حوار بين السعوديين لبناء خطاب ثقافي وطني يتجاوز التصنيفات الفكرية

دشنت جلساته أمس بتنظيم مركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني ومشاركة 70 مفكرا

المشاركون في أعمال الحوار في الرياض أمس («الشرق الأوسط»)
TT

دشن 70 مفكرا سعوديا من مختلف الخلفيات الثقافية والاجتماعية السعودية أمس في العاصمة الرياض، حوارا وطنيا حول التصنيفات الفكرية وعلاقتها بمفاهيم الوحدة الوطنية وأثر شبكات التواصل الاجتماعي في تضخيمها مع الانفتاح الثقافي والاجتماعي الذي تشهده البلاد.

وشهد اللقاء الذي نظمه مركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني تحت شعار «الخطاب الثقافي السابع حول التصنيفات الفكرية»، سجالا حول أهمية التنوع وتعدد الأفكار لدى شرائح أي مجتمع، ولكن دون طرح مفاهيم التصنيف بقصد «الإقصاء»، والاقتناع بأن التعددية الفكرية غالبا ما تكون لخدمة نمو المجتمعات.

وتستكمل اليوم الجلسات بمحورين هما التصنيفات الفكرية وأثرها على الوحدة الوطنية ومسؤولية النخب السعودية في هذا الشأن، وكيفية بناء خطاب ثقافي يتجاوز التمحور والتصنيف نحو التنافس والحوار والتعايش الفكري في ظل الوحدة الوطنية.

فيصل بن عبد الرحمن المعمر أمين عام مركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني، قال لدى افتتاحه أمس اللقاء إن المجتمع السعودي الذي تشكل في رحاب القرن الماضي على يد الملك عبد العزيز وأبنائه من بعده مرتكز في بنائه الحضاري على الشريعة الإسلامية ومنفتح انفتاحا نقديا استثماريا على الحضارة المعاصرة، إذ يسعى نحو بناء مجتمع متماسك متحضر ودولة مؤسسية تنموية.

وأشار المعمر إلى أنه من الطبيعي أن تتفاوت الوجهات إزاء التحولات الحضارية التنموية التي تسعى لنقل المجتمعات من بسيطة، وأمية، ومنغلقة إلى تلك المجتمعات المتحضرة والمنفتحة، وأن تختلف الآراء تجاه كثير من التغيرات، وأن يسعى كل طرف نحو تدعيم موقفه ورأيه بما يستطيع من أسانيد دينية أو إنسانية، وكل ذلك يجري في إطار الحرص المشترك على المصلحة الوطنية.

وقال بن معمر إن التحولات التي يشهدها المجتمع السعودي حاليا هي تحولات طبيعية تحدث لكل الأمم، لأنها تحولات حضارية تطرح مسألة القديم والجديد دائما، وتطرح مسألة الأصالة والمعاصرة، ومسألة التقاليد والقيم الجديدة، ومن الطبيعي أن تكون هناك آراء مختلفة، وأفكار متباينة، وتصورات تنظر بمناظير متعددة لكيفية التعامل مع الآخر أو التعايش معه، أيا كان ذلك الآخر محليا أو دوليا.

وأضاف أن بعض الأمور حملت على الدين أو المذهب أو المنطقة أو القبيلة أو الفئة، وتم تصنيف تيار وتيار آخر واستبعاد وإقصاء فكرة معينة لأن فلانا قائلها، وإيلاف فكرة أخرى لأنها نابعة من تيار معين، واصفا تلك الأمور بأنها تحميلات، وتصنيفات واستبعاد وإقصاء يفترض أن تحكم ضمن إطار منهجي موضوعي يهدف في نهاية الأمر إلى المصلحة العامة والإعلاء من شأن الوطن.

وأشار أمين عام مركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني، إلى أن الفكرة لا تحتمل أن تصدر عن هوى شخصي، بل عن قناعة دينية وانتماء وطني، والاجتهاد يساعد دائما على أن نكون مرتبطين بالأصل ومتصلين بالعصر لإعلاء قيمة المواطنة والوحدة.

ولفت بن معمر إلى أن الإعلام يقوم بدور في تحديد ملامح الخطاب الوطني بكل مجالاته، وقد تعزز ذلك بتفاعل شبكات التواصل الاجتماعي، لكن الأمر المثير على حد قوله هو أن المركز كان يتطلع قبل عشر سنوات على الأقل أن تقوم المواقع الجديدة بنشر ثقافة الحوار، وجعله طبعا من طباع المجتمع السعودي وأسلوب حياة.

وزاد: «شيئا من ذلك قد تحقق ويدركه من يتابع ويتأمل، ولكن عكس ذلك موجود أيضا حيث صارت بعض المواقع مكانا قل فيه الصالح وكثر فيه الطالح، واحتوت على مسائل خلافية أدت إلى الصدام والجدال أحيانا بين عدة فئات، بينها (متطرف) و(متحلل) و(متشدد)، و(منسلخ) بحسب ما يتهم كل طرف مقابله».

من جهته شدد الشيخ راشد الشريف نائب رئيس اللجنة الرئاسية في مركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني، على أهمية اللقاء في توحيد الصف ونبذ الانشقاق المبني على تصنيفات خارجة عن إطار العقيدة الإسلامية والثوابت الوطنية، مشيرا إلى أن الاختلاف لا يعني مطلقا عدم الإيمان بالآخر ورؤيته في هذا الاتجاه وهذا ما يسعى مركز الحوار الوطني إلى ترسيخه من خلال عقد هذا اللقاء.

وتناول اللقاء الكثير من الموضوعات أبرزها التصنيفات الفكرية وواقعها في الخطاب الثقافي السعودي، والتصنيفات الفكرية وأثرها على الوحدة الوطنية ومسؤولية النخب السعودية في هذا الشأن، وناقش المشاركون في اليوم الأول محورين من أربعة محاور يتضمنها اللقاء السابع وهما التصنيفات الفكرية وواقعها في الخطاب الثقافي السعودي، والتصنيفات الفكرية ومغذياتها في الخطاب الثقافي السعودي.

ويهدف اللقاء الذي يختتم أعماله اليوم إلى صياغة خطاب ثقافي سعودي مؤثر في الساحة المحلية والعربية، ضمن رؤية وطنية بعيدة عن محاولات الإقصاء والتحزب الفكري، من خلال الدعوة إلى الوسطية والحوار على مبدأ احترام الاختلافات وأفكار الآخرين، وعدم التصنيف.

ويتناول اللقاء الكثير من الموضوعات أبرزها التصنيفات الفكرية وواقعها في الخطاب الثقافي السعودي والتصنيفات الفكرية ومغذياتها في الخطاب الثقافي السعودي، والتصنيفات الفكرية وأثرها على الوحدة الوطنية ومسؤولية النخب السعودية في هذا الشأن.

فيما يناقش المحور الرابع كيف نبني خطابا ثقافيا يتجاوز التمحور والتصنيف نحو الحوار والتعايش الفكري.

ويأتي اللقاء تواصلا مع اللقاءات الوطنية للخطابات الثقافية التي يعقدها المركز في كل عام، والتي يحرص المركز على تنويعها لمناقشة الجوانب والقضايا التي تمس الواقع، وتمس الحياة العامة، والقضايا التي يحرص المجتمع السعودي على مناقشتها وطرحها دائما للبحث والنقاش لتبادل الرؤى للوصول إلى قواسم مشتركة يتفق عليها الجميع، في إطار الثوابت الشرعية والوطنية.