مفوضية اللاجئين: 300 ألف طفل سوري لن يلتحقوا بالمدارس في لبنان والأردن

غوتيريس التقى سليمان وميقاتي وتفقد نازحي القلمون بعرسال

صورة نشرتها اليوم لجنة تحقيق الأمم المتحدة حول اللاجئين تظهر أطفالا يعملون في ورشة بناء في مخيم الزعتري بالأردن (أ.ب)
TT

تتفاقم أزمة اللاجئين السوريين الموزعين على دول الجوار، لا سيما في لبنان والأردن، مع إعلان البلدين عجزهما عن الاستمرار باستقبال المزيد من الوافدين وتحمل أعباء الموجودين على أراضيهما، في وقت أعلن فيه المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، أنطونيو غوتيريس، تسجيل المنظمة أكثر من ثلاثة ملايين لاجئ سوري في أنحاء الشرق الأوسط، إضافة إلى الآلاف ممن فروا من سوريا ولم يجرِ تسجيلهم.

وفي موازاة إشارة غوتيريس الذي التقى عددا من المسؤولين اللبنانيين في بيروت أمس قادما من الأردن، إلى أنه «من دون المزيد من الدعم الشامل، لا يمكن للمجتمع الدولي أن يسلم بأن تلك الدول ستكون قادرة على المضي قدما وقبول مئات الآلاف أو الملايين من اللاجئين السوريين»، أعلنت مفوضية شؤون اللاجئين أن «نحو 300 ألف طفل ممن يعيشون في مخيمات اللاجئين في لبنان والأردن قد لا يستطيعون الالتحاق بالمدارس حتى نهاية العام الحالي».

وحذرت المفوضية في تقرير أصدرته أمس بعنوان «مستقبل سوريا - أزمة الأطفال اللاجئين» في لبنان والأردن، من «أعداد صادمة حول الأطفال السوريين اللاجئين الذين ينشأون في عائلات مفككة ويفقدون فرصة التعليم ويصبحون العائل الرئيس لأسرهم». وقال غوتيرس إنه «إذا لم نتخذ إجراءات سريعة فسوف تستمر معاناة جيل من الأبرياء في حرب مروعة».

وتقدر المفوضية في تقريرها عدد الأسر التي تعيش من دون أب بنحو 70 ألف أسرة، إضافة إلى نحو 3700 طفل يعيشون من دون كلا الأبوين. وتظهر إحصاءات المفوضية أن من بين 1.1 مليون لاجئ من صغار السن، يعيش أكثر من 385 ألفا في لبنان، و249.304 في تركيا، و291.238 في الأردن.

ويحذر تقرير المفوضية من «آثار عميقة» يتركها الصراع السوري المستمر على «الأطفال العزل»، لافتا إلى أن «عددا لا يحصى من العائلات اللاجئة التي تنعدم لديها الموارد المالية بإرسال أطفالهم للعمل لتأمين احتياجاتهم المعيشية الأساسية». ويفيد بأنه في الأردن ولبنان، وجد الباحثون «أطفالا صغارا تبلغ أعمارهم سبعة أعوام يعملون لساعات طويلة مقابل أجر ضئيل، وأحيانا في ظروف يتعرضون فيها للخطر والاستغلال». أما في مخيم الزعتري بالأردن، فتقوم غالبية المتاجر الصغيرة البالغ عددها 680 متجرا، وفق التقرير ذاته، بتوظيف الأطفال، في وقت تعتمد فيه كل أسرة لاجئة من بين أسرتين من الأسر التي شملها استقصاء أجري في 11 محافظة أردنية، بصورة جزئية أو كلية على الدخل الذي يكسبه الطفل.

من جهة أخرى، تشير مفوضية اللاجئين إلى أن «عددا كبيرا من الأطفال يولدون في المنفى من دون أن يكون لديهم شهادات ميلاد». ويكشف استقصاء حديث أجرته حول تسجيل المواليد في لبنان أن 77 في المائة من عينة تشمل 781 رضيعا لاجئا، ليس لديهم شهادات ميلاد رسمية، في حين صدرت 68 شهادة ميلاد منذ بداية العام حتى الشهر الماضي في مخيم الزعتري بالأردن.

إزاء هذا الواقع، دعا مفوض شؤون اللاجئين والمبعوثة الخاصة للمفوضية الممثلة أنجلينا جولي، المجتمع الدولي إلى دعم الدول المجاورة لسوريا من أجل الإبقاء على حدودها مفتوحة وتحسين خدماتها ودعم المجتمعات المضيفة.

وكان غوتيريس عقد في بيروت أمس سلسلة لقاءات مع المسؤولين اللبنانيين، أبرزها مع الرئيس اللبناني ميشال سليمان، الذي أمل «تواصل جهود الهيئات والمنظمات المعنية بخلاصات مؤتمر المجموعة الدولية لدعم لبنان الذي انعقد في 25 سبتمبر (أيلول) الماضي في نيويورك من أجل مساعدة لبنان اقتصاديا وسياسيا ودعم الجيش وتوفير المساعدة لتمكينه من إيواء اللاجئين السوريين».

من ناحيته، أكد غوتيريس «الالتزام الكامل بمساعدة لبنان ودعمه من أجل تمكينه من اجتياز هذه المرحلة الدقيقة سياسيا وأمنيا واقتصاديا وإنسانيا»، منوها بـ«قرار لبنان منذ بداية الأزمة في سوريا أن يفتح أراضيه لكل مظلوم في سوريا». وبعد لقائه رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، أعرب غوتيريس عن «التقدير العميق للدعم السخي الذي يوفره الشعب اللبناني والسلطات اللبنانية للكثير من النازحين السوريين الذين فروا إلى لبنان بحثا عن أمان فقدوه في بلدهم»، مشددا على أهمية أن «يقوم المجتمع الدولي والدول التي لديها إمكانيات بتقديم دعم كبير للصندوق الائتماني والآليات التي أنشئت من أجل التعبير عن التضامن الدولي تجاه لبنان والشعب اللبناني اللذين يستحقان ذلك».

ومن بلدة عرسال اللبنانية الحدودية مع سوريا، التي استقبلت في الأسبوعين الأخيرين، أكثر من 17 ألف لاجئ سوري فروا من معارك القلمون، قال غوتيريس إثر جولة ميدانية في مخيم يضم نحو 70 خيمة، إن «ما شاهده وما سمعه من النازحين يعبر عن مأساة كبيرة»، لافتا إلى أن «عرسال أصبحت تستوعب ضعف ونصف الضعف من عدد سكان البلدة من النازحين، وهذا ما يستدعي زيادة المساعدات الإنسانية من كل المنظمات الدولية».