المعارضة المسلحة السودانية تقدم مقترحا لإعلان سياسي لتوحيد «قوى الثورة»

الجيش الشعبي في شمال السودان يعلن انتهاء وقف العدائيات في منطقتي جنوب كردفان والنيل الأزرق

محتجون سودانيون من جامعة السودان كلية الهندسة بالخرطوم ظهر أمس («الشرق الأوسط»)
TT

في وقت أعلنت فيه القيادة العامة للجيش الشعبي لتحرير السودان، التي تقاتل نظام الخرطوم، انتهاء «الهدنة» التي كانت مبرمة من جانب واحد، منذ الأول من سبتمبر (أيلول) الماضي، قدمت الجبهة الثورية المعارضة التي تضم عددا من الحركات المسلحة مقترحا لإعلان سياسي يضم ما سمته بـ«قوى الثورة السودانية»، يضع ترتيبات للمرحلة الانتقالية التي تلي مرحلة ما بعد إسقاط النظام السوداني.

وقال الأمين العام للحركة الشعبية لتحرير السودان ياسر عرمان، في بيان حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، إن قيادة الجيش الشعبي أعلنت عن انتهاء مدة وقف العدائيات التي كانت قد أعلنت قبل شهر للتضامن مع متضرري السيول والأمطار في السودان. وأضاف البيان أن «النظام الحاكم وعلى الرغم من الهدنة واصل تحركاته برا وجوا بقصف المدنيين، مما أحدث خسائر في أوساط المدنيين تم الإعلان عنها في حينها». وقال «لكن كان من الضروري للحركة الشعبية والجيش الشعبي إبداء الحساسية والمسؤولية تجاه الكوارث التي ألمت بشعبنا»، معتبرا أن «الحكومة نتيجة فشلها حطمت المؤسسات وأجهزة الدولة التي كان بإمكانها التصدي للكوارث الطبيعية».

وكشف بيان الأمين العام للحركة عن تعليمات صدرت للجيش الشعبي بالعمل مع القيادة المشتركة للجبهة الثورية على نحو يعزز فرص انتصار ما سمته الانتفاضة السلمية التي بدأت في شهر سبتمبر (أيلول) الماضي بالتنسيق مع قوى الانتفاضة وقيادتها. ودعا البيان إلى توسيع وتعميق طابعها السلمي، مشيرا إلى أن كل إمكانيات الحركة الشعبية والجيش الشعبي في خدمة قوى التغيير وبتنسيق تام مع الجبهة الثورية وقوى التغيير الأخرى من أجل إسقاط النظام.

وتقاتل الحركة الشعبية حكومة الخرطوم منذ عامين في منطقتي جنوب كردفان والنيل الأزرق، ودخلت في تحالف مع الحركات المسلحة التي تقاتل في دارفور تحت لواء الجبهة الثورية، ووسعت الجبهة في عملياتها إلى أن وصلت للعمق السوداني في شمال كردفان في أبريل (نيسان) الماضي. وقد أعلنت في وقت سابق عن عزمها على وضع السلاح في حال نجاح المظاهرات التي تشهدها العاصمة الخرطوم وعدد من مدن الولايات الأخرى للإطاحة بنظام الرئيس عمر البشير.

من جهة أخرى، تقدمت الجبهة الثورية بمقترح سمته الإعلان السياسي لقوى الثورة السودانية، يتوقع أن يضم قوى سياسية مدنية ومسلحة، بالإضافة إلى حركات الشباب والنساء والنقابات، ومنظمات المجتمع المدني، وشخصيات مستقلة تقف مع التغيير، لإسقاط النظام، والاتفاق على مدة الفترة الانتقالية بين القوى المتوقع أن توافق على الإعلان. ودعا الإعلان السياسي المقترح إلى تشكيل مؤسسات الفترة الانتقالية من القوى الموقعة والكفاءات والخبرات الوطنية بتمثيل ألوان الطيف السياسي والجغرافي والاجتماعي والنساء إلى جانب القوى التي يمكن أن تنشق عن النظام والتي تنشد التغيير ولم تتلطخ أياديها بدماء الأبرياء.

وحدد الإعلان السياسي المقترح مهام الفترة الانتقالية، بأن يتم إعلان دستوري لنظام ديمقراطي تعددي يقوم على المواطنة المتساوية ويكفل حقوق الإنسان وفق المواثيق والمعايير الدولية، وإنهاء الحرب بمواجهة جذورها من تهميش واستعلاء ثقافي وعنصري وتأسيس نظام لا مركزي حقيقي يراعى تمثيل الأقاليم وفرص التنمية واحترام التنوع الثقافي الديني واللغوي. وتعهدت الجبهة الثورية مقدمة الإعلان بأنها ستوقف إطلاق النار فور انتصار الثورية الشعبية مما يمهد لتحقيق أهداف الفترة الانتقالية التي تشارك في أجهزتها الجبهة الثورية لكي توجه نفقات الحرب إلى التنمية.

وشدد الإعلان على تنفيذ العدالة بما يشمل محاسبة مرتكبي الإبادة الجماعية ومنتهكي حقوق الإنسان واسترداد الأموال المنهوبة، وإجراء المصالحة الشاملة وفي المناطق المتأثرة بالحرب على أساس الحقيقة والإنصاف. ودعا الإعلان إلى الخروج من حالة الدولة الفاشلة وإعادة بناء أجهزتها لضمان قومية المؤسسات المدنية والعسكرية واستقلال القضاء والانتقال من دولة الحرب إلى دولة الوطن. وشمل الإعلان قضية عودة النازحين واللاجئين بتوفير الأمن والخدمات الأساسية في مناطقهم الأصلية إلى جانب تعويضهم بشكل عادل ومجز.

وأكد الإعلان على ما اتفقت عليه كل القوى السياسية لعقد مؤتمر قومي دستوري، على أن تتعهد القوى التي ستوقع على الإعلان السياسي بالتوافق على دستور ديمقراطي يكفل حقوق الإنسان، وعلى كيفية حكم السودان، والتوصل إلى دستور ديمقراطي دائم، إضافة إلى إجراء إحصاء سكاني مهني ونزيه وتنظيم انتخابات حرة ونزيهة ومراقبة دوليا. ولا يختلف الإعلان السياسي المقترح من الجبهة الثورية عن وثيقتها التي وقعت عليها مع عدد من قوى الإجماع الوطني في يناير (كانون الثاني) الماضي، غير أن الأحزاب التي وقعت تراجعت عن الوثيقة بعد أن واجهت حملة شرسة من الحكومة.