تضاربت المعلومات، أمس، حول مصير ساحات الاعتصام في محافظة الأنبار بين مؤشرات أفادت بتراجع رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي عن تهديدات أطلقها، أول من أمس، باقتحام الساحة، بدعوى وجود قيادات من تنظيم «القاعدة» فيها، وأخرى أفادت باقتحام وشيك لساحة الاعتصام الرئيسة في الرمادي، مركز المحافظة.
وذكرت تقارير بأن قوة مشتركة من الجيش والشرطة وقوات التدخل السريع (سوات) ومكافحة الإرهاب، طوقت، أمس، ساحة الاعتصام في الرمادي (110 كلم غرب بغداد). وأضافت أن القوة منعت الدخول والخروج من الساحة. من جهتهم، حذر معتصمون من أن هذه «القوات تستعد لاقتحام الساحة خلال الساعات المقبلة».
وفي خطوة مثلت نوعا من التراجع عن التهديدات التي أطلقها باقتحام ساحات الاعتصام إثر مقتل قائد الفرقة السابعة في الجيش العراقي اللواء الركن محمد الكروي، أعلن المالكي من مدينة كربلاء أنه تلقى تأكيدات ومناشدات من شيوخ عشائر ومسؤولين بتسوية قضية ساحة الاعتصام دون إراقة دماء.
وفي حين بدأ أسامة النجيفي، رئيس البرلمان العراقي، مشاورات مع كبار القادة السياسيين لاحتواء أزمة الاعتصامات في الأنبار وعدد من المحافظات الغربية من البلاد، نفى الشيخ علي الحاتم السليمان، أحد أبرز شيوخ الدليم وقادة الاعتصامات، وجود عناصر من تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام «داعش» المرتبط بـ«القاعدة» في ساحات الاعتصام، متهما في تصريح أمس من سماهم «أشباه الشيوخ» (في إشارة إلى الشيخين حميد ومحمد الهايس) بمحاولة «التملق للمالكي لجمع المكاسب»، معتبرا أنهم «لا يمثلون إلا أنفسهم وهم كاذبون فيما يقولون». واتهم الحاتم المالكي بمحاولة «جر البلاد إلى فتنة عبر تصريحاته غير المسؤولة، ونقول له ولحكومة الأنبار وقوات الشرطة، إنهم يستطيعون تفتيش ساحة اعتصام الرمادي (مركز محافظة الأنبار) والخيم مفتوحة أمام الجميع، ليروا بأعينهم سلمية مطالبنا». وحذر السليمان «من استهداف المعتصمين»، مشددا على أن «العشائر ستقف مع الساحات».
في السياق نفسه، ثمن الشيخ عبد الملك السعدي، المرجع السني البارز، ما سماه «صمود وثبات المعتصمين» بعد مرور سنة على الاعتصام. وقال السعدي في بيان إنه «بمناسبة مرور عام ودخول العام الثاني لصمودكم واستمراركم في المطالبة بالحقوق المشروعة للمظلومين من العراقيين، فإني أبارك لكم هذا الصمود، وأدعوكم للثبات على هذا الاعتصام السلمي الشرعي، الذي لم يحصل فيه منكم أي أذى، فاستمروا على بركة الله، واحذروا من أن تُخترقوا من جهات أخرى تريد انحراف هذه المطالبة إلى أسلوب غير شرعي أو غير سلمي».
وندد السعدي بتهديدات المالكي باجتياح ساحة الرمادي أو الساحات الأخرى «لقتل شعبه؛ بذريعة وجود إرهابيين فيها، فكان المفروض به فض الاعتصام بتلبية المطالب حتى تفرغ الساحات من المطالبين المسالمين ومن الإرهابيين - على فرض وجودهم كما يدعي».
من جهته، أكد صباح كرحوت الحلبوسي، رئيس مجلس محافظة الأنبار، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «أجرينا مشاورات مكثفة مع الحكومة المركزية من جهة ومع شيوخ العشائر وقادة الاعتصامات في الأنبار من أجل توفير مناخ ملائم لتنفيذ مطالب المعتصمين ومن ثم نقوم بعدها برفع الخيم». وأضاف أن «اللقاءات التي عقدت أمس (الاثنين) واليوم (أمس) مع الشيوخ ورجال الدين وممثلي ساحات الاعتصام أدت إلى تهدئة الأوضاع بما يؤدي إلى تسوية المسألة عبر مسارين متكاملين: الأول الشروع من قبل الحكومة بتنفيذ المطالب المشروعة التي تدخل ضمن صلاحياتها وبأقصى سرعة، والمسار الثاني هو البدء برفع الخيم من ساحات الاعتصام».
وردا على سؤال بشأن ما كشفه المالكي عن وجود أكثر من 30 من قادة تنظيم القاعدة في ساحات الاعتصام، قال الحلبوسي إن «المشكلة التي نواجهها أن ساحة الاعتصام تحولت إلى ساحة للمزايدات السياسية وهناك من ينقل معلومات مغلوطة»، كاشفا عن قيام «مجلس المحافظة بزيارة سرية للخيم بشأن مثل هذه المعلومات وغيرها فوجدنا أن الساحة خالية إلا من أبناء محافظة الأنبار وليس فيها أسلحة أو عناصر مسلحة». وبشأن المبادرة التي أعلنها رئيس البرلمان بعقد مؤتمر وطني طارئ، قال الحلبوسي «نحن ندعم أي توجه جاد بهذا الشأن ونرى أن أي مبادرة وطنية من شأنها تخفيف الأزمة، ومن جانبنا كمجلس محافظة قمنا بتهيئة كل الظروف المساعدة لنزع فتيل الأزمة في المحافظة».