«أرض الوطن» بين الخيال والواقع

هجوما البحرية ونيروبي وتهديد البنتاغون واقع أم خيال ؟

TT

بدأ أمس الموسم الجديد لمسلسل «هوملاند» (أرض الوطن)، والذي صار من أكثر المسلسلات التلفزيونية شهرة في الولايات المتحدة. كما يتضح من اسمه، هو عن «الحرب ضد الإرهاب» التي كان الرئيس السابق بوش الابن أعلنها بعد هجمات 11 سبتمبر (أيلول) عام 2001.

هذا هو الموسم الثالث للمسلسل. ركز الأول على المسلمين. لكن، قلل الثاني من ذلك. وربط إرهابيين شرق أوسطيين سمر بإرهابيين أميركيين بيض.

ولا يعرف اتجاه الثالث الجديد، ربما سينتقل من الخيال إلى الواقع. وذلك لأن واقع الإرهاب، خلال الأيام القليلة الماضية، صار كأنه أكثر إثارة من الخيال:

أولا: أحضر موظف متعاقد، يبدو أنه مختل العقل، بندقية إلى مكتب وظيفته، كخبير في مجال تكنولوجيا المعلومات، وقتل 12 من زملائه في القاعدة البحرية في واشنطن. وكان يحمل إذنا أمنيا. ولا يعرف لماذا منح الإذن رغم سوابقه الخطيرة.

ثانيا: نيروبي، اقتحمت مجموعة إسلامية مسلحة مركزا تجاريا، وبدأت، عشوائيا، تقتل المتسوقين خلال عطلة نهاية الأسبوع. وقتلت، على الأقل، 67 شخصا.

ثالثا: أمام البنتاغون في واشنطن، اقتحم شخص، أو أشخاص، عربة شرطة، وسرقوا مجموعة من المفاتيح التي يمكن أن تسمح لهم بالوصول إلى منشآت البنية التحتية لقطارات المترو (قطارات الأنفاق) في واشنطن. بعض هذه المنشآت ذات حماية أمنية عالية، خاصة أن بعض الأنفاق تمر تحت نهر بوتوماك، الذي تقع عليه واشنطن، وبالقرب من البيت الأبيض، وبالقرب من الكونغرس، وتمر مباشرة تحت مبنى البنتاغون نفسه. وحتى الآن، لا يعرف من هم؟ ولماذا فعلوا ما فعلوا؟ وأين المفاتيح؟

ليس هذا جزءا من حلقات «أرض الوطن» الجديدة، لأنه واقعي. لكنه يمكن أن يكون متابعة لآخر حلقات المسلسل في الموسم الماضي، والذي تقوم بدور البطولة فيه الحسناء الشقراء عميلة وكالة الاستخبارات المركزية (سي أي إيه) كاري ماثيسون (تمثلها: كلير دينز).

في الموسم الماضي، كذبت ماثيسون على لجنة الاستخبارات في الكونغرس، خلال جلسة سرية، عن الانفجار الذي قتل أكثر من 200 شخص في لانغلي، من ضواحي واشنطن العاصمة، وحيث تقع رئاسة وكالة «سي أي إيه».

وهكذا، لم يعد سهلا التفرقة بين الخيال والحقيقة. لأن واشنطن صارت مسرحا لكثير من العمليات الإرهابية، والعمليات الأمنية المضادة. وتقع أحداث المسلسل في واشنطن لتزيد الهلع هلعا.

في الحلقات الماضية، طاردت العميلة الحسناء «أبو ناظر»، العقل المدبر لشبكة إرهابية عالمية. وأعجب الأميركيون بشجاعتها، وتصميمها، ووصفها البعض بأنها «المرأة الحديدية الحقيقية»، إشارة إلى أن مارغريت ثاتشر، رئيس وزراء بريطانيا قبل ثلاثين سنة تقريبا، لا تستحق الوصف.

لكن، اهتزت قوة ومصداقية الجاسوسة عندما بدأت علاقة سرية مع الضابط العسكري نيكولاس برودي، زميلها في الحرب ضد الإرهاب. ليس فقط لأن العلاقة السرية قللت من مصداقيتها، ولكن، أيضا، لأن برودي نفسه لا يتمتع بمصداقية بسبب اتهامه بأنه إرهابي. وأنه يتعاون سرا مع الإرهابيين الذين يدعي أنه يحاربهم.

أكثر من ذلك، يعتقد أن برودي وراء انفجارات ضاحية لانغلي، حيث رئاسة «سي أي إيه». وأنه يقوم بالدور الأميركي للإرهابيين المسلمين الذين يمكن كشفهم إذا جاءوا إلى الولايات المتحدة. كما أنه ليس «الإرهابي الشرق أوسطي»، لأنه الأميركي صاحب اللكنة الجنوبية، الأبيض، المحافظ، والضابط في القوات الأميركية.

لكن، في الجانب الآخر، يمكن أن يكون برودي بطلا حقيقيا، لأنه «يتعاون» مع الإرهابيين لكشفهم. ومثل هذه الاحتمالات جعلت المشاهدين يتشوقون لمزيد من الحلقات. ومنحت المسلسل أكثر من جائزة «إيمي» للإبداع التلفزيوني.

وهناك النشاطات العلنية والخفية، والمؤكدة وغير المؤكدة لأكثر من شخصية في المسلسل خلال العامين الماضيين. بداية بسلوك الحسناء كاري، عندما كانت جاسوسة في العراق (بعد الغزو الأميركي عام 2003). أخطأت في مواضيع رسمية لها صلة بعملها الرسمي، وأخطأت في «علاقات مشبوهة»، وهي الجاسوسة السرية. لهذا، وضعت تحت المراقبة، ونقلت إلى مركز مكافحة الإرهاب في قيادة «سي أي إيه»، في ضاحية نغلي.

وهناك السؤال عن «برودي» أسير الحرب الأميركي في العراق، والذي يعتقد أن منظمة القاعدة، التي كانت خطفته، غسلت مخه، وحولته إلى إرهابي. ظل هذا السؤال موضوع عدد من حلقات المسلسل.

وزاد تعقيد الوضع لأن ديفيد اسيليز، مدير «سي أي إيه»، يعتقد أن برودي «بطل حرب حقيقي». ويجب أن يزين صدره بمزيد من أوسمة ونياشين البطولة.

ومع هذا وذاك، ينتظر المشاهدون في الموسم الجديد مزيدا من الهجمات الإرهابية. ربما بمساعدة «البطل» برودي.