مجلس الأمن متفائل بإصدار «قرار قوي» لإلزام سوريا مراقبة أسلحتها الكيماوية وتدميرها

خلافات حول الفصل السابع وتقديم مرتكبي الهجوم الكيماوي للمحكمة الجنائية ومن يقرر مدى التزام سوريا بالقرار

أكي سيلستروم رئيس فريق الأمم المتحدة حول الأسلحة الكيماوية في سوريا أثناء مغادرته الفندق الذي يقيم فيه بدمشق صباح أمس (رويترز)
TT

بعد أسابيع من المناقشات والمساومات، بدا أن الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي أصبحت أقرب إلى الاتفاق حول «جوهر» نص قرار حول دفع سوريا للتخلص من أسلحتها الكيماوية، خاصة بعد اجتماع بين وزير الخارجية الأميركي جون كيري ونظيره الروسي سيرغي لافروف - مساء الثلاثاء الماضي على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة - حول النقاط الرئيسية للنص. ووصفت الخارجية الأميركية اللقاء بين الوزيرين بأنه كان اجتماعا بناء، وأن الأمور تسير إلى الأمام.

وتوقعت كلا من الولايات المتحدة وروسيا أن يتم التوصل إلى اتفاق حول نص مشروع القرار بنهاية الأسبوع الجاري، بعد تفاؤل كبير بالاتفاق بين الدول الخمس دائمة العضوية بالمجلس والتي تضم الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وروسيا والصين.

وقال مسؤول أميركي رفيع إن وزير الخارجية الأميركي جون كيري اجتمع مع نظيره الصيني وانغ يي لمدة ساعة صباح الخميس على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة وقال: «إن الولايات المتحدة والصين اتفقتا على ضرورة قيام مجلس الأمن بإصدار قرار ملزم وقوي حول تأمين وتدمير الأسلحة الكيماوية السورية». وأضاف: «ناقش الوزيران أهمية الوحدة والاتفاق بين الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن، وكلاهما يرى أنه من المهم للمجلس أن يتصرف بسرعة، وكذلك منظمة حظر الأسلحة الكيماوية».

وتشير التسريبات حول مشروع القرار أن الخلافات تركزت حول عدة نقاط، الأولى هي إصدار القرار وفقا للفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، حيث تدفع كل من الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا على أن يتم إصدار القرار وفقا للفصل السابع وهو ما ترفضه روسيا. والنقطة الثانية أن يتم محاسبة مرتكبي الهجوم الكيماوي في أغسطس (آب) الماضي، وتقديمهم إلى المحكمة الجنائية الدولية وهناك موافقة جماعية على محاسبة مرتكبي الحادث لكن يتركز الخلاف حول تقديم مرتكبي الحادث للمحكمة الجنائية. والنقطة الثالثة هي تحديد دور الأمم المتحدة في عملية مراقبة وتدمير الأسلحة الكيماوية في سوريا، ومن الذي سيقرر أن سوريا التزمت أو لم تلتزم بتنفيذ القرار هل سيكون مجلس الأمن أم منظمة حظر الأسلحة الكيماوية.

ويقول المحللون إن روسيا رفضت أن يصدر القرار بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة الذي يخول استخدام القوة، وإنها وافقت على عبارات تحمل إشارات إلى الفصل السابع دون أن تحمل القدرة على تنفيذ فوري لأي تحركات عسكرية في حال حدوث عدم امتثال من الجانب السوري.

ويتوقع المحللون أن يتم إصدار القرار بموجب الفصل السادس وأن يكون هناك متابعة من مجلس الأمن، وتقديم تقييمات حول مدى التزام سوريا بتطبيق القرار، على أن يعود مجلس الأمن للانعقاد ومناقشة إصدار مشروع قرار جديد تحت الفصل السابع بنص واضح وصريح، إذا ثبت عدم امتثال سوريا لقرار تسليم وتدمير ترسانتها من الأسلحة الكيماوية.

وأشار مسؤول بمكتب سامنتا باور مندوبة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة أن باور تعمل مع فيتالي تشوركين مندوب روسيا لدى الأمم المتحدة حول ثلاث أو أربع نقاط تشكل نقاط خلاف بين الجانبين في نص مشروع القرار وأن ما تصر عليه الولايات المتحدة هو قرار ملزم وقابل للتنفيذ ويمكن التحقق منه في إزالة كافة مخزونات سوريا من الأسلحة الكيماوية، وتريد التأكيد على وجود عواقب لعدم الامتثال وأن يكون ذلك واضحا في الاتفاقات.

وقال مسؤول دبلوماسي لـ«الشرق الأوسط» إن مندوبي دول الولايات المتحدة وروسيا وفرنسا والصين وبريطانيا اجتمعوا مع الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون مساء الأربعاء لمناقشة محتوى نص القرار ووجهة النظر الروسية، وكان هناك تقارب كبير بين آراء الدول الخمسة حول النقاط الأساسية للقرار. ومن المقرر أن تجتمع الدول دائمة العضوية مرة أخرى اليوم الجمعة لمناقشة مقترحات عقد مؤتمر دولي حول سوريا في جنيف ومن المخطط أن يعقد في نهاية أكتوبر (تشرين الأول) أو بداية نوفمبر (تشرين الثاني) القادم.

وحول إدراج الفصل السابع في نص مشروع القرار قال الدبلوماسي الغربي «إن المفاوضات مستمرة حول إمكانية الإشارة فقط إلى الفصل السابع دون أن يتضمن تهديدا فوريا باستخدام القوة».

ويضيف «تركز المناقشات على مسارين الأول هو تحويل إطار اتفاق جنيف 1 إلى قرار رسمي من مجلس الأمن ويشمل عبارات صريحة لمحاسبة مرتكبي الهجوم الكيماوي على الغوطة الشرقية في أغسطس الماضي، لكن من غير المرجح أن يشمل القرار عبارات صريحة بإحالة مرتكبي الهجوم إلى المحكمة الجنائية الدولية. والمسار الثاني هو التوصل لاتفاق منفصل تحت إطار منظمة حظر الأسلحة الكيماوية بهولندا حول القدرة على وضع خطة قابلة للتحقيق والتنفيذ لتفكيك ترسانة سوريا من الأسلحة الكيماوية، والتي وفقا للتقديرات تمتلك أكثر من ألف طن متري من غاز الخردل والسارين وغيره من المكونات الكيماوية القاتلة».

وقال مسؤول أميركي «إننا نحرز تقدما لكننا لم ننته من العمل بعد، ونحاول التأكد أنه لا يوجد أي ثغرات في نص القرار وأنه لا يوجد أي فرصة لإساءة فهم القرار، وأن تحدد النصوص النهائية ما يجب أن تقوم به سوريا وكيف سيتم نزع السلاح الكيماوي، وما هي الإجراءات التي سوف تيم اتباعها، وما هي الإجراءات التي ستتم إذا كان هناك انتهاكات».

من جانبه قال نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف إن روسيا مستعدة للمساعدة في تأمين مواقع الأسلحة الكيماوية السورية وتدمير المخزونات داخل الأراضي السورية دون نقل تلك الأسلحة إلى خارج البلاد. وتعد كل من الولايات المتحدة وروسيا هما البلدان الوحيدان اللذان يمتلكان قدرات للتعامل مع غازات الخردل والسارين والسيانيد. وتدور المناقشات حول كيفية تدمير تلك الأسلحة وأماكن تدميرها وتسير المناقشات نحو تدمير تلك الأسلحة داخل الأراضي السورية باعتباره الخيار الأفضل حيث تحظر اتفاقية الأسلحة الكيماوية تصدير تلك الأسلحة.

وقال نائب وزير الخارجية الروسي غينادي غاتيلوف إن المفاوضات تسير بشكل جيد جدا، وإن اللمسات النهائية لمشروع القرار ستنتهي في وقت قريب جدا، وقال: «سننتهي في وقت قريب خلال يومين على ما أعتقد» وحول الفصل السابع قال غاتيلوف «سيتم ذكر الفصل السابع في نص قرار مجلس الأمن لكن هناك تفاهما أنه لن يكون هناك انخراط تلقائي وفقا للفصل السابع».

وينص الاتفاق الذي توصل إليه وزير الخارجية الأميركي جون كيري مع نظيره الروسي سيرغي لافروف أن تنتهي كافة عمليات حصر وتأمين مواقع الأسلحة الكيماوية السورية بحلول الثلاثين من نوفمبر وأن يتم تدمير الترسانة الكيماوية السورية بأكملها بحلول الثلاثين من يونيو (حزيران) 2014.