محللون يرون بأن روسيا تريد الإبقاء على النظام السوري واستبدال جميل بالأسد

خبير يعد إقالته نتيجة لبداية تسوية أميركية ـ روسية

TT

رغم تأكيد نائب رئيس مجلس الوزراء السوري المقال قدري جميل أن لقاءاته الخارجية لم تكن يوما منسقة مع أي جهة، داخلية أم خارجية، نافيا كذلك تفاوض أحد معه ليكون رجل المرحلة الانتقالية وبديلا عن الرئيس السوري بشار الأسد، فإن معظم الآراء المتوافرة تجمع على أن لهذه الخطوة أبعادها السياسية الإقليمية المرتبطة بمؤتمر «جنيف2»، ومن خلفه التوجهات والتحالفات الدولية المتبدلة.

وفي هذا السياق يرى أستاذ العلاقات الدولية والخبير في الشأن السوري سامي نادر أن إقالة جميل من منصبه مرتبطة بالمرحلة الانتقالية التي يعد لها من خلال مؤتمر «جنيف2»، المتوقع عقده في نهاية شهر نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، وانطلاقا كذلك من بداية تسوية أميركية - روسية، على أن يدير المرحلة الانتقالية نظام ليس بعيدا كثيرا عن السابق إنما من دون وجود للأسد فيه.

ويعزو نادر في حديثه لـ«الشرق الأوسط» هذا الأمر إلى أسباب عدة، أبرزها وجود صيغة يتوافق عليها الفريقان الدوليان الأساسيان وتتوافق كذلك مع مقررات اجتماع «أصدقاء سوريا» الذي عقد قبل أسبوعين في لندن، إضافة إلى التقاء بعض أهداف الفريقين الدوليين الداعمين للمعارضة والنظام، أي روسيا وأميركا، على بعض الأهداف.

ويصر «الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة» على تنحية الرئيس السوري، كما سبق لوزير الخارجية الأميركي جون كيري أن قال إنه «لا دور للأسد في المرحلة الانتقالية»، بينما يستند الفريق الثاني، ولا سيما روسيا التي تعمل انطلاقا من مصالحها في حماية النظام السوري وتركيزها على عدو مشترك وهو المجموعات المتشددة، إلى التمسك بالنظام السوري لكن ليس شرطا برئيسه الأسد.

وانطلاقا من هذا التوجه يجري البحث، وفق نادر، عن أشخاص تطمئن إليهم روسيا، معروفين بعلاقتهم معها، وتستطيع من خلالهم توفر الضمانات الكافية لـ«تغيير شكلي» مفترض، والمحافظة على مصالحها لفترة طويلة الأمد، وهذا ما قد ينطبق على جميل، المعروف بعلاقاته مع روسيا، كما كان قبله الرهان على نائب رئيس الجمهورية فاروق الشرع، الذي عمد الأسد إلى استبعاده.

وذكر نادر برد وزارة الخارجية الروسية على مقررات «أصدقاء سوريا»، معتبرة إياه محاولة لإعادة النظر في بيان «جنيف1» وحسم نتائج مؤتمر «جنيف2»، من دون أن تدافع عن الأسد أو عن دوره في المرحلة الانتقالية، واضعا إياها في خانة «القبول باستبعاده»، وهو الأمر الذي يعكس، بحسب نادر، إمكانية التوصل إلى تسوية «أميركية - روسية»، يتم خلالها قبول روسيا باستبدال رأس النظام السوري من دون تغيير جذري في المعادلة القائمة.

وتبقى وفق نادر علامة الاستفهام حول الموقف الإيراني من هذه المسألة، معتبرا أن هذا التوافق المفترض يبقى هو الحل الوحيد في هذه المرحلة وفقا لموازين القوى الحالية إذا أريد التوصل إلى حل في «جنيف2».

ورأى نادر أنه إذا تبين أن إيران لها علاقة بإقالة جميل فهذا يدل على بداية التمايز في المصالح الإيرانية الروسية ومن خلفها علاقة النظام بروسيا، وهذا أمر طبيعي ستبرز نتائجه بشكل أكبر في الفترة المقبلة، إذا تمت التسوية. ويضيف: «كل طرف يعلم أن الطرف الآخر يستعمله لتحقيق مصالحه، إذ كانت إيران تستعمل ورقة الفيتو الروسي، بينما روسيا تستعمل المشاركة العسكرية لإيران من خلال حزب الله في الثورة، وسيأتي الوقت في النهاية لتنكشف كل الأوراق إلى حين أن يتوصل جميع الأفرقاء إلى تسوية، إما قد تكون بالاستغناء عن رأس النظام وإما الإبقاء على صراع طويل الأمد وبالتالي تفتت سوريا».

يذكر أن جميل تبلغ بقرار إعفائه من منصبه أثناء وجوده مباشرة على الهواء في استوديوهات قناة «روسيا اليوم» في موسكو أول من أمس، ووضع البعض خطوة الرئاسة السورية في إطار رسالة استياء من الأسد إلى القيادة الروسية، بعدما تأكد الأسد من الأخضر الإبراهيمي أن موسكو اقترحت على واشنطن تسوية تقضي بانتزاع كل الصلاحيات التنفيذية من الرئاسة السورية في مؤتمر «جنيف2»، كما سبق لـ«هيئة التنسيق الوطنية لقوى التغيير الديمقراطي المعارضة في سوريا» أن أعلنت عنه الأحد الماضي، على لسان رئيس المكتب الإعلامي في الهيئة منذر خدام، لناحية أن روسيا تعمل على فرض جميل وحلفائه كجزء من وفد معارضة الداخل إلى «جنيف2».