اليابان تعد لطي خلافاتها التاريخية مع روسيا.. على غرار ما فعلته مع أميركا

اجتماع غير مسبوق يشارك فيه وزراء خارجية ودفاع الدولتين يناقش احتمال إبرام اتفاق سلام

برلماني ياباني يقدم رسالة إلى الإمبراطور أكيهيتو بينما تقف إلى جانبه الإمبراطورة ميتشيكو خلال حفل سنوي يقيمه الإمبراطور يعرف باسم «الحفل الخريفي للحديقة»، في طوكيو أمس (رويترز)
TT

تعقد اليابان وروسيا يوم غد في طوكيو اجتماعا رفيعا غير مسبوق، يشارك فيه وزراء خارجية ودفاع البلدين ويعرف باسم «2+2»، وذلك بعد أقل من شهر على اجتماع مماثل بين اليابان والولايات المتحدة.

وسيجري وزيرا «الخارجية» و«الدفاع» الروسيان، سيرغي لافروف وسيرغي شويغو، محادثات مع نظيريهما اليابانيين، فوميو كيشيدا وايتسونوري أونوديرا. ورغم العلاقات الاقتصادية المهمة بين البلدين، فإنهما لم يوقعا عمليا حتى الآن اتفاق سلام منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية بسبب خلاف حدودي لا يزال قائما بينهما.

وتتنازع موسكو وطوكيو السيطرة على أربع من جزر الكوريل الجنوبية التي تطلق اليابان عليها اسم أراضي الشمال والتي ضمها السوفيات في نهاية الحرب العالمية الثانية. وسيتطرق لافروف وكيشيدا اليوم الجمعة إلى هذا الملف الحساس، الذي سبق أن كان موضوعا للقاء ثنائي على مستوى رفيع في منتصف شهر أغسطس (آب) الماضي في موسكو. وقال مسؤول ياباني أمس: «لمسنا رغبة لدى الرئيس (الروسي فلاديمير) بوتين في تحسين العلاقات مع اليابان، لكن هذا لا يعني حكما أن روسيا مستعدة لتقديم تنازلات جغرافية». كما يفترض أن يبحث وزيرا «الدفاع» الروسي والياباني مسألة تعزيز التعاون والمبادلات بين قوات الدفاع الخاصة بالبلدين، حسبما أفاد مسؤولون يابانيون أمس. ويلتقي الوزراء الأربعة غدا لعقد اجتماع يفترض، بحسب مسؤول دبلوماسي ياباني، «أن يكون له تأثير إيجابي غير مباشر على المفاوضات المقبلة من أجل إبرام اتفاقية سلام». وكان رئيس الوزراء الياباني، اليميني شينزو آبي، زار موسكو في أبريل (نيسان) الماضي، بعد أشهر قليلة على وصوله إلى السلطة في نهاية 2012، برفقة 120 رجل أعمال، في أول زيارة رسمية لرئيس حكومة ياباني إلى روسيا خلال عشر سنوات، والتقى خلالها فلاديمير بوتين.

ولم تكن طوكيو تعقد اجتماعات «2+2» حتى الآن سوى مع أستراليا والولايات المتحدة، مما يزيد من أهمية اجتماعها مع موسكو. وفي مطلع أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، زار وزيرا «الخارجية» و«الدفاع» الأميركيان، جون كيري وتشاك هيغل، طوكيو لبحث تحديث الحلف العسكري الأميركي - الياباني.

وتستند واشنطن بشكل كبير إلى هذا الحلف في تنفيذ استراتيجيتها القاضية بإعادة تمحور سياستها الخارجية على آسيا، في سياق من التوترات الإقليمية، ولا سيما بين الصين واليابان.

وشهدت العلاقات الروسية - اليابانية فتورا في عام 2010 إثر زيارة للرئيس الروسي آنذاك ديمتري ميدفيديف إلى أرخبيل الكوريل، ثم في 2012 عند قيام ميدفيديف نفسه بزيارة ثانية إلى الجزر المتنازع عليها في وقت كان رئيسا للوزراء. غير أن الأجواء تغيرت بين البلدين في ديسمبر (كانون الأول) الماضي مع وصول شينزو آبي إلى السلطة وقد سارع إلى الاتفاق مع بوتين على إعادة إحياء المفاوضات بين البلدين بغية توقيع اتفاق سلام.

ويرى مراقبون أن التدهور الكبير في العلاقات بين طوكيو وبكين بسبب خلاف جغرافي في بحر الصين الغربية قد يكون من العوامل التي ساهمت في التقارب بين اليابان وروسيا. وفي نهاية مارس (آذار) الماضي، رأى «المعهد الوطني للدراسات الدفاعية» الممول من الحكومة اليابانية، أن طموحات بكين البحرية تدفع إلى تقارب بين طوكيو وموسكو التي تشدد بصورة خاصة على «تعزيز التعاون في المجالين الأمني والبحري على وجه التحديد».

وبلغ حجم المبادلات التجارية بين روسيا واليابان 32 مليار دولار عام 2012، بزيادة 5.3% عن عام 2011. وتأتي روسيا في المرتبة الخامسة عشرة بين شركاء اليابان التجاريين، غير أنها تؤمن لها 10% من حاجاتها من الغاز الطبيعي المسال، مما يكتسي أهمية خاصة في ظل افتقار اليابان إلى الموارد في مجال الطاقة، ولا سيما مع توقف مفاعلاتها النووية حاليا.