باريس غاضبة «دون تصعيد» من صدمة التنصت الأميركي

فابيوس طالب كيري بـ«إيضاحات»

TT

ما زالت أصداء عمليات التنصت الإلكترونية واسعة النطاق، التي تقوم بها وكالة الأمن القومي الأميركي على الاتصالات الهاتفية الفرنسية، سواء للأفراد أو للمؤسسات والهيئات المختلفة، بما فيها السفارات الفرنسية، تتوالى. ولم تنجح محاولات وزير الخارجية جون كيري، الذي اجتمع بنظيره لوران فابيوس صباح أمس في مقر وزارة الخارجية في باريس، ولا قبلها الاتصال الهاتفي بين الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند والرئيس الأميركي باراك أوباما، بناء على مبادرة الأخير، في تهدئة روع الفرنسيين. وحتى أمس، لم يبد من خلال التصريحات الأميركية المختلفة أن واشنطن قدمت اعتذرا ما لباريس أو عبرت عن الأسف. وبالمقابل، ورغم «الصدمة» الفرنسية من الممارسات الأميركية والتجسس على «بلد حليف وصديق»، فإن باريس «لا تريد التصعيد» وفق ما جاء أمس على لسان الناطقة باسم الحكومة الفرنسية نجاة فالو بلقاسم. وحرصت أوساط الإليزيه، ليل الاثنين – الثلاثاء، على تسريب الأجواء التي سادت الاتصال، مشددة على أن هولاند أعرب عن رفضه «الصارخ» لهذا النوع من «الممارسات غير المقبولة» من الحليف الأميركي، فيما سعى أوباما إلى تهدئة الغضب الفرنسي ومحاولة تحميل الإعلام المسؤولية من خلال اتهامه بـ«تحريف» ما ورد في المستندات التي نشرت مضمونها صحيفة «لوموند» المستقلة. بيد أن أوباما اعترف، وفق ما صدر عن قصر الإليزيه، بأن «عددا» من نشاطات وكالة الأمن القومي «يثير أسئلة مشروعة بالنسبة لأصدقائنا وحلفائنا حول الطريقة» التي تمت بها عمليات التنصت. واتفق الطرفان على العمل معا من أجل «إظهار الحقيقة والمدى الذي وصلت إليه عمليات التنصت» التي كشفت عنها «لوموند»، والتي حققت «ضربة» إعلامية موفقة، إذ إن أعدادها نفدت في الكثير من مراكز بيع الصحف في باريس والمدن الكبرى. وجاءت الصحيفة المذكورة بـ«جديد» أمس، إذ كشفت أن السفارة الفرنسية في واشنطن والبعثة الفرنسية لدى الأمم المتحدة أخضعتا للتنصت، وأن الجانب الأميركي استفاد من المعلومات التي حصل عليها لحمل أعضاء في مجلس الأمن على التصويت إلى جانب قرار دولي لفرض العقوبات على إيران بسبب برنامجها النووي. وصباح أمس، سمع الوزير كيري من نظيره الفرنسي فابيوس، في لقائهما الصباحي، الكلام نفسه والمطالب نفسها التي صدرت عن المسؤولين الفرنسيين في الساعات الـ48 الماضية، وأهمها المطالبة بأن «تفسر» واشنطن هذه العمليات والأسباب التي جعلتها «أو تجعلها» تتجسس على الفرنسيين؛ أفرادا ومؤسسات وهيئات، على نطاق لم يكن معروفا في السابق، وأن «تتوقف فورا» هذه الممارسات التجسسية التي يبررها الطرف الأميركي بالرغبة في محاربة الإرهاب والحفاظ على أمن المواطنين الأميركيين. وجاء في بيان صادر عن وزارة الخارجية الفرنسية عقب لقاء فابيوس وكيري أن باريس ترى ما تقوم به الوكالة الأميركية «أمرا لا يمكن قبوله ويجب أن يوضع حد له».

وسعت الوزيرة فالو بلقاسم إلى توسيع الدائرة لتشمل الأوروبيين جميعهم لجهة المطالبة بموقف أوروبي مشترك إزاء الممارسات الأميركية من جهة، ودعوة الاتحاد الأوروبي (الذي يضم 28 دولة) إلى بلورة مدونة سلوك من أجل حماية المعطيات الشخصية.