سلطات الأمن السودانية تمنع المعارضة عن عقد اجتماع.. وخمس صحف تتوقف عن الصدور

تضارب حول أعداد القتلى والجرحى.. ومنع الأطباء من الإدلاء ببيانات بشأن ذلك

سودانيون يتظاهرون في الخرطوم أمس احتجاجا على رفع الدعم عن المحروقات (رويترز)
TT

تجددت المظاهرات والاحتجاجات السودانية عصر أمس بعد هدوء نسبي في الصباح في أحياء عديدة من العاصمة الخرطوم. وشهدت أحياء متفرقة صدامات بين أجهزة الشرطة والخرطوم، فيما تظاهرت أحياء أخرى من دون أن تصطدم بها الأجهزة الأمنية. وارتفعت أعداد القتلى والجرحى منذ الليلة قبل الماضية وتجاوزت 27 قتيلا حسب إحصاءات وكالات الأنباء والصحافيين، وأكثر من ثمانين حسب إحصائيات حزبية، وأكثر من مائة حسب تقديرات شعبية وتقديرات ناشطين.

وقال مدير مستشفى أم درمان أسامة مرتضى إن مستشفاه تسلم 21 جثة قتلوا بالرصاص في منطقة أم درمان، فضلا عن 60 مصابا على الأقل نقلوا للمستشفى أول من أمس الأربعاء، لتلقي العلاج من إصابات في الرأس والبطن والصدر. وتشير تقارير إلى أن عدد القتلى أصيبوا برصاص الشرطة، وأن مستشفيات المدينة الأخرى تسلمت أكثر من 62 جثة، حسب قول الأمين السياسي لحزب المؤتمر الشعبي كمال عمر للصحيفة أمس. ونصبت سرادقات العزاء في أماكن مختلفة من المدن الثلاث، فيما كثفت السلطات الأمنية تعزيزاتها وانتشرت في شوارع الخرطوم، في الوقت الذي قال فيه أطباء إنهم منعوا من الإدلاء بأي تصريحات حول أعداد القتلى والجرحى من سلطات الأمن.

ولم تصدر خمس صحف أمس، أوقفت السلطات الأمنية صحيفتين منها عن الصدور ليوم من دون إبداء أسباب وهما صحيفتا «السوداني»، و«الأيام»، فيما قررت صحيفة «الجريدة» عدم الصدور رفضا لقرار سلطات الأمن بمنعها من تغطية الاحتجاجات إلا وفقا للرؤية الرسمية، ولم تصدر صحيفتا «القرار»، و«ألوان» بسبب الشلل الذي أصاب الحياة العامة جراء الاحتجاجات وعدم استطاعة بعض العاملين فيها الوصول لمقار عملهم، بيد أن بعض ناشري ومحرري الصحف الموقوفة قالوا إن منعهم من الصدور أكرم لهم من عدم التعامل مع تلك الأحداث بالمهنية المطلوبة.

ومنعت السلطات الأحزاب السياسية من عقد اجتماع بـ«دار الأزهري»، أول رئيس سوداني رفع علم استقلال البلاد، وحاصرت الدار منذ وقت مبكر ومنعت قادة المعارضة والصحافيين من الاقتراب من الدار. وقال عضو المكتب السياسي بحزب الأمة برمة ناصر، لـ«الشرق الأوسط»، إن السلطات منعت الاجتماع رغم أن المعارضة السياسية تسعى للوصول لحل تفاوضي يجنب البلاد الصوملة والانفلات الأمني. وأضاف أن الاجتماع كان معلنا ولم يكن سريا، وأنهم لن يعلنوا مكان وزمان اجتماعهم القادم الذي سيعقدونه لاتخاذ موقف موحد مع الاحتجاجات الشعبية وللحيلولة دون تخريب الممتلكات العامة.

ويعتزم صحافيون سودانيون الدخول في إضراب عن العمل بسبب القيود المفروضة عليهم من قبل السلطات الأمنية، والرقابة المفروضة على الصحف، وقال صحافي طلب إبقاء اسمه سريا، لـ«الشرق الأوسط»: «أصلا نحن لا نعمل، لأن تغطيتنا للأحداث والاحتجاجات لا تنشر بأمر السلطات الأمنية، وأن ناشري الصحف لا يملكون لنفسهم أمرا».

وتواصلت عمليات الاعتقال ضد القادة السياسيين والناشطين ومنظمي الاحتجاجات في أنحاء واسعة في البلاد، ولا تعرف على وجه التحديد الأعداد الحقيقية للمعتقلين، لأن الاعتقالات تتم بصورة عشوائية.

ورغم الهدوء النسبي الذي ساد وسط الخرطوم، فإن مراقبين يرون أن الاحتجاجات ستتجدد في أحياء المدينة المختلفة ليلا، بسبب الإنهاك الذي تعرض له المحتجون وارتفاع درجات الحرارة، فيما هدد ناشطون باستمرار الاحتجاجات السلمية يوم غد الجمعة.