التنظيمات المتشددة تترصد صوفيي سوريا بعد اتهامهم بـ«الانحياز» إلى النظام

أبرز أعلامهم مفتي الجمهورية الحالي والعلامة الراحل محمد سعيد رمضان البوطي

TT

يتعرض أتباع الطرق الصوفية ومشايخها في سوريا للاضطهاد والقمع من قبل الحركات الجهادية التي باتت تفرض سيطرتها على المساحة الأوسع من مناطق المعارضة. إذ عثر قبل يومين على جثة الداعية الصوفي الشيخ عبد العظيم شيخو وإحدى عشرة جثة أخرى، تعود في غالبيتها لأتباع الطريقة الصوفية، في قرية تل البيعة بمحافظة الرقة، شرق سوريا.

وأشار ناشطون إلى أن «عدة تيارات إسلامية متشددة تكفر الطريقة الصوفية في الرقة»، منها تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش)، الذي يسيطر على قرية تل البيعة.

وغالبا ما اعتمد النظام السوري على الصوفيين للحصول على الشرعية الدينية عبر منحهم مناصب وامتيازات في المؤسسة الدينية الرسمية. إذ لم يتردد مفتي الجمهورية أحمد حسون الذي يتبع الطريقة (الشاذلية) في التصوف، في إصدار فتوى رسمية في مارس (آذار) الماضي، تعلن وجوب الجهاد دفاعا عن النظام السوري، فيما لقي الشيخ محمد سعيد رمضان البوطي، الذي يتبع الطريقة (النقشبندية) في التصوف ولم يتراجع عن تأييد النظام السوري، حتفه خلال تفجير في مسجد الإيمان في دمشق أيضا في مارس الماضي. وتبادل النظام والمعارضة الاتهامات حول المسؤولية عن عملية اغتياله.

ويوضح عضو المجلس الوطني السوري والخبير في الحركات الإسلامية، عبد الرحمن الحاج، لـ«الشرق الأوسط»، أن «الصوفيين في سوريا حلفاء النظام، واستهدافهم بالمعنى الرمزي هو استهداف للنظام»، واضعا في الوقت نفسه أي «اعتداءات ضد أتباع الطرق الصوفية في إطار الفكر الجهادي المتشدد الذي انتشر كنتيجة موضوعية للعنف الذي مارسته القوات النظامية».

ومثلت الصوفية على الصعيد النسائي حركة «القبيسيات» التي أسستها منيرة القبيسي بهدف تعليم الدين للنساء السوريات، ورغم أن هذه الحركة التزمت الصمت وعدم إعلان موقف واضح وصريح مؤيّد للنظام أو المعارضة، تقول أوساط في المعارضة السورية لـ«الشرق الأوسط» إن «عددا من النساء القبيسيات انخرطن في الثورة بصورة فاعلة».

ويرجع الحاج تردد الصوفيين في الانخراط في صفوف الحراك الشعبي واستمرار تأييد النظام السوري إلى «الفكر التقليدي الذي يحملونه والذي يوجب تأييد السلطان مهما كان جائرا، إضافة إلى أن معظم الصوفيين يحظون بامتيازات من قبل النظام ومناصب قيادية في المؤسسات الدينية».

وانفردت «جماعة زيد» الصوفية في دمشق باتخاذ موقف منحاز إلى جانب الحراك الشعبي، إذ رفض شيوخها الضغوط الرسمية عليهم والتي طالبتهم بالتنديد بالمظاهرات والاحتجاجات ضد النظام. ودعا الشيخ أسامة الرفاعي، أحد أبرز شيوخ هذه الجماعة، إلى إطلاق سراح المعتقلين والكف عن تعذيبهم، مطالبا بإصلاحات سياسية للخروج من الأزمة.

وكانت نقطة التحول في موقف الجماعة عندما تعرض الرفاعي نفسه إلى اعتداء بالضرب المبرح على يد مؤيدي النظام وهجوم على مسجده وعلى أنصاره، مما استفز أهالي مدينة دمشق ودفعهم إلى الخروج في مسيرات حاشدة تأييدا للرفاعي الذي انتقل إلى خارج البلاد مرة أخرى مع شقيقه الأصغر وعدد من قيادات الجماعة، وأعلنوا وقوفهم الصريح والعلني ضد النظام السوري. وإضافة إلى أنصار جماعة زيد، انضم عدد من الشيوخ السوريين الصوفيين المعروفين من أمثال محمد راتب النابلسي وتلاميذهم إلى مؤيدي الحراك الشعبي في سوريا.

وعلى الرغم من أن التيار الصوفي لا يمتلك حضورا كبيرا داخل الفصائل المسلحة مثل التيار السلفي، فإن ناشطين ميدانيين يؤكدون «انضمام أعداد كبيرة من الصوفيين ومن يسمون بـ(تلاميذ المشايخ) إلى العمل الثوري المسلح ومشاركتهم في تأسيس فصائل وانخراطهم في أخرى».