أمطار بغداد تغرق شوارعها وتثير سخرية مواطنيها

أمانة العاصمة: لا نملك عصا سحرية

TT

لا أحد في بغداد ينظر إلى السماء وقت المطر. بل ينظر الجميع إلى الأرض، وكأن المطر يهطل منها لا من السماء. فعلى امتداد مساحة مدينة مترامية الأطراف، مثل بغداد، التي يقطنها ستة ملايين نسمة، لا يرفع أحد مظلة يتقي بها المطر, بل يرفع بدلا منها بنطاله، اتقاء للطين والحفر.

وتحت أمطار بغداد كل شيء يكون قابلا للاختفاء، بدءا من السيارات التي تتحول إلى برمائيات، رغما عنها، وانتهاء بالمواطنين الذين يحاولون البحث عن ملاذ آمن، لا لكي يقيهم الأمطار التي تهطل بغزارة، بل ليجنبهم الكوارث التي يواجهونها في الشارع، الذي تختفي فيه الأرصفة والجزرات الوسطية.

حكاية المطر الغزير بدأت في العراق منذ سنة فقط، عندما أعلنت هيئة الأرصاد الجوية نهاية موسم الجفاف الذي استمر عقدا كاملا من السنوات، وظل يغرق العراق سنويا بمئات العواصف الترابية. ففي العام الماضي هطلت كمية كبيرة من الأمطار استمرت ثماني ساعات متواصلة، أغرقت بغداد وكثيرا من المدن. وخلال الأيام القليلة الماضية تكررت الحكاية، وعادت «نشرة الأنواء الجوية» تتصدر اهتمامات العراقيين، بعد أن تراجعت نشرة الكهرباء الوطنية، بعد الاستقرار النسبي في إنتاج وتوزيع الطاقة الكهربائية.

وطبقا لأمانة بغداد، فإن «كمية الأمطار التي هطلت على مدينة بغداد خلال الـ12 ساعة الماضية بلغت أكثر من 85 ملليمترا». وقال بيان للأمانة إن «هذه الكمية من الأمطار تعد الأشد منذ نحو عقدين من الزمن، وأعلى بكثير من المعدلات الاعتيادية، وتفوق القدرات التصميمية والاستيعابية لخطوط وشبكات المجاري المهيأة بالأساس لاستقبال كميات معينة من الأمطار، مما يتطلب بعض الوقت لتصريفها بشكل طبيعي من بعض مناطق العاصمة بغداد، لا سيما تلك الواقعة في جانب الرصافة».

بدوره، اتهم حكيم عبد الزهرة مدير العلاقات والإعلام في أمانة بغداد، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، مسؤولين سياسيين بـ«مجاملة المتجاوزين على أحد أهم خطوط نقل مياه المجاري، لأنهم يحتاجون هؤلاء المتجاوزين لأيام الانتخابات».

وأضاف عبد الزهرة أن «الأمانة لا تملك عصا سحرية لسحب كميات هائلة من الأمطار هطلت على مدينة مصممة خطوطها الرئيسة لثلاثة ملايين نسمة، لا إلى ستة ملايين». وأوضح أن «مشكلات من هذا النوع كانت تعالج في الماضي بتحويل المياه الزائدة إلى الأطراف، لكن ما نعانيه اليوم أن الأطراف تحولت إلى أحياء سكنية غير نظامية، وهي ما نسميه بـ(العشوائيات)».

وأشار إلى أن «هناك واحدا من أهم الخطوط الرئيسة لتصريف المياه يسكن فوقه المتجاوزون، ولا أحد من المسؤولين يستطيع أن يقول ذلك، لأن قضية العشوائيات تحولت إلى مزايدات انتخابية، وبالتالي لم يعد أمام بعض المسؤولين سوى التوجه إلى انتقاد أمانة بغداد»، مؤكدا أن «مجلس محافظة بغداد يعلم بذلك لكنه هو الآخر لا يستطيع أن يقول الحقيقة لأسباب انتخابية».

البغداديون أطلقوا العنان لمخيلتهم؛ فمنهم من كتب على صفحته في موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك» أن «كثرة الملاحين أغرق سفينتنا»، في إشارة إلى الخلافات السياسية. بينما استعاد آخرون مشهدا من فيلم عمر المختار، الذي جاء بعد التحوير «إننا لن نستسلم.. بل نتسلق أو نغوص». في حين تخيل آخرون بغداد بحرا تعوم فيه الدلافين.