الرئيس الإيراني: لم يحدث اللقاء مع أوباما لأن الخطوة التالية لم تكن واضحة

مسؤولون أميركيون يرجعون السبب إلى السياسات الداخلية في طهران

TT

لم تحدث المصافحة التي طال انتظارها بين الرئيس الأميركي باراك أوباما والرئيس الإيراني حسن روحاني لأن المسؤولين الأميركيين على ما يبدو لم يكن لديهم استراتيجية ثابتة بشأن الخطوة التالية، بحسب ما ذكره الرئيس الإيراني.

وقال روحاني: «نحن بحاجة إلى خطة لإقامة علاقات جيدة بعد أكثر من ثلاثين عاما من الانفصال. نحن لا نعارض على الإطلاق اتجاه عقد لقاء».

تحدث أوباما وروحاني يوم الثلاثاء في افتتاح الجمعية العامة للأمم المتحدة وكان المتوقع أن يجري عقد لقاء غير رسمي على مأدبة غداء للقادة يستضيفه الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون. وقال روحاني لمسؤولي وسائل الإعلام يوم الأربعاء إن الأميركيين اتصلوا بنا لاقتراح مثل هذا الاجتماع المقتضب.

وأشار روحاني إلى أن التوقيت لم يكن صائبا، وكان هناك الكثير من الأمور على المحك مما بدد فرصة عقد اللقاء. وقال من خلال مترجمه: «إذا لم نخط خطواتنا الأولى بحذر، فقد لا نتمكن على الإطلاق من الوصول إلى الأهداف المشتركة التي نتطلع إليها».

وخلال الجلسة ذاتها، وصف روحاني «الهولوكوست» بـ«المذبحة التي وقعت بحق اليهود على أيدي النازيين»، في تناقض تام مع تصريحات الرئيس الإيراني السابق الذي أثار الشكوك حول الحدث التاريخي الذي أدى إلى إنشاء دولة لليهود. ويرى الموقف الرسمي لإيران إسرائيل كدولة غير شرعية.

وعلى الرغم من تصريح روحاني حول إدانة إيران الكاملة لـ«الهولوكوست»، فإنه أشار إلى أهمية ألا يسعى الضحايا إلى طلب تعويض من خلال التضحية بالمجموعات الأخرى. كانت تلك إشارة إلى الفلسطينيين الذين تم تهجيرهم بعد تأسيس دولة إسرائيل والاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية التي يسعى الفلسطينيون لإقامة دولة مستقلة عليها. ولم يتطرق روحاني إلى ما سماه «نطاق وأعداد الهولوكوست»، قائلا: «لماذا لا نترك ذلك للخبراء؟».

من جانبهم، فسر المسؤولون الأميركيون السبب وراء عدم تحقيق تقدم بين أوباما وروحاني هذا الأسبوع، بأن السياسات الداخلية في إيران حالت دون قيام روحاني بهذه الخطوة الجريئة. وقال مسؤول أميركي إنه على الرغم من بعض المراسلات الواعدة السابقة مع بعثة الأمم المتحدة، فإن إحراز تقدم بالنسبة لروحاني كان بالغ الصعوبة.

كان المفترض أن تكون المصافحة، على قدر بساطتها كما يبدو، الاتصال الأول المباشر بين الرئيس الأميركي ونظيره الإيراني منذ إدارة كارتر، وإشارة إلى أول تقدم حقيقي في حملة أوباما لـ«مد يد السلام إذا كنت راغبا في بسط يدك».

يحاول روحاني تقديم وجه أكثر عقلانية عن سلفه محمود أحمدي نجاد. كان روحاني، المعتدل نسبيا، قد فاز في الانتخابات الرئاسية الإيرانية التي جرت في يونيو (حزيران)، ويبدو أنه يحظى بدعم المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي، في محاولة لتحسين العلاقات الإيرانية مع الولايات المتحدة واستئناف مفاوضات ذات مغزى بشأن البرنامج النووي لبلاده المتنازع عليه.

وكانت الرسائل التي تم تبادلها بين أوباما وروحاني قد شجعت المراقبين في كلتا الدولتين على الأمل في إمكانية إحراز تقدم، لكن المسؤولين الأميركيين لم يفعلوا شيئا لمنع التكهنات بشأن عقد لقاء في الأمم المتحدة. وقال روحاني: «أعتقد أننا لم نحظ بالوقت الكافي لتحقيق ذلك».

في الداخل الإيراني، لقيت كلمة روحاني، التي تحدث فيها عن حق إيران في برنامج نووي سلمي واستبعد فيها أيضا تغيير النظام، استقبالا حسنا لدى الإيرانيين الذين رأوا فيها لهجة محترمة، والتي تأتي متناقضة بشكل واضح مع سلفه أحمدي نجاد، لكنه لم يقدم أي تقدم حقيقي حتى الآن.

كرر روحاني خلال اللقاء الذي جرى يوم الأربعاء استعداده للتفاوض حول برنامج الطاقة النووية لبلاده، لكنه شدد على رغبة بلاده في الاحتفاظ بالقدرة الكاملة لتخصيب اليورانيوم على أراضيها. تلك القدرة هي أكثر ما يثير قلق الولايات المتحدة وحليفتها إسرائيل، وذلك لإمكانية استخدام اليورانيوم عالي التخصيب أيضا كمادة انشطارية في الأسلحة النووية.

وقال: «لا يوجد ما نرغب في إخفائه أو ينبغي علينا إخفاؤه. نحن لا نطالب بشيء أكثر من حقوقنا القانونية».

وقد أوضح أن البرنامج النووي، الذي ظل ركيزة السياسة الخارجية الإيرانية لعقود، قضية قومية لا يمكن التخلي عنها بسهولة.

وقال روحاني: «تتمتع الدول الأخرى بحرية في تخصيب اليورانيوم لأغراض الطاقة النووية الداخلية، ونحن نريد أن نصبح إحدى هذه الدول، لا أكثر ولا أقل من ذلك».

من ناحية أخرى، انخفضت العملة الإيرانية بنسبة 6 في المائة عن معدل إغلاقها يوم الثلاثاء مما يشير إلى أن المضاربين لا يتوقعون تخفيف العقوبات خلال الفترة المقبلة. لم يعلق المحافظون المتشددون - الذين يتوقع أن يشكلوا العائق الأكبر أمام إعادة التقارب - على كلمة روحاني، وهو ما قد يعني أنها لم تحمل أي رسالة غير مقبولة من الناحية الآيديولوجية بالنسبة لهم، وكان رد المتشددين الذين علقوا على الكلمة إيجابيا. فوصف صادق لاريجاني، رئيس الهيئة القضائية المتشدد وأخو رئيس البرلمان، كلمة روحاني بـ«القوية والمنطقية». وقال لاريجاني: «لقد أعطت إيران أوباما والولايات المتحدة فرصة أخرى لكسب ثقة الشعب الإيراني».

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»