مزاعم التجسس.. الجميع ينفي تورطه وألمانيا تريد رفع القضية إلى الأمم المتحدة

مدير وكالة الأمن الأميركية: المعلومات التي جمعناها عن مواطنين أوروبيين جاءتنا من حلفائنا في «الأطلسي»

رجل يبدي اعتراضه على التجسس قبل إخراجه من القاعة خلال جلسة استماع بلجنة الاستخبارات التابعة لمجلس النواب في واشنطن مساء أول من أمس (أ.ب)
TT

فيما تتفاعل أزمة التجسس بين أجهزة الاستخبارات الغربية، شددت عدة دول خلال اليومين الماضيين على عدم مخالفتها للأطر القانونية، وفي الوقت ذاته ذكرت تقارير أن ألمانيا تعتزم تقديم مشروع قرار إلى الأمم المتحدة لمنع التجسس على الوسائل الإلكترونية.

فقد نفت ألمانيا أمس الاتهامات الأميركية لها بالتجسس على الولايات المتحدة، وقال رئيس جهاز الاستخبارات الخارجية الألماني غيرهارد شيندلر لصحيفة «دي تسايت» الأسبوعية: «ليست هناك عمليات لمراقبة الاتصالات تجري انطلاقا من السفارة الألمانية في واشنطن».

وجاء هذه النفي بعدما صرح المدير العام للاستخبارات الأميركية جيمس كلابر ومدير وكالة الأمن القومي الجنرال كيث ألكسندر أول من أمس أمام الكونغرس أن دولا «حليفة» للولايات المتحدة تقوم أو قامت بأنشطة تجسس ضد الولايات المتحدة. ونفى شتيفن سايبرت الناطق باسم المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل هو الآخر ضمنا هذه المعلومات، وأشار إلى تصريحات أدلى بها في الآونة الأخيرة شيندلر.

وكان المسؤول الألماني صرح لصحيفة «بيلد» في 25 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي بأنه «لم تجر عملية استخباراتية على أراضي الولايات المتحدة، وهناك تسجيلات محتملة قد تكون التقطتها أجهزتنا بالصدفة تم محوها».

وقال سايبرت إن اثنين من كبار موظفي المستشارية موجودان في واشنطن الأربعاء «لإجراء محادثات». وأضاف: «كما أعلن من قبل أنه سيزور رئيس الاستخبارات الخارجية ورئيس مكتب حماية الدستور (الاستخبارات الداخلية) واشنطن في الأيام المقبلة لإجراء محادثات»، بعد الكشف عن تجسس أميركي على الاتصالات الهاتفية لميركل. وأوضح الناطق أن «ألمانيا تجري عملية اتصالات مكثفة مع الشركاء الأميركيين على مستوى خبراء والاستخبارات وعلى المستوى السياسي».

ونفت الولايات المتحدة هي الأخرى مساء أول من أمس الاتهامات الموجهة إلى أجهزة استخباراتها باعتراض اتصالات في أوروبا، مؤكدة أنها حصلت على معلوماتها من وكالات الاستخبارات الأوروبية. وأكد الجنرال ألكسندر أمام الكونغرس بعد أدائه القسم أن ما كشفته صحف «لوموند» الفرنسية و«الموندو» الإسبانية و«ليسبريسو» الإيطالية من تجسس وكالة الأمن القومي على اتصالات مواطنين أوروبيين «خاطئ تماما».

وأضاف ألكسندر أن بعض البيانات التي تضمنتها وثائق سربها المتعاقد السابق مع وكالة الأمن القومي إدوارد سنودن لم تجمعها الوكالة وحدها وإنما حصلت عليها «من شركاء أجانب». وتابع: «هذه ليست معلومات جمعناها عن المواطنين الأوروبيين. هي معلومات جمعناها نحن وحلفاؤنا في حلف شمال الأطلسي دفاعا عن بلادنا ودعما لعمليات عسكرية».

وأكد ألكسندر أن وكالة الأمن القومي الأميركية تتقاسم معلوماتها مع «الحلفاء الأوروبيين» والعكس صحيح.

وكان مفترضا أن يلتقي وفد ألماني يمثل المستشارية وأجهزة الاستخبارات يوم أمس في واشنطن ممثلين عن الحكومة الأميركية إثر المعلومات التي جرى كشفها حول قيام الاستخبارات الأميركية بالتنصت على اتصالات المستشارة أنجيلا ميركل. وذكرت وكالة الأنباء الألمانية أن الحكومة الألمانية تسعى لإبرام اتفاق مع الأميركيين يتعهدون فيه بعدم التجسس على الحكومة أو على البعثات الدبلوماسية الألمانية.

وذكرت الوكالة أيضا أن ألمانيا تعتزم تقديم مشروع قرار إلى الأمم المتحدة ضد التجسس على الوسائل الإلكترونية. وأضافت الوكالة أن مشروع القرار يطالب جميع الدول بمراجعة تشريعاتها والممارسة التطبيقية لهذه التشريعات فيما يتعلق بأنشطة التجسس في دول أخرى. وينص مشروع القرار على أنه «لا بد من حماية نفس الحقوق التي يتمتع بها الناس أثناء انفصالهم عن الإنترنت عند اتصال هؤلاء الناس بالإنترنت، خاصة الحق في الخصوصية». وتابعت الوكالة أنه جرى التوصل إلى صيغة مشروع القرار بالتعاون مع البرازيل التي تشتبه بأن الاستخبارات الأميركية تنصتت على رئيستها ديلما روسيف.

وبدورها، نفت روسيا أيضا صحة تقارير ذكرت أن أجهزة استخباراتها تجسست على مئات المندوبين الأجانب في قمة مجموعة العشرين التي عقدت في سان بطرسبرغ في سبتمبر (أيلول) الماضي من خلال توزيع هدايا مثل دمى على هيئة دب ومفكرات وسلسلة مفاتيح بها وحدة ذاكرة «يو إس بي».

وجاء هذا النفي الروسي بعدما كتبت صحيفة «كورييري ديلا سيرا» الإيطالية هذا الأسبوع نقلا عن تقرير من مكتب الأمن للمجلس الأوروبي رفع إلى أجهزة المخابرات الإيطالية أن 300 هدية من هذا النوع وزعت في القمة التي عقدت يومي الخامس والسادس من سبتمبر وجرى الكشف عنها على أنها أدوات تجسس أثناء جلسات إحاطة أمنية في الشهر الماضي.

وقال المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف أمس إنه لا يعلم مصدر هذه المزاعم الأخيرة. ونقلت وكالة الإعلام الروسية عنه قوله: «هذا هراء من دون شك، لكنه محاولة لنقل التركيز من القضايا الموجودة بالفعل بين العواصم الأوروبية وواشنطن إلى قضايا ليس لها أساس وغير قائمة».

وفي مدريد، أعلن رئيس الوزراء الإسباني ماريانو راخوي أمس أنه سيجري الاستماع إلى رئيس أجهزة الاستخبارات أمام لجنة برلمانية في قضية التجسس الأميركي على الاتصالات في أوروبا. وفي مداخلة أمام النواب للدفاع عن موقف حكومته في هذا الملف، قال راخوي إنه في حال ثبتت عمليات التنصت المنسوبة إلى أجهزة الاستخبارات الأميركية في إسبانيا، فسوف تشكل سلوكا «غير لائق وغير مقبول بين حلفاء وأصدقاء». وأضاف أنه سيجري الاستماع إلى مدير المركز الوطني للاستخبارات فيليكس سانز رولدان «أمام لجنة الأسرار الرسمية» في الكونغرس حول هذا الملف.

ونشرت «الموندو» الاثنين وثيقة قالت إن إدوارد سنودن سربها تفيد بأن وكالة الأمن القومي «تجسست على 60.5 مليون مكالمة هاتفية في إسبانيا» بين العاشر من ديسمبر (كانون الأول) 2012 والثامن من يناير (كانون الثاني) 2013 بينها «أكثر من 3.5 ملايين اتصال في يوم 11 ديسمبر».

ومساء الاثنين، أكد أوباما أنه أطلق عملية إعادة تقييم لعمليات جمع المعلومات الاستخباراتية وخصوصا ما تقوم به وكالة الأمن القومي؛ «للتأكد من أن ما يستطيعون القيام به لن يصبح ما ينبغي عليهم القيام به». لكن أوباما رفض في مقابلة تلفزيونية الرد على سؤال يتعلق بالتجسس على اتصالات المستشارة ميركل.