بين الأفلام

لقطة من «حبيبي بيستناني عند البحر»
TT

تُصاب مي (المخرجة شيرين دعبس) بخيبة أمل حين تواجه التقاليد إثر عودتها من أميركا إلى عمان. تشكو، مرتين من أنها لا تريد حفلة كبيرة تُساق لها، بل ترغب في «حفلة صغيرة» وتتساءل: «لمَ على حفل الزواج ألا يكون بسيطا؟». جاءت لتزور أهلها قبل أن تتزوج، وهي المسيحية، من مسلم، وهذا ما يغضب أمها (هيام عباس). الصدامات الكلامية بين مي وأمها تتكرر في أكثر من موضع.. كلتاهما متمسكة بموقفها. لا بأس بالتمثيل المتناوب بين الشخصيتين في مشاهدهما معا.. إنها بعض أفضل مشاهد الفيلم، كذلك المشاهد التي تربط بطلتها بالآخرين خصوصا بشقيقتيها (نادين معلوف وعليا شوكت). هنا تبدو المخرجة تلقائية وحيوية حتى في الفصل المحشور الذي يقع في متنزه على ساحل البحر الميت المفجر لمواقف متناقضة بين الثلاثة.. يحمل ذلك الفصل حسنات وسيئات الفيلم بأسره؛ فمن جانب هو ممثل جيدا وفي مضمونه نقاط صراع مختلفة تفجر ما تحت الجلد من عواطف تضمرها كل شقيقة للأخرى، ومن جانب آخر، الحوار، كباقي الفيلم، توظيفي.. مجرد استخدام لتمرير مشاهد ضعيفة السياق. المشهد الذي تكتشف فيه البنات أن هناك علاقة متجددة بين الأم والأب نوع منقول مما تؤمه الأفلام الكوميدية الأميركية بنظام شديد، لكن القيمة الفعلية للموقف ضائعة بسبب تفكك أواصر سيناريو يطلب كل شيء وينجز القليل فقط.

«حبيبي بيستناني عند البحر»(4*) إخراج: ميس دروزة (2013) الكلمات الأولى في «حبيبي بيستناني عند البحر» (استقبل جيدا في تورونتو) تقول: «طول عمري بحلم أحب واحد من عند البحر. ما تخيلت إني لليوم حكون بدور عليه». الفيلم الجديد للمخرجة الفلسطينية المولودة في الأردن، ميس دروزة، يتعامل، كبعض أفلامها السابقة، مع الهوية الفلسطينية وروح الانتماء، لكنه، في الوقت ذاته، تسجيل لملاحظاتها وتعليقاتها (بصرية ومسموعة) حول أحاسيسها، كونها عمدت إلى هذا الفيلم لتسجل رحلتها إلى رام الله في وطنها الأم. وفي حين أن البحر هو محور حديث من تلتقيهم من نساء ورجال يحادثونها والكاميرا، إلا أن الحرمان منه والشعور بالمنفى حتى بالنسبة للفلسطينيين المقيمين فوق أراضيهم هو صلب هذا الموضوع، إلى جانب الشعور بأن الانتماء للوطن يبقى القضية التي تجمع هؤلاء. حديث المخرجة لمن تلتقي بهم وحديثهم إليها مسالم وهادئ ويشوبه حزن المتحدث وحزن الإدراك بأن الاحتلال الصهيوني لفلسطين هو آخر وصمة دائمة باقية على جبين الإنسانية. لكن هذا الهدوء يقول الأشياء صريحة من دون التخلي عن أسلوبه الهادئ في لمس ما هو ساخن ومؤلم.