«الصحة العالمية» تشيد بالتحركات السعودية لمحاصرة فيروس «كورونا»

وزير الصحة: 200 ألف حاج قادمون من دول عدة لم تسجل عليهم أي حالة

جانب من الإجراءات الاحترازية التي تتخذها وزارة الصحة على المنافذ الجوية السعودية («الشرق الأوسط»)
TT

لم يمر التعاون القائم بين منظمة الصحة العالمية والسلطات الصحية في السعودية بخصوص فيروس «كورونا» الجديد مرور الكرام، وذلك بشهادة المدير العام للصحة العالمية كيجي فوكودا، الذي وصف الجهود المبذولة من قبل السلطات الصحية في السعودية لمكافحة «كورونا» بعد اجتماعه بلجنة الطوارئ في المنظمة أول من أمس في جنيف بالجهود العالية المستوى، في الوقت الذي يشكل فيه هذا الفيروس تهديدا كبيرا للأشخاص الذين يعانون من ظروف طبية موجودة من قبل كمشاكل الكلى ومشاكل الجهاز التنفسي الحادة.

وأضاف المدير العام للصحة العالمية أنه «رغم البحوث التي أجريت على فيروس الالتهاب الرئوي التاجي الشرق أوسطي (كورونا)، فما زالت هناك العديد من الأسئلة من دون إجابات، ولم يتم التوصل إلى كيفية الإصابة به، وهل ينتقل من الحيوانات للإنسان أم ينتقل بين البشر». وأفاد فوكودا بأن لجنة الطوارئ بالمنظمة سوف تجتمع مرة أخرى نهاية شهر نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، مشيرا إلى أنه بعد الاستماع إلى آخر تحديث حول مدى انتشار الفيروس، قررت اللجنة عدم اعتبار الفيروس حالة طوارئ دولية تستدعي القلق والعمل الدولي الفوري المنسق. لكن اللجنة دعت الدول الأعضاء إلى تكثيف الجهود لمراقبة الفيروس ورصده، كما نصحت المؤسسات الطبية بأهمية التطبيق المنهجي للتدابير الوقائية لمكافحة العدوى.

وبحسب موقع منظمة الصحة العالمية، فقد دعت المنظمة إلى عقد لجنة طوارئ بموجب اللوائح الصحية الدولية كي تسدي المشورة إلى المدير العام بشأن حالة الوضع الراهن، وبإجماع الآراء نصحت اللجنة التي تضم خبراء دوليين من جميع أقاليم المنظمة بأنه في ظل المعلومات المتاحة الآن والنهج المتبع في تقييم المخاطر لم تُستوف حتى الآن الشروط اللازمة لتحديد أن الحدث يشكل طارئة صحية عمومية تثير قلقا دوليا.

وتصدر ملف «كورونا» أجندة المؤتمر العالمي لطب الحشود الذي استضافته العاصمة السعودية الرياض بمشاركة 15 وزير صحة من عدد من الدول العربية والأوروبية والآسيوية وشرق المتوسطية، في الوقت الذي تستعد فيه السعودية لاستقبال أكبر حشد بشري، متمثل في موسم الحج لهذا العام، حيث ستشرع تلك الدول في استعراض التجربة السعودية في مكافحة «كورونا».

وفي الوقت نفسه، أكد الدكتور عبد الله الربيعة، وزير الصحة، أن نمط فيروس كورونا معقد ومتغير، متوقعا ألا يتمكن وزراء الصحة والمختصون المجتمعون في مؤتمر طب الحشود من الخروج ببيان موحد بشأن مصدر كورونا أو لقاح خاص به. وأوضح عقب افتتاحه المؤتمر الثاني لطب الحشود في العاصمة الرياض الأسبوع الماضي، برعاية خادم الحرمين الشريفين، وبحضور نحو 15 وزيرا للصحة من مختلف دول العالم، وجمع من المختصين برفقة المنظمات والمؤسسات العالمية والإقليمية الصحية في دول العالم، أن السعودية حريصة على التعاون خلال الاجتماع الحالي مع وزراء الصحة والمنظمات الصحية لإجراء البحوث عن فيروس كورونا الجديد.

وقال الوزير حول فيروس كورونا إن «الوزارة ليست قلقة لقرب حلول موسم الحج باحتمالية إصابة الحجاج بمرض كورونا، حيث قدم نحو خمسة ملايين معتمر إلى مكة المكرمة خلال رمضان الماضي وغادروها دون إصابة أي منهم، كما أننا استقبلنا حتى الآن 200 ألف حاج قادم من دول عدة ولم تسجل عليهم أي حالة وباء أو حالات محجرية». واعتبر غضب بعض دول الآسيوية مثل الفلبين من وزارة الصحة بعد إصابة إحدى مواطناتها بفيروس كورونا «ليس مبررا»، وقال «إن المرض لا يعرف أي جنسيات، وأي إنسان معرض له سواء كانت الإنفلونزا الموسمية أو المستجدة أو كورونا، ونعمل في الوزارة على ألا يصاب أي شخص بالوباء سواء كان مواطنا أو مقيما في هذه البلاد».

وأضاف وزير الصحة أن الوزارة قامت بعمل دراسات كبيرة جدا مع الهيئات العلمية سواء داخل السعودية أو خارجها، من أجل وضع اشتراطات صحية وتوصيات وزعت على كل دول العالم، وتم نشرها على موقع وزارة الصحة الإلكتروني باللغتين العربية والإنجليزية، وسيتم خلال هذا المؤتمر مراجعة هذه التوصيات، لافتا إلى أنه إذا رأى الخبراء أن تقوم الوزارة بتعديل بعضها ستعدلها، وزاد «نتابع الوضع بشكل دقيق جدا، وتعتبر السعودية من أكثر الدول في العالم التي تقوم بعمل استقصاء وبائي دقيق جدا، حرصا على سلامة مواطنيها أولا ثم من يفدون إليها وفي مقدمتهم الحجاج والمعتمرون على وجه التحديد».

وأكد أن التوصيات المنبثقة من المؤتمر تطالب الحجاج القادمين بالوقاية والابتعاد عن الأماكن المزدحمة، لافتا إلى أن هذه التوصيات يتم نشرها في وسائل الإعلام المختلفة ومواقع التواصل الاجتماعي التي ستستعين بها الوزارة لكي توصل رسالتها وجميع المعلومات للمتلقين وبأي لغة، داعيا جميع الدول إلى التكاتف من خلال منهج علمي مبني على البراهين للتخلص من هذا المرض والأمراض الأخرى والوقاية منها.

وأوضح الربيعة في كلمته في افتتاح المؤتمر أن السعودية تمكنت من خلال تجربتها الطويلة في مجال صحة وطب الحشود من التعامل بسرعة وإيجابية مع الطوارئ والمستجدات والمتغيرات المفاجئة التي تواجهها، ونجحت في ذلك بكفاءة واقتدار، مدللا بعمرة رمضان الماضي التي تمت بنجاح رغم ما يواجهه العالم من تحديات صحية مثل فيروس كورونا وإنفلونزا الطيور وغيرهما.من جهته، أوضح الدكتور زياد ميمش، وكيل الوزارة للصحة العامة، في تصريح سابق لـ«الشرق الأوسط»، أن المؤتمر ركز في الكثير من جلساته وأوراق عمله على بحث ومناقشة آخر المستجدات حول فيروس «كورونا» الجديد، وكيفية مواجهته والحد من انتشاره، وتطوير طرق علاجه، بالإضافة إلى النظر في مستجدات الفيروس محليا ودوليا. وأوصى المؤتمر العالمي الثاني لطب الحشود بالمملكة الذي عقد في الرياض بقيام المركز العالمي لطب الحشود بوزارة الصحة بالاستمرار في متابعة مستجدات فيروس «كورونا ميرس الجديد» (MERS-COV) العالمية من بحوث ودراسات وبروتوكولات في العلاج والإجراءات الوقائية والاستفادة منها في مواسم الحج والعمرة والتجمعات البشرية الأخرى.

وقد تم مؤخرا تتبع التسلسل الجيني لفيروس كورونا الجديد المسبب لمتلازمة التهاب الجهاز التنفسي لشرق المتوسط، حيث تم اكتشاف أنماط انتقال معقدة للفيروس، حيث أظهرت دراسة أجراها مؤخرا باحثون من وزارة الصحة السعودية بالتعاون مع معهد «ولكم ترست سانغر» وجامعة أدنبره وكلية لندن الجامعية، أن التحليل الجيني لأكبر عدد من فيروسات كورونا المسبب لمتلازمة التهاب الجهاز التنفسي لشرق المتوسط أثبت أن انتقال هذا الفيروس أكثر تعقيدا مما كان سابقا مما يدل على وجود مصادر إضافية للفيروس إما بشرية أو حيوانية.

وأفادت الدراسة التي أعلنت عنها وزارة الصحة مؤخرا بأنه تم تتبع وتحليل التسلسل الجيني لعينات من هذا الفيروس مأخوذة من 21 مريضا من مختلف أنحاء المناطق السعودية، وقام الباحثون بربط المواقع الجغرافية للمرضى ووقت الإصابة وكمية الاختلافات الجينية التي تمت مشاهدتها بين جينومات الفيروس، وأعطى هذا الإجراء صورة أكثر وضوحا عن الكيفية التي ينتشر بها جين الفيروس وتطوره.