مستشار الرئيس المصري لـ «الشرق الأوسط»: القاهرة حريصة على إقامة علاقات متوازنة مع كل دول العالم

وفد دبلوماسي «شعبي» يزور روسيا غدا

د. مصطفى حجازي
TT

قال الدكتور مصطفى حجازي، المستشار السياسي للرئيس المصري، لـ«الشرق الأوسط»، إن مصر حريصة على إقامة علاقات متوازنة مع كل دول العالم وعلى تطويرها على أساس من الشراكة والمصالح المشتركة، وذلك بالتزامن مع استعداد وفد دبلوماسي شعبي للتوجه إلى موسكو غدا الخميس، في زيارة تستهدف تنشيط العلاقات المصرية - الروسية.

وتأتي زيارة وفد الدبلوماسية الشعبية المصري إلى موسكو في ظل رؤية جديدة للعلاقات الثنائية وتعزيز أواصر الصداقة بين الشعبين في كافة المجالات، بحسب أعضاء الوفد. وقال أحمد المسلماني، المستشار الإعلامي للرئيس المصري، أمس، إن العلاقات الدبلوماسية بين القاهرة وموسكو تمتد إلى 70 سنة، وإن دور الروس في دعم المشروعات الكبرى في مصر لا يمكن نسيانه، مؤكدا في لقائه عددا من أعضاء الوفد أن «موقف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الإيجابي إزاء ثورة يونيو (حزيران) وراء تصاعد شعبيته». وحول رؤيته للزيارة، أوضح الدكتور مصطفى حجازي، المستشار السياسي للرئيس المصري، في تصريح خاص لـ«الشرق الأوسط»، أن مصر حريصة على إقامة علاقات متوازنة مع كل دول العالم، وعلى تطوير تلك العلاقات على أسس من الشراكة والمصالح المشتركة، وعلى أساس استخدام القنوات الطبيعية والمجدية في تطوير العلاقات بين الشعوب والحكومات، ومنها الدبلوماسية الشعبية كأحد أشكالها.

وعما إذا كان «تنشيط» العلاقات المصرية - الروسية يرتبط بشكل أو آخر بما تشهده العلاقات المصرية - الأميركية من «فتور» في الفترة الأخيرة، قال حجازي إن «مصر الجديدة - كما نريد لها أن تكون - دولة لا تتحرك بموازين رد الفعل؛ ولكنها دائما تعرف ما تريد وتتوجه إليه وتقرر ما يلزم فعله في توقيته وتقوم عليه؛ بغض النظر عن أي تأويلات أخرى. ومن الطبيعي أننا دولة - في عهدها الجديد - تريد أن تكون لديها علاقات طيبة ومنتجة ومتطورة مع كل دول العالم، كل دولة حسب قدرتها وأهميتها ورغبتها في التواصل ووجود علاقات.. لكننا حريصون على الانفتاح على العالم، وأن تكون العلاقات مبنية على الشراكة والندية وتبادل المصالح، ومعرفة بقيمة وقدر كل دولة في محيطها، وألا تعامل مصر بأقل من دورها القدري. وعليه، فإن ما نقوم به على وجه العموم ليس من باب رد الفعل، ولا من باب علاقة مصر بدول أخرى، وإنما وفقا لاستحقاقات العلاقات الواجبة مع كل دولة».

وأعلنت واشنطن يوم 9 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي تجميد مبلغ 260 مليون دولار من المساعدات النقدية للجيش المصري، كما أمر الرئيس الأميركي باراك أوباما فريقه للأمن القومي بمراجعة برنامج المساعدات لمصر البالغة 1.5 مليار دولار سنويا. وقال مسؤولون أميركيون، آنذاك، إن القرار يعد تحولا جذريا بعد سنوات من الدعم غير المشروط لمصر، وإن خفض المساعدات يشمل بنودا كبيرة تشمل مروحيات «أباتشي» وطائرات «إف 16» وقطع غيار دبابات «آدامز» وصواريخ «هاون».

وهو الأمر الذي استنكرته مصر رسميا، وقالت الخارجية المصرية إن مصر «لن تسمح لأي طرف بالتدخل في شؤونها الداخلية»، وإن «القرار الأميركي لن يؤثر على قدرات مصر الاقتصادية أو العسكرية على الإطلاق».

وحول ما تردد إعلاميا أخيرا عن زيارة مزمعة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى مصر، أشار حجازي إلى أنه «من المتوقع في إطار تطور العلاقات أن يوجد تبادل زيارات، وهو أمر وارد.. ولكن على المستوى الرسمي حتى الآن لا يوجد تواريخ أو ترتيبات محددة لمثل ذلك الأمر».

من جانبه، قال الدكتور جمال زهران، أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية عضو الوفد، إن «الهدف من الزيارة التي تبدأ غدا الخميس، هو تنشيط العلاقات المشتركة. وتشهد الزيارة أعمالا وحوارات مكثفة يوم الجمعة مع عدد من الجهات؛ من بينها ممثل عن الدولة الروسية، وقد يستقبلنا الرئيس بوتين شخصيا في حدث بروتوكولي، وكذلك مقابلة وزير الخارجية أو نائبه، وممثل عن البرلمان الروسي، ورئيس لجنة العلاقات الخارجية أو نائبه».

وأضاف زهران لـ«الشرق الأوسط» أن «الوفد طلب كذلك زيارة معهد الاستشراق الروسي، الذي يعد (مخزن الأفكار Think Tank) الروسي المهتم بمنطقة الشرق الأوسط ككل، وبمصر بشكل خاص. وكذلك طلبنا لقاء وزيري السياحة والثقافة الروسيين لزيادة التقارب الشعبي بين القاهرة وموسكو».

وشدد زهران على أن الزيارة لا تهدف إلى أن تصبح روسيا وريثة للعلاقات المصرية - الأميركية، عقب ما تشهده الأخيرة من فتور، قائلا: «نحن لا نستبدل موقعا بآخر.. ولن نكرر مشاهد سابقة في إجراء أعمال انقلابية في العلاقات الدولية، بل نسعى لتوازنات تتفق مع مكانة مصر تاريخيا وجغرافيا واستراتيجيا، وهو ما يستوجب اتجاه مصر شرقا لتحقيق ذلك في المرحلة الحالية.. حيث إن مصر يجب أن تحافظ على العلاقات الندية مع غيرها بما يحقق الاستقلال الوطني، ويجب ألا تقبل بدور التابع مرة أخرى بعد ثورتين في خلال أقل من ثلاث سنوات».

وأفاد زهران بأن الفكرة تطورت لاحقا بدخول تيارات أخرى على خط التواصل، فجرى إعادة صياغة الوفد واختيار 12 عضوا، بالتنسيق مع الجانب الروسي، ليكون ممثلا لكل شرائح الأطياف المصرية. وأن الوفد يشمل سامح عاشور نقيب المحامين عضو لجنة الـ50 لصياغة الدستور، والدكتور محمد سلماوي، رئيس اتحاد الكتاب المتحدث الرسمي باسم لجنة الـ50، والسفير المصري السابق لدى روسيا رؤوف سعد، والمفكر الإسلامي ثروت الخرباوي، والناشط الحقوقي حسام فودة، ورجل الأعمال كامل أبو علي، واللواء أحمد عبد الله محافظ البحر الأحمر، والفنانين عزت العلايلي وهند عاكف، وآخرين.

وأشار زهران إلى أنه يرفض إضفاء أي «صبغة رسمية» على الزيارة، من حيث دعمها بصورة أو أخرى، مبررا ذلك بأنها تأتي في إطار التحرك الشعبي لما يراه من منظوره في مصلحة مصر، دون النظر إلى الجهة الحاكمة واستراتيجيتها الحالية؛ التي قد تتبدل بتغير الشخصيات.