قيادي في «العمال الكردستاني»: إصلاحات أردوغان دعاية انتخابية مبكرة

اتهم الدولة التركية بأنها مستمرة في «التنكر» للوجود الكردي

رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان يحضر مناقشة برلمانية في أنقرة أمس (رويترز)
TT

لم تجر رياح التغيير بما تشتهي سفن رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان الذي بادر أول من أمس بإطلاق حزمة من الإصلاحات الديمقراطية قال عنها إنها «ستكون صادمة ومفاجئة للجميع». فباستثناء أن تلك الحزمة كانت فعلا «صادمة» بالنسبة لقيادة حزب العمال الكردستاني في جبل قنديل بكردستان العراق، و«مفاجئة» للأحزاب السياسية الكردية العاملة داخل تركيا، فإنها لم تغير من الواقع شيئا، ولا يتوقع لها أن تنهي الصراع الدامي المستمر منذ أكثر من 40 عاما داخل البلاد، ولا حتى أن تغري قيادة الكردستاني، سواء في سجن إيمرالي أو بجبل قنديل، لمواصلة مبادرة السلام التي أطلقها زعيم الحزب عبد الله أوجلان.

فالقيادي والمتحدث الرسمي باسم منظومة المجتمع الكردستاني زاكروس هيوا أوضح في اتصال من مكتبه في جبل قنديل لـ«الشرق الأوسط» موقف حزبه من الحزمة الديمقراطية، معتبرا أنها لا تقدم ولا تؤخر شيئا، فهي لا تعدو سوى دعاية انتخابية مبكرة من قبل أردوغان لصالح حزبه.

ووصف هيوا تلك الحزمة، بأنها حزمة ديماغوجية وليست ديمقراطية، فلم يتطرق أردوغان في مجمل تلك القرارات التي أعلن أن حكومته ستتخذها لإجراء التعديلات ودعم الديمقراطية، ولو بكلمة واحدة إلى الشعب الكردي ولا الاعتراف بوجوده في تركيا، رغم كون الشعب الكردي يشكل القومية الثانية في تركيا ويزيد تعداده على أكثر من 20 مليون نسمة. وأضاف «هذا التنكر الواضح لوجود الشعب الكردي يؤكد نيات القيادة التركية وعدم استعدادها للاعتراف بحق الوجود الكردي، فكيف يمكن الحديث عن التحول الديمقراطي في ظل إنكار قومية ثانية في تركيا؟».

وقلل القيادي الكردي من أهمية الإصلاحات التي أعلن عنها أردوغان وقال، إن «حق التحدث باللغة الأم، ونشر الثقافة باللغة الكردية، وتلقي التعليم الخاص باللغة الأم، والمشاركة السياسية وحق الانتماء الحزبي وما إلى ذلك من المحرمات والممنوعات التي فرضتها الدولة التركية منذ عقود، هي من أبسط حقوق الإنسان تقرها المواثيق والأعراف والقوانين الدولية، ولا ينبغي أن ينظر إليها كمكاسب عظمى حققتها حكومة أردوغان لنا، ومع كل ذلك هناك مسائل أساسية تتعلق أيضا بحقوق الإنسان، إذ هناك أكثر من 10 آلاف رهينة تحتجزهم الحكومة التركية لتعاطفهم مع حزبنا، حتى هؤلاء لم تشملهم تلك الحزمة الديمقراطية التي بشر بها أردوغان».

وقال القيادي، إنه «منذ عدة سنوات يحاول أردوغان ذر الرماد في العيون، ويحاول من خلال بعض القرارات والتصريحات المستهلكة إقناع الرأي العام التركي وكسبه لصالح حزبه بالانتخابات، وفي الوقت ذاته يتحين كل فرصة متاحة لتصفية القضية الكردية بالقوة، أول من أمس في لحظة إعلانه عن الإصلاحات الديمقراطية كانت طائراته تطير على مستوى منخفض جدا فوق مقراتنا، وهذه كانت رسالة واضحة موجهة إلينا، ولذلك لسنا مقتنعين بتاتا بنيات أردوغان وحزبه بإجراء الإصلاحات الحقيقية التي تساعد على إنهاء الصراع الدامي بتركيا».

وبسؤاله عما إذا كان ذلك يعتبر موقفا رسميا من حزبه برفض تلك الإصلاحات، قال هيوا «ستصدر قيادة الحزب بيانا للرأي العام في غضون الأسبوع المقبل لتوضيح موقفها، ولا أعتقد أن تلك الحزمة ستقنع زعيم حزبنا المعتقل في جزيرة إيمرالي الذي تقدم بمبادرته بحسن نية من أجل حقن الدماء وإنهاء الصراع، وبذل جهودا كبيرة لإقناع قيادة قنديل والرأي العام داخل تركيا بأهمية وضرورة اللجوء إلى الحوار والسلام، ولكن كل تلك المبادرات السلمية واجهت موقفا متناقضا من الحكومة التركية التي تريد بحفنة من القرارات غير المجدية إقناع العالم والرأي العام التركي بأنها جادة بتحقيق السلام في تركيا وهذا غير صحيح».

موقف الأحزاب والقوى السياسية الكردية العاملة داخل تركيا لم يختلف عن موقف قيادة قنديل، حيث تفاجأت تلك القوى بحزمة الإصلاحات التي وصفها السياسي الكردي المعروف أحمد تورك بأنها لن تحل القضية الكردية في تركيا. وقال، إن «ما أعلن من الإصلاحات لا يمكن أن نصفها بإصلاحات تساعد على حل القضية الكردية، ولا حتى اعتباره دعما لعملية السلام الحالية في تركيا، هناك الآلاف من السياسيين والنشطاء الكرد محبوسون بسبب أفكارهم وانتماءاتهم السياسية لم يرد ذكرهم مطلقا بتلك الحزمة، وهؤلاء دافعوا عن هويتهم وانتمائهم القومي».

من جهتها أشارت كولتان كشاناك الرئيسة المشاركة لحزب السلام والديمقراطية في مؤتمر صحافي إلى أن الحزمة كانت مخيبة للآمال، ولم تكن بمستوى توقعاتنا، فالحكومة التركية ما زالت تحت تأثير عقلية الحكومة الاستفرادية، وما زالت تضيق على الحريات ومشاركة الآخرين بإدارة شؤون البلاد، فالحزمة لم يرد فيها أي دليل أو إشارة لتوسيع مدى الحريات، أو القبول بالآخر، على الحكومة ألا تسعى لصهر القومية الكردية وتتريك المواطنين، ونحن بالأساس لا نطالب بحقوقنا، بل نريد أن نسترد حقوقا مسلوبة منا، وكان يفترض أن تراعي تلك الحزمة من الإصلاحات مصلحة الجميع، وليس مصلحة فئة أو حزب معين، وتحديدا حزب العدالة والتنمية الحاكم.

وباستثناء حكومة إقليم كردستان لم تلق الحزمة التأييد المطلوب من القوى السياسية داخل وخارج تركيا، إذ صرح المتحدث الرسمي باسم حكومة الإقليم سفين دزه يي أن حكومته ترحب بصدور حزمة الإصلاحات الديمقراطية من قبل السيد أردوغان، وتعتبرها خطوة إيجابية نحو دمقرطة المجتمع وتثبيت أسس الديمقراطية في تركيا بما يخدم كل أفراد المجتمع التركي، ونأمل أن تكون بداية لخطوات أكبر نحو حل القضية الكردية ومعالجة جميع المشكلات في تركيا في إطار الحوار السلمي، ويفترض بالجميع دعم تلك الخطوة.