القضاء اللبناني يوقف رئيس الهيئة العليا للإغاثة وزوجته بتهمة تهريب أموال

استدعى رفعت عيد للتحقيق معه بعد تهديده شعبة المعلومات

TT

طغت الملفات القضائية أمس على المشد السياسي اللبناني، إذ كان الحدث قضائيا بامتياز وفي ملفين أساسيين: الأول استجواب النيابة العامة التمييزية رئيس «الهيئة العليا للإغاثة» العميد إبراهيم بشير، وتوقيفه مع زوجته في قضية اختلاس أموال عامة، وتحويل مبلغ عشرة ملايين دولار من أموال الهيئة إلى حساب خاص في الخارج، والثاني تكليف النائب العام التمييزي بالإنابة القاضي سمير حمود قسم المباحث الجنائية المركزية استدعاء الأمين العام لـ«الحزب العربي الديمقراطي» رفعت عيد، والتحقيق معه حول تهديده لشعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي، وإعلانه إهدار دم هذا الفرع، على خلفية توقيف الأخير لعدد من عناصر حزبه المتورطين في تفجير مسجدي السلام والتقوى في طرابلس (شمال لبنان) في 23 أغسطس (آب) الماضي وقتل 51 شخصا أغلبهم من المصلين وجرح أكثر من 500 آخرين.

في الملف الأول، مثل بشير منذ الساعة العاشرة من صباح أمس أمام القضاء، واستجوبه المحامي العام التمييزي القاضي شربل أبو سمرا على مدى ساعتين، حول الشبهات التي تحوم حول اختلاسه أموالا عمومية من حساب الهيئة وتحويلها إلى حساب خاص به في الخارج، قبل أن يحيل القاضي حمود العميد بشير على قسم المباحث الجنائية لاستكمال استجوابه. واستمر التحقيق حتى المساء، وفي نهاية التحقيق أمر القاضي حمود بتوقيف بشير وزوجته التي استجوبت أيضا، على أن يحيلهما اليوم على النيابة العامة الاستئنافية في بيروت للادعاء عليهما وإحالتهما على قاضي التحقيق الأول في بيروت غسان عويدات. وعلمت «الشرق الأوسط» أن بشير نفى الاتهامات المساقة ضده، وأوضح أنه «لا يوجد أصلا في حسابات الهيئة العليا للإغاثة مبلغ عشرة ملايين دولار»، معتبرا أن «الهدف من إحالته على القضاء هو التشهير به سياسيا». واتهم الأمين العام لمجلس الوزراء القاضي سهيل بوجي باختلاق هذا الملف بهدف إزالته من رئاسة الهيئة.

وأفادت مصادر مواكبة للتحقيق «الشرق الأوسط»، أن رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، بعث أمس برسالة إلى القضاء يبلغه فيها أنه يرفع الحصانة الوظيفية عن بشير ويعطي الإذن بملاحقته قضائيا، باعتبار أن الهيئة العليا للإغاثة هي مؤسسة تخضع لسلطة رئيس الحكومة شخصيا برئيسها وموظفيها، ولا يمكن ملاحقة أي منهم قبل الاستحصال على إذن من رئيس الحكومة. وأشارت المصادر إلى أن «ملف بشير بدأ يتكون منذ أن أحال ميقاتي قبل أسبوعين كتابا إلى هيئة التحقيق الخاصة في مصرف لبنان، وطلب منها التحقيق في المعلومات التي وصلته عن تحويل بشير مبالغ طائلة من حساب الهيئة إلى الخارج، وأن مصرف لبنان المركزي أجرى تحقيقا تقنيا وماليا، وأحال نتيجة هذا التحقيق على القضاء الذي وضع يده على الملف، وباشر التحقيق فيه فورا».

أما في الملف الثاني، فقد كلف القاضي سمير حمود رئيس قسم المباحث الجنائية المركزية بالإنابة المقدم فاروق دياب، التحقيق مع رفعت عيد، استنادا إلى الأخبار الذي تقدمت به المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي، والذي يتضمن شريط المؤتمر الصحافي الذي عقده عيد يوم السبت الماضي، ووصف فيه ضباطا في مخابرات الجيش وشعبة المعلومات بأنهم عملاء، وقال ما حرفيته إن «دماء فرع المعلومات حلال علينا». وذلك بعد توقيف شعبة المعلومات أربعة عناصر من «الحزب العربي الديمقراطي» الذي يرأسه عيد، وبعد أن ادعى القضاء العسكري على والده النائب السابق علي عيد بجرم تهريب مطلوبين إلى العدالة بتفجيري طرابلس من لبنان إلى سوريا، على أن يتخذ القاضي حمود في ضوء التحقيق القرار القانوني المناسب بحق عيد.

وفي سياق متصل، يفترض أن يمثل رئيس الحزب العربي الديمقراطي علي عيد اليوم أمام قاضي التحقيق العسكري الأول رياض أبو غيدا، لاستجوابه في ادعاء القضاء العسكري ضده بتهريب متهمين بتفجير مسجدي طرابلس (أغسطس الماضي) إلى سوريا، وأكدت مصادر معنية بالقضية لـ«الشرق الأوسط»، أن «علي عيد تبلغ رسميا قرار استدعائه وموعد جلسة استجوابه، وفي حال لم يحضر اليوم إلى مقر المحكمة العسكرية ويمثل أمام قاضي التحقيق، قد يضطر القاضي أبو غيدا إلى إصدار مذكرة توقيف غيابية بحقه».