النظام السوري يعلن عزمه تغيير بطاقات الهوية.. ومعارضون يناشدون الأمم المتحدة التدخل

في إطار مشروع يحرم نصف السوريين من الجنسية وأثار استغراب الشارع

TT

طالب معارضون سوريون الجهات الدولية الراعية لمؤتمر «جنيف 2»، وفي مقدمتها الأمم المتحدة، التدخل لمنع النظام من تنفيذ مشروع تغيير الهويات الشخصية للسوريين، على خلفية إعلان الحكومة السورية عزمها إطلاقه بعد إقرار مجلس الشعب موازنة وزارة الداخلية وتخصيص 28 مليون يورو لتنفيذه.

وأثار إعلان الحكومة السورية الأسبوع الماضي عزمها تغيير بطاقات الهوية الشخصية كثيرا من الشكوك حول النيات الحقيقة التي يبيتها النظام خلف هذا الإعلان، خصوصا وأن هناك الملايين من السوريين فروا خارج البلاد وداخلها هربا من بطش النظام، وليس بإمكانهم بالتالي استصدار أي وثيقة خشية الاعتقال.

وأقر مجلس الشعب السوري موازنة وزارة الداخلية التي تضمنت تنفيذ مشروع البطاقات الشخصية الجديدة، بتكلفة 28 مليون يورو، علما أن موازنته تتجاوز قيمة الكتلة السنوية لرواتب العاملين في الدولة سنويا والمقدرة بـ500 مليار ليرة أي ما يقارب 20 مليون يورو.

وأوضح معاون وزير الداخلية للأحوال المدنية عادل الديري أن الهدف من المشروع هو «تهيئة شروط الإقلاع بمشروع الحكومة الإلكترونية وإدخال البصمة الإلكترونية على البطاقة، مما سيجنب خزانة الدولة دفع عشرة ملايين يورو تكلفة تنفيذ مشروع البصمة بشكل منفرد»، موضحا أن «البطاقة الشخصية الحديثة صممت وفق أحدث التقنيات المتبعة عالميا في مجال البطاقات الشخصية، بحيث تتضمن كامل البيانات المتعلقة بحامل البطاقة والتي تحتاجها الجهات العامة».

وأثار طرح الحكومة السورية لهذا المشروع وبهذه التكلفة المرتفعة استغراب الشارع السوري، في وقت تعاني فيه البلاد من أزمة اقتصادية خانقة. وشكك ناشطون معارضون بالغاية من ورائه، حيث ذهب البعض إلى الحديث عن «خطة مبيتة من النظام من أجل الانتخابات الرئاسية»، فيما رأى البعض الآخر أن المشروع مقدمة لإقرار تقسيم البلاد، إذ لن يتمكن سوى الموالين للنظام في المناطق الخاضعة لسيطرته من الحصول على بطاقات الهوية الجديدة. ولم يستبعد فريق ثالث أن يعرقل المشروع عودة السوريين النازحين، داخل وخارج البلاد، إلى مدنهم ومنازلهم وحرمان ورثة المتوفين من حقوقهم، هذا عدا تعقب الفارين منهم داخل البلاد بهدف الاعتقال. واتفقت غالبية الآراء على أن النظام ينوي فرض واقع جديد على السوريين قبل مؤتمر «جنيف2».

وفي هذا الإطار، اعتبر «تيار بناء الدولة السورية» برئاسة المعارض لؤي حسين أن هذا الإجراء سيكون بمثابة «تعليق الجنسية السورية لأكثر من نصف السوريين، وأغلبهم من معارضي النظام». وأعلن ورفض ما أعلنته السلطات السورية عن نيتها إصدار بطاقات شخصية جديدة، بذريعة «تهيئة شروط الإقلاع بمشروع الحكومة الإلكترونية». ورأى التيار في بيان صادر عنه إن «توقيت هذا المشروع مع ظروف سوريا الحالية، خصوصا من ناحية الحرب القائمة، وتشرد ملايين السوريين خارج مناطق سكنهم، واستحقاق مؤتمر «جنيف 2»، الذي يمكن أن يعتمد مسألة الانتخابات الرئاسية أو التشريعية، يشير إلى أن نيات السلطة من هذا المشروع هي أمنية وسياسية».

وشدد على أنه «مع لجوء وهجرة نحو خمسة ملايين سوري إلى خارج البلاد، ووجود ما لا يقل عن ربع السوريين المتبقين داخل البلاد في مناطق لا تسيطر عليها السلطة، فضلا عن عشرات الآلاف من المعتقلين والملاحقين من أجهزة المخابرات، فإن السلطة السورية تسعى بذلك لأن يكون أغلب من سيحصلون على البطاقة الجديدة هم من الموالين لها».

ودعا التيار «جميع الجهات السورية إلى رفض المشروع»، طالبا من الجهات الدولية الراعية لمؤتمر «جنيف 2»، وفي مقدمتها الأمم المتحدة، «التدخل لمنع النظام من تنفيذه قبل تشكيل الحكومة الائتلافية المرتقبة».

يذكر أن تقديرات عدة تؤكد أن نحو عشرة ملايين سوري غيروا منذ بداية 2011 أماكن إقامتهم سواء بالنزوح إلى المدن والمناطق الخاضعة لسيطرة النظام، أو باللجوء إلى الخارج، بينهم نحو 2.2 مليون شخص سجلوا لدى «المفوضية السامية لشؤون اللاجئين» في دول الجوار، إضافة إلى عدد مماثل غير مسجلين، علما أن عدد السوريين يقدر بنحو 23 مليونا.