محاولات لإعادة تشييد بعض المعالم القديمة في لندن ونيويورك

أنباء عن ترميم قوس محطة يوستن للسكك الحديدية بعد 50 سنة من هدمه

محطة يوستن والمنطقة المحيطة بها خلال القرن التاسع عشر حيث غمرتها المكاتب والفنادق («نيويورك تايمز»)
TT

حتى الناس الذين لم يكونوا قد ولدوا عندما أُحرقت محطة بنسلفانيا عام 1963 شعروا بالغضب. فذلك جرح لا يندمل. ولا يقل إثارة للحنق والمرارة ما حدث لقوس محطة يوستن العظيم في لندن الذي هُدم قبل سنة فقط من سقوط محطة بنسلفانيا. لكن وخلال السنوات الأخيرة نمت حركة لإعادة تشييد القوس الاسكوتلندي الدوري المهيب، بعد اكتشاف بقايا من بنيان الحجر الرملي في نهر.

عندما صمم فيليب هاردويك محطة يوستن كجزء من الخط الحديدي المؤدي لمدينة بيرمنغهام، ضمن ذلك ميزة رائعة. ففي جزء مفتوح من الطريق المؤدي إلى المحطة بنى هارويك قوسا بعلو 70 قدما اكتمل بناؤه أواخر ثلاثينات القرن الثامن عشر 1830. ويقول جون كريستوفر في كتابه «محطة يوستن عبر الزمن - أمبرلي» الذي نُشر عام 2012 إنه «لم يكن له وظيفة عملية سوى الادعاء بأنه كان المستقبل هناك». وأصدرت شركة عقارات سيدني ولندن التي تمتلك المنطقة مخططا لإعادة تطويرها. وبحسب التقرير فإن فقد اعتبر الناقد أوغسطس ويلبي بوغين في القرن التاسع عشر أن القوس هو مضيعة. وكان من رأيه «لا بد أن هذه القطعة الهائلة السخيفة قد كلفت الشركة مبلغا يكفي لبناء محطة من الطراز الأول مع وسائل الراحة التي كانت ستكون أفضل من المحطة البسيطة».

ونمت محطة يوستن والمنطقة المحيطة بها بسرعة خلال القرن التاسع عشر وسرعان ما غمرتها المكاتب والفنادق. وظهرت الحاجة إلى بناء المحطة القديمة خلال خمسينات القرن الماضي وتطلب التصميم الجديد هدم قوس محطة يوستن، ووافقت بلدية لندن على إزالة القوس بشرط إعادة تركيبه لكن شركة الخطوط الحديدية قالت إن ذلك سيكلف 190,000 جنيه إسترليني واعترضت وبدأت معركة. خلافا لما هو عليه الحال في الولايات المتحدة فهناك منظمات تعنى بالمحافظة على المباني القديمة والأثرية وتضامنت معها جمعية المعالم القديمة والمجموعة الجورجية والأكاديمية الملكية وجمعية حماية المباني القديمة من أجل المحافظة على المعلمة أو إعادة تركيبها على الأقل.

وفي 17 أكتوبر (تشرين الأول) أوردت صحيفة «التايمز» اللندنية أن مهندسين شابين تسلقا قمة القوس وعلقا راية كتب عليها «أنقذوا القوس» لكنه هُدم بعد ذلك بعام.

وكان يدور عبر الأطلنطي جدل مشابه بشأن محطة بنسلفانيا التي أعلن مصيرها في عام 1961. لكن فكرة المحافظة على المباني المعمارية لم تكن قد تبلورت في نيويورك بعد. وخاف المحافظون من تعريض حركة المعالم الوليدة للخطر بإثارة معركة حول مبنى اكتمل بناؤه عام 1910، فآثروا الصمت بل دعم بعضهم فكرة الهدم. أخيرا قرر رئيس الوزراء البريطاني الأسبق هارولد ماكميلان أن إنقاذ القوس مكلف للغاية وقامت شركة فرانك فالوري للهدم بتولي المهمة على مضض، وقدمت نموذجا للقوس من الفضة إلى الجمعية الفيكتورية.

وتدرس شركة نتويرك ريل التي تملك الكثير من الخطوط الحديدية والمحطات خطة لتجديد محطة يوستن بتكلفة مليار جنيه إسترليني، وقدمت شركة اتكينس غلوبال تصميما وخيارات مختلفة للقوس من ضمنها بناء قاعدة فقط للقوس وليس القوس بأكمله. قد يبنى القوس بالكامل من الحجر الجديد وقد يخلط جزء من الأحجار القيمة بالجديدة بحيث يبدو في صورة زاهية ورائعة.

لو أعيد بناء قوس محطة يوستن فستمثل تلك لحظات ممزوجة بالحلاوة والمرارة لمن يندبون محطة بنسلفانيا. قد تظل أحجاره في جيرسي ولكن الشارع السابع لن يرى أبدا ذلك العمود الإمبريالي مرة أخرى.

* خدمة «نيويورك تايمز»