السيسي: أدركت أن مرسي ليس رئيسا لكل المصريين وقلت له «لقد فشلتم»

قال: كان يفصلنا عن الحرب الأهلية شهران

حملة شعبية مصرية تدعو الفريق أول عبد الفتاح السيسي النائب الأول لرئيس الوزراء ووزير الدفاع المصري للترشح للانتخبات الرئاسية (إ.ب.أ)
TT

كشف الفريق أول عبد الفتاح السيسي، وزير الدفاع والإنتاج الحربي القائد العام للقوات المسلحة المصرية، عن أنه أدرك مبكرا أن الرئيس السابق محمد مرسي ليس رئيسا لكل المصريين، مضيفا أنه قال له في فبراير (شباط) الماضي «لقد فشلتم». وتحدث السيسي عن العديد من الخبايا التي تعرف للمرة الأولى، مشيرا إلى ملابسات قوله لمرسي «لقد فشلتم.. ومشروعكم انتهى».

وقال السيسي في حوار مع صحيفة «المصري اليوم» المصرية إنه كان يلتقي بمرسي كثيرا «وكنا نتكلم كثيرا، ورغم أن الحديث في السياسة بين أي رئيس والقوات المسلحة مسألة موضع تحفظ، فإنني كنت أستشعر أن علي التزاما أخلاقيا ووطنيا أن أتكلم بكل وضوح، حتى لو أدى الأمر إلى تركي منصبي، وفي كل الأحوال لن أترك منصبي قبل الموعد الذي أذنه الله»، مشيرا إلى أنه قال للرئيس السابق حين التقاه في ذلك اليوم «مشروعكم انتهى، وحجم الصد تجاهكم في نفوس المصريين لم يستطع أي نظام سابق أن يصل إليه، وأنتم وصلتم إليه في 8 شهور».

وأكد السيسي أن «الانقلاب» ليس من أدبيات الجيش، وأن تحرك القوات المسلحة وانحيازها للشعب أملته المصلحة الوطنية بعد فشل الكثير من الجهود التي قام بها، وشدد على ذلك قائلا إن «فكرة الانقلاب غير موجودة في أدبياتنا.. لأنه خطر شديد أن يقوم الجيش بانقلاب»، مؤكدا في الوقت نفسه على أن الجيش كان حريصا على نجاح «الإخوان المسلمين» في الحكم باعتبار ذلك نجاحا للدولة المصرية، وهو ما لم يحدث، مما دفع الجيش للتحرك. وقال إن تحرك الجيش «أملته علينا المصلحة الوطنية وضرورات الأمن القومي والتحسب لوصول البلاد إلى الحرب الأهلية في غضون شهرين إذا ما استمرت الحالة التي كنا فيها»، مشيرا إلى أن «القوات المسلحة كانت تتابع الموقف في البلاد، وكانت تقديراتها أننا لو وصلنا إلى مرحلة الاقتتال الأهلي والحرب الأهلية فلن يستطيع الجيش أن يقف أمامها أو يحول دون تداعياتها، وستكون خارج قدرته على السيطرة».

وردا على سؤال عما إذا كان قد توقع أن مرسي لا يريد أن يُغلّب مصلحة البلاد على مصلحة الجماعة، وكيف توصل إلى هذه القناعة، قال السيسي «لم يكن أملي أن يصدق هذا التوقع». وأضاف «كنت أرغب في أن أرى عهدا جديدا يأخذ البلاد بعيدا عما يحيط بها من تهديدات، ويوفر مناخا من الأمن والاستقرار والتنمية يحقق طموحات الشعب. أما عن قناعتي بعدم تغليب الرئيس السابق مصلحة البلاد على مصلحة الجماعة فإنها تعود إلى الدراسة العميقة للعديد من العوامل التي تبدأ من السمات العامة لشخصية الرئيس وعلاقته بالجماعة ونظامها وأهدافها الحقيقية».

وتابع الفريق أول عبد الفتاح السيسي قائلا إن «الإشكالية في هذا الأمر – ومن دون الإساءة إلى أي أحد - نابعة من البناء الفكري والعقائدي لهذه المجموعة. وبالمناسبة هذا لا يقدح فيهم، لكنه يؤثر على جهودهم في إدارة أي دولة». وأوضح أن «هناك فارقا كبيرا جدا بين النسق العقائدي والنسق الفكري لأي جماعة، وبين النسق الفكري والعقائدي للدولة، ولا بد أن يتناغم الاثنان مع بعضهما بعضا، وحين يحدث التصادم بينهما هنا تكمن المشكلة».

وقال السيسي إنه «حتى يتناغم الاثنان مع بعضهما بعضا (نسق العقيدة ونسق الدولة) يجب أن يصعد أحدهما للآخر، إما أن تصعد الدولة إلى الجماعة، وهذا أمر مستحيل، وإما أن تصعد الجماعة إلى الدولة، من خلال التخلي عن النسق العقائدي والديني، وهذا أمر أعتقد أنهم لم يستطيعوا فعله، لأن ذلك يتعارض مع البناء الفكري للمجموعة، وسيبقى هذا الفارق بين النسقين مؤديا إلى وضع متقاطع يقود إلى وجود مشاكل وفوارق، تجعل الناس يشعرون بهذا الوضع ويخرجون للتظاهر».

وفي موضع آخر من الحوار تساءل الفريق أول عبد الفتاح السيسي «هل هناك أحد يستطيع أن يجادل أن هؤلاء الإسلاميين حريصون على الإسلام؟!»، وأجاب «لا شك في ذلك، لكن المشكلة أنهم لا يستطيعون التفرقة بين ممارسات الفرد فيهم كإنسان وفرد في الجماعة، وبين ممارساته في إطار نسق الدولة، وحين حدث خلط وعدم تناغم بين نسق الفرد والجماعة والدولة حدث ما نراه حاليا، فقد جعلوا الناس يرون أن الإسلام عبارة عن تخريب وتدمير، وأريد أن أقول لك إن صورة الإسلام حاليا في العالم أساء إليها مَنْ يطلقون على أنفسهم إسلاميين، من خلال ممارساتهم، فبدا أن هؤلاء الحريصين على الدين أساءوا إلى الإسلام بصورة غير مسبوقة، وأصبح الإسلام مرادفا للقتل والدم والتدمير والتخريب».

وتابع قائلا «لا بد علينا أن نقيّم الأمور بشكل في منتهى التجرد، ونرى كيف يرى العالم الإسلام، خاصة في بلادنا، ويجب أن نرى كيف ترى الدول الأخرى الإسلام»، مشيرا إلى أن «المشكلة في التطبيق لا محالة، وليست في المنهج أبدا»، موضحا أن «التطبيق هو الذي أخرج هذا الشكل الذي أساء إلى الإسلام، في جميع دول العالم، من خلال سلوكيات وأفعال لا علاقة لها بالمنهج».

وفي ما يخص ما يتردد عن أن الخلاف بين المؤسسة العسكرية والرئيس السابق بدأ مع احتفالات السادس من أكتوبر (تشرين الأول) العام الماضي، خاصة بعد أن تصدر قتلة السادات مشهد الاحتفال، بالإضافة إلى عدم قبول البعض أن يكون مرسي قائدا أعلى للقوات المسلحة، قال الفريق أول عبد الفتاح السيسي إنه لا يؤيد مثل هذه الرؤى، مشيرا إلى أن «ما حدث يأتي في سياق عدم وجود خلفية عن الدولة وأسلوب قيادتها، خاصة دولة بحجم وظروف مصر، فلو كانوا يدركون أن هذا الأمر سيعطي إشارة سلبية للمجتمع وللجيش ما كانوا فعلوا ذلك»، مشددا على أنه يتحدث «بمنتهى الإنصاف»، قائلا «أريد عندما نتحدث عن موضوع ألا نغالي، فلا نريد أن نكون كالذي (إذا خاصم فجر)، ونحمّل الأمر بما ليس فيه».

وعن العلاقة بين جماعة الإخوان والجيش، قال السيسي إن بينهما فجوة خلافات عميقة خاصة بعد ثورة 1952. وقال إن «القراءة لتاريخ جماعة الإخوان تكشف فجوة الخلاف العميقة بين الجماعة والقوات المسلحة، ارتباطا بالكثير من الاعتبارات التي يأتي في مقدمتها الخلاف التاريخي بين الجماعة وثورة يوليو (تموز) 1952، وبصفة خاصة الزعيم الخالد جمال عبد الناصر، والخلاف العقائدي، ففي حين أن الانتماء والولاء بالقوات المسلحة للدولة والوطن بحدوده، فالولاء والانتماء بـ(الإخوان) للجماعة وأفكار الخلافة والأمة التي لا ترتبط بالوطن والحدود».

وأضاف متحدثا عن تصدر قتلة السادات لمشهد ذكرى انتصار أكتوبر في عام 2012 تحت رعاية الرئيس السابق، بقوله إن «النتيجة أن الاحتفال بذكرى أكتوبر استبعد الأبطال وقرب القتلة المنتمين أو المرتبطين بالجماعة، الأمر الذي شكل صدمة لنا جميعا في القوات المسلحة، إلا أننا كمؤسسة منضبطة لم نبادر بإظهار الاستياء والرفض لهذه التصرفات غير المسؤولة التي لا تُسيء للقوات المسلحة وإنما للدولة والشعب والأمة العربية التي كانت شريكا متكاملا مع مصر في هذا النصر».

* أجرى الحوار ياسر رزق

*تنشره «الشرق الأوسط» بالاتفاق مع «المصري اليوم»