رئيس جنوب السودان يعتزم تقديم المعتقلين إلى المحاكمة

رياك مشار يزعم أن قواته على مشارف جوبا.. والقوات الحكومية تؤكد أنها ستهاجم معاقله

TT

علن زعيم التمرد في جنوب السودان، النائب السابق للرئيس، الدكتور رياك مشار، أن معركته في العاصمة جوبا «بدأت»، واصفا رئيس الدولة سلفا كير ميارديت بـ«غير الجاد» في إنهاء الأزمة سلميا لإصراره على رفض إطلاق سراح المعتقلين السياسيين، الذين يفترض أن يشاركوا في التفاوض مع مجموعته، غير أن «الجيش الشعبي» نفى وجود معارك حول جوبا، وأكد أن القوات الحكومية ستدخل مدينة بانتيو في ولاية الوحدة خلال ساعات، في وقت أكدت فيه مؤسسة الرئاسة أنها ستقدم المعتقلين السياسيين إلى محاكمة دون أن تحدد موعدها، في حين رفض المعتقلون مقترحا حكوميا بأن يشاركوا في التفاوض من داخل جوبا في مكان يخصص لهم. وتعد هذه المواقف من الطرفين تراجعا عن الروح التي سادت أول من أمس بين المتفاوضين في أديس أبابا تحت رعاية وساطة دول الإيقاد (شرق أفريقيا).

وقال مشار لـ«الشرق الأوسط» إن قواته حول مدينة جوبا، وإنها دخلت في معارك ضد الجيش الحكومي أمس. وأضاف: «معركة جوبا بدأت لإسقاط كير، لأنه فقد المصداقية أمام المجتمع الإقليمي والدولي»، وأن «كير لا يريد نجاح المحادثات لاستمراره في رفض إطلاق سراح المعتقلين السياسيين».

وتابع مشار: «لذلك، ليس أمامنا من طريق سوى إسقاط هذا الديكتاتور وفتح الطريق أمام الديمقراطية والسلام والعدالة»، مشيرا إلى أن وفده ما زال موجودا في أديس أبابا من أجل الوصول إلى اتفاق ينهي الأزمة في البلاد، لكنه عاد وقال: «سنحدد موقفنا من الاستمرار في التفاوض بعد إجراء تقييم كامل حول الوضع برمته، وسنحدد ما إذا كنا سنواصل الحوار أم لا».

وأوضح مشار، الذي كان يتحدث من مكان غير معلوم، أن كير يريد أن يتفاوض مع المعتقلين من مقر اعتقالهم في جوبا دون أن يكونوا أحرارا، متسائلا: «كيف يتفاوضون مع من يسجنهم؟»، مشيرا إلى أن كير لم يحدد موعدا لمحاكمة المعتقلين، وأن «كير لم يكن صادقا مع الأميركيين عندما وعدهم بإطلاق سراح المعتقلين، ولم يكن وفيا بوعوده التي قطعها مع دول (الإيقاد)، لأنه يقول شيئا ويفعل شيئا آخر.. هذه حكومة تعيش على الكذب والنفاق، لأنها زعمت أن هناك انقلابا، ولم يصدقها أحد»، مشددا على أن شرطه لوقف إطلاق النار هو أن يطلق سراح المعتقلين وتوضع آلية لمراقبة وقف إطلاق النار.

من جهته، أكد اتينج ويك اتينج، السكرتير الصحافي لرئيس جنوب السودان، أن مفاوضات أديس أبابا بين حكومته والمتمردين تواجه تعقيدات، وقال: «فريقنا في التفاوض ما زال في أديس أبابا، ويحاور من دون شروط. ولكن الطرف الآخر يضع شروطه قبل التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق»، مشيرا إلى أن «الحكومة تصر على محاكمة الانقلابيين وفقا للقانون، وإذا ثبتت براءتهم فسيطلق سراحهم».

وقال اتينج إن الحكومة، ومن مبدأ احترامها لدور «الإيقاد» في التسوية السلمية، وافقت على تخصيص مقر للمفاوضات في عاصمة البلاد جوبا حتى يتمكن المعتقلون من المشاركة في التفاوض، ثم تعيدهم إلى المعتقل. وأضاف أن «المعتقلين رفضوا هذا العرض، وبرروا موقفهم بأن زملاءهم الموجودين في أديس أبابا لن يتمكنوا من الحضور إلى جوبا لعدم وجود ضمانات».

في غضون ذلك، نفى المتحدث الرسمي لجيش جنوب السودان فيليب أقوير لـ«الشرق الأوسط» وجود أي معارك حول جوبا، ردا على ما قاله مشار. وأضاف: «بل نحن سندخل مدينة بانتيو في ولاية الوحدة، وهي أحد معاقله، وقواتنا على مشارف بور في ولاية جونقلي».

من جهة أخرى، يصل وزير خارجية جنوب السودان برنابا بنجامين إلى الخرطوم اليوم، في أول زيارة لمسؤول جنوبي إلى السودان عقب اندلاع القتال بين القوات الحكومية وقوات نائب الرئيس السابق رياك مشار منذ قرابة الشهر، في الوقت الذي تسبب القتال الناشب هناك في لجوء عشرات الآلاف إلى مناطق بشمال السودان، وتتوقع منظمات دولية وجمعيات طوعية أن تستقبل ولاية شرق دارفور وحدها أكثر من عشرة آلاف لاجئ، وصل منهم فعلا قرابة ستة آلاف.

ويخشى على نطاق واسع، من تزايد أعداد اللاجئين بسبب القتال الدائر بين القوات الحكومية والقوات الموالية لمشار، حال استمرار العدائيات والقتال، في الوقت الذي يواجه فيه التفاوض بين الطرفين في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا الكثير من العقبات.

وكان الرئيس السوداني أكد الاثنين في جوبا، أن بلاده أعدت العدة لاستقبال اللاجئين من جنوب السودان بسبب القتال، وأنه أمر السلطات بفتح الحدود لاستقبالهم، وأنهم سيعاملون بصفتهم مواطنين كما كانوا قبل الانفصال، ويسمح لهم بالانتقال للمكان الذي يريدونه دون قيود، لكنه رفض السماح بإقامة أي معسكرات لاجئين داخل أراضي السودان.

وحسب تقارير صادرة عن مكتب تنسيق المساعدات الإنسانية «أوشا» التابع للأمم المتحدة، فإن عدد اللاجئين الذين فروا إلى السودان بلغ 13.874 لاجئا، معظمهم من النساء والأطفال.

ونقل تقرير «أوشا» عن وزارة التعليم بولاية شمال دارفور السودان أن ستة آلاف شخص، أغلبهم من النساء والأطفال، عبروا حدود جنوب السودان إلى منطقة «سماحة» بشرق دارفور. وذكر أن أعدادا أخرى من النازحين تتراوح بين 2000 إلى 2500 وصلوا مدينة «أبيي» عند منطقة «أقوك»، ولجأوا إلى أقاربهم وأصدقائهم، في المنطقة.

وأكد التقرير أن منظمة الهجرة الدولية رصدت وصول 2700 لاجئ إلى ولاية جنوب كردفان، معظمهم من الرحل، ولجوء 2674 آخرين إلى مناطق «الليري، تلودي، العميرة» بجنوب كردفان.

وبينما تنفي سلطات جنوب السودان نزوح رعاياها باتجاه الشمال، فإن التقرير نقل عن سلطان قبيلة الدينكا الجنوبية في معسكر «خور عمر» بشرق دارفور، أن أعدادا من الفارين من القتال أوقفتهم سلطات الجنوب ومنعتهم من عبور الحدود شمالا، وأن زعيم قبيلة الرزيقات في «بحر العرب» بجنوب السودان، ذكر أن أعدادا من اللاجئين تجمعوا عند الحدود بين البلدين للعبور لولاية شرق دارفور السودانية.