المعارضة السورية ترجح تأجيل «جنيف 2» بعد فشل الجهود الروسية ـ الأميركية

الصحيفة الناطقة باسم النظام تشيد بالإبراهيمي وتصفه بالدبلوماسي «الخبير والمخضرم»

الأخضر الإبراهيمي أثناء مغادرته الفندق في دمشق أمس (أ.ف.ب)
TT

رجحت مصادر في المعارضة السورية، أمس، تأجيل عقد مؤتمر «جنيف 2»، بعد أنباء عن فشل روسيا في الضغط على النظام السوري للقبول بمقررات «جنيف 1» التي تنص على المضي في مرحلة انتقالية من دون الرئيس السوري بشار الأسد، في وقت لم تثمر فيه الجهود الأميركية بإقناع «الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية» بالذهاب إلى المؤتمر المزمع عقده أواخر الشهر الحالي.

وأشار عضو الائتلاف المعارض وممثله في الولايات المتحدة الأميركية نجيب الغضبان لـ«الشرق الأوسط» أمس إلى أن «التحضيرات اللوجيستية لعقد مؤتمر (جنيف 2) لم تكتمل بعد، ولا تكفي مدة عشرين يوما لاكتمالها أو صياغة الإطار العام لعقد المؤتمر الدولي». وأوضح الغضبان أن «رغبة وزيري خارجية أميركا وروسيا بعقد المؤتمر لا تكفي وهناك حاجة للدول الإقليمية المؤيدة للمعارضة السورية».

وفي حين أكد الغضبان أن «الائتلاف ينتظر الاطلاع على نتائج جولة الأخضر الإبراهيمي، المبعوث العربي والدولي إلى سوريا في المنطقة»، لفت إلى أن «الأخير لم يلتق بعد قيادات الدول العربية الداعمة للثورة»، معتبرا أن «التصريحات المتناقضة التي يدلي بها بشأن دور (الرئيس السوري بشار) الأسد في المرحلة الانتقالية لا تشجع على تسريع موعد عقد مؤتمر (جنيف 2)، بل تعرقل عقده».

وكانت وكالة «رويترز» نقلت أمس عن مسؤولين عرب وغربيين قولهم إنه «من المستبعد أن تفي القوى الدولية بموعد عقد مؤتمر جنيف الشهر الحالي»، مشيرة إلى أن «فشل الائتلاف السوري المعارض في اتخاذ موقف واضح من المحادثات قد يسهم في تأجيلها قرابة شهر». وأكد مسؤول يشارك في الإعداد للمؤتمر، أن «اجتماع الولايات المتحدة وروسيا الأسبوع المقبل سيوضح الصورة أكثر»، لافتا إلى أن «جميع المؤشرات تدل على أن من الصعب الوفاء بموعد 23 نوفمبر (تشرين الثاني) لعقد (جنيف 2)».

لكن الغضبان نفى خلال تصريحاته لـ«الشرق الأوسط» أن «يكون تناقض المواقف بشأن المشاركة في (جنيف 2) داخل الائتلاف المعارض هو ما يعرقل عقد المؤتمر»، وأوضح أن «تشدد بعض الأطراف في المعارضة (المجلس الوطني) ورفضها الذهاب إلى طاولة المفاوضات سببه تشدد النظام ورفضه تقديم أي تنازلات تهيئ المناخ لعقد المؤتمر كإطلاق سراح المعتقلات والسماح بإقامة مناطق آمنة».

وتزامنت ترجيحات المعارضة السورية حول تأجيل مؤتمر «جنيف 2» مع إعلان السفير الروسي في بيروت ألكسندر زاسيبكين أمس أنه «لا يوجد لدى موسكو مواعيد لعقد المؤتمر»، مؤكدا أن «الأمم المتحدة هي التي تقرر بانتظار الاجتماع الثلاثي الذي يجمع روسيا والولايات المتحدة مع الإبراهيمي».

وأشار زاسيبكين، خلال لقائه وزير الخارجية اللبناني في حكومة تصريف الأعمال عدنان منصور أمس، إلى «وجود تفاهم مع الجانب الأميركي بأن ينفذ كل منا جزءا من المهمة التي يمكن تحقيقها وبالتالي لدينا اتصالاتنا مع النظام ومع قسم من المعارضة، والأميركيون لديهم اتصالاتهم مع قسم آخر من المعارضة ونأمل أن يتصلوا بهم ويضغطوا عليهم، وننتظر النتائج».

وتزامنت تصريحات السفير الروسي مع موقف نقلته وكالة «بلومبيرغ» الروسية عن نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف، أشار فيه إلى أن «روسيا تدعو إلى عقد (جنيف 2) قبل نهاية الشهر الحالي». وجاءت تصريحات الدبلوماسيين الروسيين بالتزامن مع إعلان وزارة الخارجية الروسية، أن «موسكو تدعم أي شخص في منصب رئيس سوريا في حال حصوله على ثقة الشعب السوري»، في إشارة إلى عدم تمسكها بالرئيس السوري بشار الأسد.

ورد الائتلاف المعارض في بيان أصدره أمس على بيان أصدرته «الخارجية الروسية»، قبل يومين، أعربت فيه عن «خشيتها من أنباء عن استخدام متطرفين لسلاح كيماوي ضد بلدة رأس العين ذات الغالبية الكردية قرب الحدود مع تركيا». وطالب الائتلاف الخارجية الروسية بـ«عدم إثارة الإشاعات وتلفيق الأكاذيب والادعاءات ضد الثورة السورية»، لافتا إلى أن «الشعب السوري ينتظر من حكومة روسيا اعترافا بالحقائق وأولها استخدام السلاح الكيماوي في الغوطة من قبل النظام، كما أنه ينتظر من دولة راعية لمؤتمر سلام، على حد زعمها، أن تلتزم الحياد على الأقل، إن لم تستطع الاعتراف بالأهداف المحقة والتطلعات المشروعة للسوريين في سبيل نيل الحرية والعدالة والكرامة والانتقال إلى حكم ديمقراطي، وهي حقوق تتفق عليها شعوب العالم كله».

وفي موازاة متابعة الإبراهيمي جولته في المنطقة وتوقفه في العاصمة اللبنانية، اليوم، آتيا من دمشق، كانت لافتة إشادة صحيفة «البعث»، الناطقة باسم الحزب الحاكم في سوريا، في افتتاحيتها أمس، بالإبراهيمي، واصفة إياه بـ«الدبلوماسي الخبير والمخضرم». وقالت إن جولته في سوريا، والتي شملت دولا أخرى معنية بالنزاع السوري «إيجابية».

وأشارت الصحيفة إلى أن «الإبراهيمي يتابع جولته تحضيرا لما يمكن أن يسمى (جنيف 2) بلقاءات إقليمية ودولية يبدو أنها مريحة، فقد بدأها في سوريا بداية إيجابية لارتباطها بمتغيرات إقليمية ودولية وميدانية شعبيا وعسكريا نحو الأفضل». واعتبرت الصحيفة أن «جولة الإبراهيمي اليوم اختبار لدول الجوار، بل لقادتها وحكوماتها».