وزير الشؤون العامة المغربي يقلل من تداعيات رفع أسعار المحروقات على السلم الاجتماعي

بوليف: قرار نظام المقايسة اتخذ بالإجماع داخل المجلس الحكومي

TT

قلل محمد نجيب بوليف، وزير الشؤون العامة والحكامة المغربي، من حجم تأثير الزيادة في أسعار المحروقات الناتج عن قرار الحكومة اعتماد نظام المقايسة الجزئية، على السلم الاجتماعي في البلاد، وقال إن السلم الاجتماعي مرتبط بمسار الدولة المغربية، وليس بقرار تتخذه الحكومة، مشيرا إلى أن السلم الاجتماعي منظومة سياسية يوجد على رأسها الملك محمد السادس، الذي يحافظ على التوازن السياسي والاجتماعي في البلاد.

وأوضح بوليف، الذي كان يتحدث أمس في لقاء نظمته وكالة الأنباء المغربية، أن اعتماد نظام المقايسة كان ضروريا من أجل الحفاظ على التوازنات الماكرو اقتصادية للبلاد، والقدرة الشرائية للمواطنين، وكذا تنافسية المقاولات، مشيرا إلى أن الدولة تسعى من خلال هذه الإجراء الذي يعد جزءا من إصلاح صندوق المقاصة (صندوق دعم المواد الأساسية) إلى الوصول في غضون السنوات المقبلة، إلى ما يعرف بـ«الأسعار الحقيقية»، كما أن الهدف من الإجراء، يضيف بوليف، هو فك الارتباط بين الموازنة والأسعار في السوق العالمية، وبالتالي تفادي أي أثر سلبي لتقلبات الأسعار العالمية على مختلف بنود الموازنة العامة ولا سيما موازنة الاستثمار.

وقلل بوليف، الذي ينتمي لحزب العدالة والتنمية، متزعم الائتلاف الحكومي، أيضا من حجم مظاهرات الاحتجاج التي قادتها أحزاب سياسية ونقابات ضد قرار الزيادة في أسعار المحروقات، وقال إن المغاربة مستعدون للنزول إلى الشارع للدفاع عن القضايا الكبرى للبلاد، وليس من أجل تصفية حسابات يقودها زعيم سياسي لديه خلاف مع زعيم سياسي آخر، في إشارة إلى المظاهرة التي قادها حميد شباط، الأمين العام لحزب الاستقلال، قبل أسبوعين ضد القرار، وخلافه مع عبد الإله ابن كيران، رئيس الحكومة، الذي أدى إلى انسحاب «الاستقلال» من الحكومة.

وردا على سؤال حول اعتراض أحزاب من داخل الغالبية الحكومية على نظام المقايسة، قال بوليف إن القرار اتخذ بالإجماع داخل المجلس الحكومي ولم تكن هناك سوى ملاحظات بشأن توقيته وطريقة تنفيذه، بيد أن القرار لم يناقش من قبل داخل هذه الأحزاب، وهو ما جعلها تعبر عن رأي مخالف عندما اجتمعت مع هياكلها الداخلية، وعده أمرا طبيعيا، مؤكدا أن هذا القرار اتخذته الحكومة، وليس حزب العدالة والتنمية. وبشأن الانتقادات التي وجهت للحكومة بسبب عدم إشراكها لمختلف الفاعلين قبل اتخاذ القرار، أقر بوليف أنه لم يجر إشراك الجميع، لأن الأمر يتعلق بقرار تدبيري للحكومة، ويدخل ضمن صلاحياتها، ولا يتصور إشراك نقابات وأحزاب معارضة لإقناعها به.

وقال بوليف إنه على الرغم من الجدال الذي أثاره القرار على المستوى الداخلي، فإن المغرب على المستوى الدولي يتمتع بسمعة جيدة في الخارج، والكل يشيد بالتطورات الاقتصادية التي تعرفها البلاد وقدرتها على جذب الاستثمارات، وحفاظها على استقرارها الداخلي، وتجاوز اضطرابات «الربيع العربي»، معلنا في هذا السياق أن البنك الدولي عبر عن استعداده لرفع الدعم المخصص للمغرب إلى مليار دولار بدل 700 مليون دولار حاليا. وأقر بوليف في المقابل أن المغرب يمر بمرحلة صعبة وتنتظره إجراءات صعبة كذلك، لكنها ضرورية من أجل ضمان رؤية واضحة للمستقبل المتوسط والبعيد للبلاد.

وردا على سؤال حول ما إذا كان حزبه لا يخشى أن تتأثر شعبيته بسبب الزيادات المتتالية في الأسعار، قال بوليف إن الحزب يهمه الحفاظ على شعبيته، لكن إذا كانت هذه الشعبية تتعارض مع المصلحة العليا للبلاد فإنه يرجح مصلحة البلاد، مشيرا إلى أن أي قرار يتخذ لا بد أن يكون له أثر إيجابي على مؤشرات، وأثر سلبي على مؤشرات أخرى. وأضاف أن انعكاس القرار على أسعار بعض السلع سيكون محدودا جدا. وأعلن عن وجود إجراءات أخرى لدعم القدرة الشرائية ستتضمنها موازنة العام المقبل دون الإفصاح عنها.

وأشار بوليف إلى أن وضعية المغرب متقدمة جدا مقارنة مع الدول المجاورة فالفقر تراجع ومعدل البطالة مستقر ما بين 8 و9 في المائة، والقدرة الشرائية تحسنت خلال السنوات الثلاث الأخيرة.

وقال المسؤول المغربي إن إصلاح صندوق المقاصة، عليه إجماع وطني، بيد أنه كلما بادرت الحكومة إلى اتخاذ إجراء بهذا الشأن تلقى معارضة شديدة «فعندما اقترحت توزيع أموال الدعم على مستحقيها من الفقراء، وفق ضوابط مدروسة، اتهمنا بأننا نسعى لشراء أصوات الناخبين، وعندما قررنا رفع الأسعار، قيل إننا نهدد السلم الاجتماعي».