أنها على علاقة وثيقة بالحرس الثوري الإيراني، تصريحات الرئيس الإيراني بشأن ضرورة أن يكون الحرس الثوري محايدا من الناحية السياسية، وركزت فقط على إشادة الرئيس بقوات الحرس الثوري. وقال تقرير أعدته خدمة وكالة أنباء «فارس» باللغة الإنجليزية: «شدد روحاني على قوة فيلق الحرس الثوري في الدفاع عن أراضي البلاد ومصالحها، ولكنه قال في الوقت نفسه إن الحرس الثوري هو قوة لإحلال السلام وليس لإشعال الحرب في المنطقة».

وتطرق روحاني أيضا إلى الادعاءات بأن الحرس الثوري يقدم الدعم للنظام السوري في الحرب الأهلية المستعرة حاليا في البلاد، قائلا: «الحرس الثوري لا يسعى للهيمنة العسكرية في المنطقة».

وفي نفس الخطاب، تحدث روحاني عن موقف إيران من الأزمة السورية الحالية، قائلا إن الجهود الإيرانية تهدف إلى إعادة إحلال السلام والاستقرار في سوريا، ومشيرا إلى أن طهران ستقبل برغبات الشعب السوري فيما يتعلق بشؤونه الداخلية.

ونقلت وكالة أنباء «فارس» عن روحاني قوله لقادة الحرس الثوري: «سوف نتفق مع الشعب السوري مع أي حاكم يختاره لإدارة البلاد». وأضاف روحاني: «النزاع يتجاوز السيطرة على سوريا، ومن الواضح أن الغرب لديه خطط للمنطقة برمتها. ويرتبط مصير المنطقة بالقضية السورية».

من جهة أخرى خاطب علي أكبر صالحي وزير الخارجية الإيراني الأسبق، المدير الجديد لوكالة الطاقة النووية الإيرانية الجلسة الافتتاحية للدورة 57 للمؤتمر العام للوكالة الذي بدأ جلساته صباح أمس بمقر الوكالة بالعاصمة النمساوية فيينا، مؤكدا أن إيران تمضي نحو المحادثات مع الوكالة والمفاوضات المتوقعة مع مجموعة 5 + 1 المكونة من الدول دائمة العضوية بمجلس الأمن زائد ألمانيا بكل ثقة ورغبة صادقة في الوصول إلى حلول دائمة، متمنيا أن تلاقي إيران معاملة مماثلة من الأطراف الأخرى مما يقوي الثقة ويحقق مكسبا للأطراف كافة، وقال جئتكم أحمل رسالة من الرئيس الإيراني الجديد لتعزيز وتوسعة التعاون الشفاف مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، رسالة تحمل رغبة صادقة لإغلاق ما يسمى بالملف النووي الإيراني.

من جانب آخر وردا باللغة العربية على أسئلة صحافية استنكر صالحي ما يثار من اتهامات لإيران بعدم التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية متسائلا عما يعنيه فتح إيران لأبوابها لأكثر من 100 عملية تفتيش دولية استمرت لأكثر من ألف يوم تفتيش قدمت إيران خلالها أكثر من أربعة آلاف تقرير منذ عام 2003، مستنكرا أن تعتبر دول كالولايات المتحدة الأميركية ومن يلف لفها من دول تكيل الاتهامات لإيران وكيلة عن المجتمع الدولي الذي يضم أكثر من 120 دولة عضو بمنظمة عدم الانحياز تؤمن جميعها بحق إيران القومي غير المنتهك أو المنقوص في الحصول على تنمية نووية واستخدامات نووية سلمية، مكررا أن إيران لن تسعى أبدا لامتلاك سلاح نووي كما أنها لن تتخلى عن حقها في كسر احتكار دول بعينها للطاقة النووية.

في سياق مواز لم يستطرد صالحي في إجابته على سؤال من «الشرق الأوسط» إن كانت بلاده على استعداد للاستجابة للمطالبات بالعمل على وقف تخصيبها لليورانيوم بنسبة مرتفعة (20 في المائة) مكتفيا بالقول، «انتظروا المفاوضات» نافيا أن تكون إيران قلقة على سلامة مواقعها النووية.

في سياق مواز كرر صالحي القول إن إيران تدخل المفاوضات بنيات حسنة يحملها رئيس جديد ووزير خارجية جديد وإدارة كاملة جديدة تمثل في مجموعها كتلة متفاهمة قابلة للعمل برغبة حقيقية.

من جانبه وفي معرض ردود على أسئلة صحافية قال وزير الطاقة الأميركي إن «الأقوال يجب أن تتبعها آلاف الأفعال»، وذلك في تعليق على التصريحات الإيرانية ببداية جديدة ورغبة حقيقية في تعاون شفاف وكامل، مكتفيا بـ«لا تعليق» على سؤال من «الشرق الأوسط» إن كان على إيران أن تتحسب مصيرا يشابه ما يتعرض له السلاح الكيماوي السوري من تفكيك وإزالة.

هذا وكان الوزير الأميركي قد قال في معرض خطابه إن «إيران سبب أساسي للقلق الدولي بسبب استمرارها في انتهاك القرارات الدولية وفيما تقوم به بأعمال استفزازية»، مطالبا طهران بتسوية كل المسائل العالقة بخصوص قضية ملفها النووي.