النظام يستعيد طريق إمداد يصل حماه بحلب.. والمعارضة تتهمه بتهجير تركمان من طرطوس

الأمم المتحدة تتوقع فرار أربعة ملايين سوري آخرين في 2014 * «الحر» ينفي تعمد استهداف الأحياء المسيحية بدمشق

مقاتل سوري يحاول مساعدة مواطنين على حمل أمتعتهم من أنقاض أحد المباني المدمرة في إدلب أمس (رويترز)
TT

واصلت القوات النظامية السورية، أمس، حملتها على قرية المتراس في ريف طرطوس، حيث عثر الأهالي على جثث مدنيين تم إعدامهم ميدانيا، بعد اقتحام القرية ذات الغالبية التركمانية، وفق ما أكده ناشطون.

وفي حين نفى قياديون في «الجيش السوري الحر» تعمد المعارضة استهداف حي القصاع المسيحي، وسط العاصمة، أول من أمس، وفق ما ذكرته وسائل إعلام النظام السوري، اتهم ناشطون في ريف طرطوس النظام السوري بتهجير سكان قرية المتراس ذات الغالبية التركمانية»، مشيرين إلى أن «عناصر نظامية طلبت من الأهالي مكبرات الصوت مغادرة القرية فورا».

وأوضح الناشط الميداني عمر الجبلاوي، الذي يتنقل بين قرى الريف الساحلي لـ«الشرق الأوسط» أن «اقتحام النظام للقرية حصل على خلفية قيام الأهالي بحماية أنفسهم، بعد سلسلة عمليات خطف قامت بها مجموعات (شبيحة) من القرى العلوية المجاورة»، نافيا بشكل قاطع وجود الجيش الحر داخل القرية.

وكان المرصد السوري لحقوق الإنسان قد حذر قبل أيام من وقوع مجزرة وشيكة، بعد تكثيف النظام قصف البلدة واقتحامها من قبل «شبيحة النظام»، مما أدى إلى تسليم عشرات الشبان والمنشقين من البلدة أنفسهم إلى القوات النظامية.

ونشرت شبكة «شام» الإخبارية المعارضة، أمس، أسماء عدد من القتلى أعدموا من قبل القوات النظامية. كما أفادت بالعثور على عدد كبير من الجثث في الأحراش المحيطة بالقرية، في حين تداول ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي أنباء عن تجاوز عدد الجثث التي وجدت في الأحراش الخمسين جثة.

وتقع قرية المتراس في ريف طرطوس، وتبعد نحو 15 كلم عن جنوب منطقة صافيتا. ويبلغ عدد سكانها ثمانية آلاف نسمة، غالبيتهم من السنة التركمان، وهي قرية محاطة من كل جوانبها بالقرى العلوية.

وتتعرض المتراس منذ فترة طويلة لمضايقات طائفية بحكم موقعها الجغرافي. ويؤكد ناشطون أن «كثيرا من منازل القرية تم استهدافها من قبل المدفعية النظامية المتمركزة في منطقة جبل السايح وقرية عين دابش».

وفي موازاة التطورات بريف طرطوس، تمكنت القوات النظامية السورية من إعادة فتح طريق أساسي، تمرّ عبره الإمدادات إلى قواتها، ويصل محافظة حماه (وسط) بمدينة حلب في شمال البلاد، إثر معارك عنيفة مستمرة منذ أسابيع مع مقاتلي المعارضة، الذين نجحوا في قطع الطريق في نهاية أغسطس (آب)، وفق المرصد السوري لحقوق الإنسان.

وأفاد المرصد بأن «المعركة تسببت بسقوط عشرات القتلى من الكتائب المقاتلة، بينما تكبدت القوات النظامية وقوات الدفاع الوطني خسائر فادحة أيضا».

وفي موازاة ذلك، نفت مصادر قيادية في «الجيش الحر» بدمشق أي علاقة للمعارضة بقذائف الهاون التي سقطت، أول من أمس، على حي القصاع ذي الغالبية المسيحية، وسط العاصمة.

وأوضح أحد القادة الميدانيين لـ«الشرق الأوسط» أن «هذه القذائف تسقط بطريق الخطأ من قبل طرفي النزاع»، نافيا «تعمد المعارضة استهداف الأحياء المسيحية». وتساءل المصدر: «ماذا يستفيد الجيش الحر من استهداف القصاع وغيره من أحياء الأقليات»، معتبرا أنه «لو أراد ذلك لأقدم على استهدافهم في المناطق التي يسيطر عليها».

وكانت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) قد أشارت، أول من أمس، إلى «مقتل ثمانية مواطنين وإصابة 20 آخرين جراء سقوط قذائف هاون على منطقة القصاع السكنية بدمشق، متهمة من سمتهم بـ«إرهابيين» بالوقوف وراء هذا العمل.

ويبعد حي القصاع عن ساحة العباسيين نحو كيلومتر واحد، ويتصل مع سوق بابا توما وحارات دمشق القديمة، وصولا إلى منطقة باب شرقي المحاذية لأحياء الدويلعة. ويقطن في الحي نحو 15 ألف شخص، معظمهم من المسيحيين. وعلى الرغم من عدم امتلاكه أي أهمية استراتيجية بالنسبة لطرفي النزاع، وخلوه من أي مظاهر عسكرية، فإن حي القصاع قد شهد سلسلة تفجيرات عبر سيارات مفخخة، إضافة إلى تساقط قذائف الهاون على شوارعه من حين إلى آخر.

من جهة ثانية، أفادت وثيقة بأن الأمم المتحدة تتوقع أن يخرج من سوريا مليونا لاجئ آخرون، وأن ينزح داخل البلاد نحو 2.25 مليون سوري في عام 2014.

وتستعد وكالات الأمم المتحدة لبدء مساعٍ جديدة للمطالبة بمعونات لمساعدة ضحايا الصراع الذي بدأ في مارس (آذار) عام 2011، ولا تظهر في الأفق بوادر على انتهائه.

واجتمع مسؤولون من 10 هيئات تابعة للأمم المتحدة والمنظمة الدولية للهجرة و18 منظمة إغاثة أخرى في عمان يوم 26 سبتمبر (أيلول) لوضع استراتيجية لعام 2014.

وقال مسؤولون من مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، في اجتماع، وفقا لملخصه الذي نُشر على موقع الأمم المتحدة على الإنترنت: «يعتقد أن السيناريو الأكثر ترجيحا سيكون استمرار الصراع وتصاعده مع زيادة تشرذم وتعطل الخدمات الأساسية وتآكل آليات التعايش بدرجة أكبر».

وتوقع المكتب أن يكون نحو 8.3 مليون شخص، أي أكثر من ثلث عدد سكان سوريا البالغ 23 مليون نسمة، في عوز بحلول نهاية 2014، وهي زيادة بنسبة 37 في المائة عن 2013 منهم 6.5 مليون من النازحين، وهي زيادة بنسبة 54 في المائة.

وتم تسجيل أكبر عدد من اللاجئين السوريين حتى الآن في لبنان والأردن وتركيا والعراق. وقالت الوثيقة التي نشرتها «رويترز»، إن التخطيط لاحتياجات اللاجئين في 2014 سيشمل كذلك الذين يصلون إلى أوروبا وشمال أفريقيا.

وتقول مصر إنها استقبلت 300 ألف لاجئ سوري تقريبا، لكن الاضطرابات السياسية التي تمر بها تعني أن كثيرا من الموجودين هناك بالفعل يشعرون بالقلق على سلامتهم، مما يقلل من احتمال قدوم المزيد من اللاجئين إلى البلاد.

وتقول المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين إن 17 دولة، منها 12 دولة أوروبية، تشارك في برنامج لإعادة توطين اللاجئين السوريين.