إسرائيل تعتقل «جاسوسا» إيرانيا عشية محادثات نتنياهو مع أوباما بشأن سياسة روحاني «المعسولة»

مصدر إسرائيلي: اعتقاله دليل على أن كلام طهران لا يتلاءم مع أفعالها

TT

كشفت إسرائيل النقاب أمس عن اعتقال مواطن بلجيكي من أصل إيراني للاشتباه في تجسسه لحساب إيران، قائلة إنه التقط صورا للسفارة الأميركية وإنه كان يعتزم إقامة علاقات تجارية في الدولة العبرية كستار للتجسس.

وقال جهاز الأمن الداخلي في إسرائيل (شين بيت) إن علي منصوري وهو في منتصف الخمسينات اعتقل في 11 سبتمبر (أيلول) في مطار بن غوريون بتل أبيب بينما كان عائدا إلى أوروبا. وتزامن الكشف عن اعتقاله مع بداية زيارة لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو للولايات المتحدة، حيث يتصدر البرنامج النووي الإيراني قمة جدول أعماله. وتشتبه الدول الغربية وإسرائيل في أن إيران تحاول حيازة السلاح الذري تحت غطاء برنامج نووي مدني، الأمر الذي تنفيه طهران. وقال شين بيت إن منصوري المولود في إيران كان غير بشكل قانوني اسمه في بلجيكا إلى أليكس مانس، واستخدم جواز سفره البلجيكي لدخول إسرائيل. وأضاف الجهاز أن الحرس الثوري الإيراني جنده كجاسوس، وأنه زار إسرائيل مرتين قبل اعتقاله، الأولى في يوليو (تموز) 2012 والثانية في يناير (كانون الثاني) 2013.

وحصل الرجل الذي تعود أصوله إلى إيران على الجنسية البلجيكية في 2006 بعد زواجه من امرأة متحدرة من بلجيكا طلقها في وقت لاحق. وزار إيران مرات عدة من أجل أعماله، وجند من النظام الإيراني العام الماضي.

ويقول الشين بيت إنه عثر على وثائق بحوزة الرجل، من بينها عدد من الصور لمواقع مختلفة في إسرائيل، منها ما يثير «اهتمام الاستخبارات الإيرانية»، بينها واحدة التقطت لسطح السفارة الأميركية في تل أبيب من شرفة مبنى مرتفع قريب. ويذكر بيان الشين بيت أسماء أربعة مسؤولين إيرانيين كبار يقول إنهم وكلاء الجاسوس. وقال البيان إن منصوري كان يعتزم إقامة روابط تجارية مع رجال أعمال إسرائيليين كستار لجمع معلومات مخابرات و«أنشطة إرهابية». ونقلت مصادر أمنية إسرائيلية عنه القول إنه تلقى وعدا بالحصول على مليون دولار مقابل خدماته. وكشف أن «منصوري محتجز بناء على أمر قضائي، وأنه سيمثل غدا (اليوم) أمام قاض في جلسة ستنظر تمديد فترة حبسه». ولم يجر الإعلان عن توجيه اتهامات رسمية له بعد.

وصرح مصدر مقرب من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بأن اعتقال العميل الإيراني «يشكل دليلا آخر على أن الكلام الصادر من إيران لا يتلاءم مع أفعالها الإجرامية». ونقلت الإذاعة الإسرائيلية عنه القول «في الوقت الذي تدين فيه إيران الإرهاب على الأراضي الأميركية، ترسل طهران عميلا لها لجمع معلومات تمهيدا لارتكاب اعتداء ضد السفارة الأميركية في تل أبيب».

وقال المصدر إن نتنياهو، الذي وصل إلى نيويورك في وقت سابق «سيكشف عن الحقيقة التي تتستر وراء الستار الدخاني الذي أطلقته إيران خلال الأسبوع الأخير». ومن المقرر أن يلتقي نتنياهو والرئيس الأميركي باراك أوباما اليوم (الاثنين)، وسيلقي كلمة أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة غدا (الثلاثاء) في محاولة لمواجهة ما وصفه نتنياهو «بالكلام المعسول» للرئيس الإيراني الجديد حسن روحاني عن التوصل إلى اتفاق مع الغرب لتسوية القضية النووية. وقال قبل مغادرته إلى نيويورك إنه سيقول الحقيقة «أمام حملة تودد (روحاني) وابتساماته وكلامه المعسول يجب أن نقدم وقائع، وقول الحقيقة اليوم أمر حيوي بالنسبة لأمن وسلام العالم ودولة إسرائيل»، حسبما أوردت وكالة الصحافة الفرنسية. وكان نتنياهو يلمح بذلك إلى الحملة الدبلوماسية التي دشنها الرئيس الإيراني في الأمم المتحدة ومكالمته الهاتفية مع الرئيس الأميركي في أول اتصال على هذا المستوى منذ الثورة الإسلامية في 1979. وأفادت وسائل الإعلام بأن نتنياهو أمر وزراءه بعدم الإدلاء بتصريحات علنية تفاديا لانتقاد الرئيس أوباما.

وفي غضون ذلك، انتقد الرئيس الإسرائيلي شيمعون بيريس لهجة «الازدراء» المستعملة في إسرائيل ضد أوباما والولايات المتحدة بشأن إيران. وصرح الرئيس بيريس لإذاعة الجيش «قد نكون متفقين أو غير متفقين (مع الأميركيين) لكنني لا أحبذ لهجة الازدراء هذه. إن الآخرين لهم عقول يفكرون بها أيضا، وليس فقط نحن». وأضاف بيريس «يجب أن نتحادث وأن نحاول التأثير عليهم» أي الأميركيين.

وجاء ذلك بينما هدد وزير الخارجية الإسرائيلي السابق أفيغدور ليبرمان إيران بشكل غير مباشر بتوجيه ضربة عسكرية إلى منشآتها النووية على غرار ما حدث مع المفاعل النووي العراقي أوائل ثمانينات القرن الماضي. وكتب زعيم حزب «إسرائيل بيتنا» اليميني المتطرف أمس على صفحته على موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك»: «إنه لأمر جيد أن نتذكر أن إسرائيل في حالة المفاعل النووي العراقي كانت هي الدولة الوحيدة التي حذرت وتحركت بشكل فعال». وتابع رئيس لجنة العلاقات الخارجية والأمن بالكنيست الإسرائيلي حديثه قائلا «بنظرة إلى الوراء يتضح أننا كنا على حق». ودمرت المقاتلات الإسرائيلية عام 1981 مفاعل (تموز) النووي العراقي جنوب شرقي العاصمة بغداد، وكان يدار في هذا الموقع العديد من المفاعلات البحثية منذ الستينات.