لبنان يرشح فيلم «قصة ثواني» لجائزة الأوسكار السينمائية

بعد منافسة قوية بينه وبين فيلم «غدي»

«قصّة ثواني» قضايا اجتماعية يعاني منها المجتمع اللبناني
TT

فاز فيلم «قصة ثواني» بتمثيل لبنان لجائزة الأوسكار السينمائية لمخرجته لارا سابا. وجاء هذا القرار من قبل وزير الثقافة في لبنان غابي ليون بعد منافسة حادة جرت بين الفيلم المذكور وآخر بعنوان «غدي» الذي كان قد نال غالبية أصوات أعضاء اللجنة المشرفة على هذا الموضوع في الوزارة.

وفي التفاصيل أن فيلم «غدي» لكاتبه وبطله جورج خباز والموقع من قبل المخرج أمين درة كان قد تم إعلانه ممثلا للبنان في المهرجان السينمائي العالمي (أوسكار)، وذلك إثر تصويت ستة أعضاء في اللجنة من أصل تسعة، إلا أن الوزير المختص وبعد درسه للملف تبين له أن الأوسكار يفرض أن يكون عرض الفيلم قد بدأ في بلد الإنتاج قبل 10 أيام على الأقل من ترشيحه، وأن يكون ذلك ترافق مع إعلانات في الصحف ومقالات نقدية تتناوله، مما دفعه لاستبدال «قصة ثواني» به، الذي يستوفي هذه الشروط.

وأكد الوزير ليون أن فيلم «غدي» جيد جدا ويستحق تمثيل لبنان، إلا أن التأخير في عرضه في الصالات اللبنانية لأسباب عدة جعله غير مستوف لأصول الترشح للأوسكار لجهة المواعيد المطلوبة. ورأى أنه في حال لم يأتِ إنتاج آخر مهم فإن «غدي» هو الذي سيرشحه لبنان العام المقبل للجائزة.

ويحكي فيلم «قصة ثواني» قضايا اجتماعية يعاني منها المجتمع اللبناني، كالمخدرات والدعارة وسواهما، في إطار قصة ثلاث شخصيات تعيش في بيروت، تتقاطع أقدارها من دون أن تعرف أي منها الأخرى، وتؤثر قرارات كل منها، من حيث لا تدري، في حياة الشخصيات الأخرى.

ويدور محور الفيلم حول الفتاة «نور» التي فقدت أهلها في حادث سيارة فانقلبت حياتها رأسا على عقب، و«إنديا» التي تمتلك كل ما تحلم به امرأة باستثناء طفل، ومروان الذي يعيش في كنف أم مدمنة على الكحول وسيئة السمعة. وترتكز القصة على الدور الذي يلعبه القدر في حياتنا عامة والذي بإمكانه أن يغير حياة بأكملها بظرف ثوانٍ قليلة.

وكان الفيلم قد حصد جوائز عدة، بينها جائزة أفضل فيلم روائي طويل ضمن «مهرجان مالمو للسينما العربية» في السويد، بينما نالت منتجته وكاتبة السيناريو نيبال عرقجي جائزة أفضل سيناريو في المهرجان نفسه. أما الفتى علاء حمود (أحد أبطاله) فقد حصل على جائزة أفضل ممثل في «المهرجان الدولي للسينما المستقلة في بروكسل» من العام نفسه (2012).

وترى نيبال عرقجي منتجة الفيلم وإحدى بطلاته في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن حظوظ فوز الفيلم ضئيلة وترتبط ارتباطا مباشرا بنوعية الجمهور أو اللجنة التي ستشاهد الفيلم، فحسب انتماءاتها وأذواقها ستصوت على فوزه أو العكس. وتضيف: «أعتقد أن الأمر سيكون صعبا وأن الحظ سيلعب دوره، كما أن هناك أفلاما كثيرة جيدة وجميلة ترشحت للفئة نفسها بالمقابل، وهذا سيجعل المنافسة قوية وفرصة الفوز أقل، لا سيما أن المخرج الإيراني أصغر فرهادي مثلا، الذي فاز العام الماضي بجائزة الأوسكار عن فيلمه (separation) عن فئة أفضل فيلم روائي بلغة أجنبية، يشارك أيضا هذا العام، وكذلك الفلسطيني هاني أبو أسعد الذي نال جائزة النقاد في مهرجان كان السينمائي عن فيلمه (عمر)».

وعن الانتقادات التي لحقت بالفيلم بعد ترشيحه والتي تقول إنه لا يحمل خصوصية لبنان، إذ إن مواضيعه سبق وتناولتها أفلام أجنبية عدة، ردت موضحة: «ليس هناك من فيلم سينمائي فريد بفكرته لأن هناك دائما مواضيع متشابهة يتم تسليط الضوء عليها كونها تنبع من واقعنا، فلا يمكننا أن نخترع فكرة. ولقد أردنا أن نقدم قصة تلامس المجتمع اللبناني وتحكي عن مشكلاته كما هي ببساطة وصراحة لم يسبق أن تم تناولها في أي فيلم عربي أو لبناني سابق». وتضيف: «هل يمكن لأحد أن يذكر لي اسم فيلم سينمائي مرشح لهذه الجائزة ويتناول موضوع فيلمنا؟ ليس من الضروري أن يتحدث الفيلم عن الحرب اللبنانية أو مشكلات الدين ليصبح خاصا بنا. لقد استهلكت تلك الأفكار بما فيه الكفاية، وعلينا اليوم أن نبحث عن مواضيع جديدة».

وعما إذا كانت المنافسة للترشح على الجائزة ما بين الفيلم الذي أنتجته (قصة ثواني) وفيلم «غدي» قد شكلت لها انزعاجا، أجابت: «لم يزعجنا الأمر بتاتا، فكنا نعرف مسبقا أن فيلم (غدي) لا يستوفي الشروط المطلوبة مما لا يعطيه الحق بالترشح».

ورأت نيبال عرقجي أن الفيلم بدءا بنصه وإخراجه ومرورا بالتقنية المستخدمة فيه إضافة إلى ممثليه يخوله الترشح لجائزة الأوسكار التي ستقام في شهر مارس (آذار) المقبل. وأشارت إلى أنه تم عرضه في صالات السينما في الأردن ولبنان وأستراليا، وأنه من المتوقع أن يتم عرضه في شهر فبراير (شباط) المقبل في فرنسا.

يذكر أن لبنان سبق ورشح فيلم «هلأ لوين» لنادين لبكي للجائزة نفسها عام 2011، كما يتم عادة اختيار عشرة أفلام لتشكل اللائحة ما قبل الأخيرة للترشح عن هذه الفئة، ويتم فيما بعد اختيار خمسة منها لتصبح المرشحة الرسمية عن فئة الأفلام الأجنبية في شهر يناير (كانون الثاني) .

والمعروف أن مهرجان توزيع جوائز الأوسكار يقام عادة في شهر مارس من كل عام في صالة «مسرح كوداك» في مدينة لوس أنجليس في كاليفورنيا. ويحظى هذا الحدث بتغطية إعلامية واسعة وتحاول بعض الشركات استخدامه للترويج لمنتجاتها من أزياء وجواهر، بينما يستعمله بعض النجوم للتعبير عن آرائهم السياسية بحرية وعلى الملأ. يشمل توزيع الجوائز 25 جائزة، بينها ما هو لأفضل ممثل وممثلة وأفضل مخرج وأفضل إنتاج وأفضل صناعة سينما وأفضل فيلم مقتبس وأفضل فيلم بلغة أجنبية، وأفضل أزياء فيلم، وغيرها.