إقبال كبير على الاستفتاء الدستوري في مصر.. واستنفار أمني غير مسبوق

عمرو موسى لـ «الشرق الأوسط» : مؤشرات تؤكد أن نسبة المشاركة ستكون قوية جدا

الرئيس المصري المؤقت المستشار عدلي منصور عقب إدلائه بصوته أمس في ضاحية مصر الجديدة شرق القاهرة (أ.ف.ب)
TT

شهدت لجان الاقتراع على دستور مصر الجديد إقبالا لافتا وكبيرا أمس (الثلاثاء)، في أول اختبار للدعم الشعبي الذي تحظى به ثورة «30 يونيو (حزيران)»، التي أنهت حكم الرئيس محمد مرسي المنتمي لجماعة «الإخوان». وقال عمرو موسى، رئيس لجنة تعديل الدستور، لـ«الشرق الأوسط» إن مؤشرات الإقبال على التصويت في يومه الأول تؤكد أن نسبة المشاركة في الاستفتاء «ستكون قوية جدا».

ووسط استنفار أمني غير مسبوق، امتدت طوابير المصوتين أمام لجان الاقتراع التي فتحت أبوابها في التاسعة من صباح أمس. وتعول السلطات المصرية على أن يضفي الاستفتاء على الدستور شرعية انتخابية على قرار عزل مرسي قبل ستة أشهر، وهو ما يجعل لنسبة المشاركة في الاستفتاء ونسبة الموافقة على الدستور دلالات حاسمة.

وقال موسى، وهو رئيس «لجنة الخمسين» الذي صاغت الدستور الجديد، لـ«الشرق الأوسط» أمس: «الظاهر حتى الآن وجود إقبال جيد جدا، وهو في تزايد. الإقبال في الصباح الباكر كان قويا، ومبشرا».

وتابع موسى: «أنا على اتصال دائم بالعديد من المحافظات، وأتواصل باستمرار لرصد الصورة الحقيقية من أماكن التصويت، في مختلف المدن والقرى، وأستطيع أن أقول إن مؤشرات الإقبال على التصويت حتى الآن تؤكد أن نسبة المشاركة في الاستفتاء ستكون قوية جدا».

وأدلى الرئيس المؤقت عدلي منصور بصوته أمس في الاستفتاء على الدستور بمقر اللجنة الانتخابية بمدرسة مصر الجديدة الثانوية (شرق القاهرة)، وقال منصور في تصريحات صحافية له عقب إدلائه بصوته إن «التصويت لا يقتصر على الدستور وإنما هو تصويت على خارطة المستقبل كلها».

وأضاف أن إنجاز المسار الديمقراطي يكتمل بانتخاب رئيس للبلاد، ومجلس تشريعي، لافتا إلى أنه يجب على المصريين أن يثبتوا لمن يقومون بالإرهاب الأسود أنهم لا يخشونهم.

من جانبه، دعا الدكتور حازم الببلاوي رئيس مجلس الوزراء المواطنين إلى المشاركة بقوة في الاستفتاء، مشيرا إلى أن المواطنين الذين التقاهم أمس خلال إدلائه بصوته في الاستفتاء يعدون اليوم عرسا تاريخيا في حياة مصر، مؤكدا أن عملية الاقتراع تسير بشكل منضبط.

وفي رسالة لطمأنة المشاركين في الاستفتاء، تفقد قائد الجيش الفريق أول عبد الفتاح السيسي، لجان تصويت شرق القاهرة، وبدا واضحا حجم التأييد الشعبي التي يحظى به وزير الدفاع لدى قطاع واسع من المصريين الذين رفع بعضهم صورا له أمام لجان الاقتراع. ويتوقع مراقبون أن يعزز ارتفاع نسبة الإقبال على الاستفتاء من فرص ترشح السيسي الذي أبقى احتمالات خوضه الانتخابات الرئاسية قائمة. ولم يحسم بعد موعد الاستحقاق الرئاسي، لكن التقديرات ترجح إجراءه في أبريل (نسيان) المقبل. وفتحت مراكز الاقتراع أبوابها في التاسعة من صباح أمس في اليوم الأول للاستفتاء الذي يمتد إلى مساء اليوم (الأربعاء)، لاستقبال نحو 53 مليون مصري ممن لهم حق التصويت. وقالت مصادر أمنية وقضائية إنه لم تصل شكاوى تذكر عن تأخر في موعد فتح اللجان على مستوى الجمهورية، التي تقدر بـ3367 مقرا انتخابيا.

وأعرب اللواء محمد إبراهيم، وزير الداخلية عن سعادته بإقبال الناخبين على التصويت أمس، قائلا: «لم نتوقع هذا الإقبال الشديد من المواطنين على الإطلاق خاصة في ساعات الصباح الأولى». وأوضح الوزير في تصريحات صحافية له أمس أن قوات الشرطة، بالتعاون مع رجال القوات المسلحة، قامت بتنفيذ خطة أمنية متكاملة وعلى أعلى مستوى لتأمين لجان الاستفتاء والمنشآت المهمة وشوارع وميادين البلاد. وغاب عن مشهد أمس الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، وقال شقيق الإمام الأكبر إن الطيب أصيب بنزلة برد منعته من الخروج والإدلاء بصوته في الاستفتاء على الدستور، مشيرا إلى أنه سيذهب للإدلاء بصوته اليوم (الأربعاء) إذا تحسنت حالته الصحية بمسقط رأسه بمدينة القرنة غرب الأقصر (بصعيد البلاد). من جانبه، قال محمد فايق، رئيس المجلس القومي لحقوق الإنسان شبه الرسمي، إن عملية التصويت على الدستور تسير بشكل جيد في جميع أنحاء الجمهورية، مشيرا إلى أن غرفة عمليات المجلس تلقت عددا من الشكاوى الخاصة بتأخر فتح بعض اللجان وأخطاء بكشوف الناخبين، بالإضافة إلى بعض المظاهرات التي تعاملت معها الشرطة بحسم وقوة.

ونفت اللجنة العليا للانتخابات استبعاد قضاة من المشرفين على عمليات التصويت أمس بعد بلاغات بتوجيه هؤلاء القضاة للمقترعين بالتصويت ضد مشروع الدستور، لكن المستشار محمود الشريف سكرتير نادي القضاة قال لـ«الشرق الأوسط» إن «الغرفة تلقت بلاغات بالفعل بشأن قاضيين أحدهما بدائرة في مصر الجديدة (شرق القاهرة)، ولجنة أخرى في إمبابة (شمال الجيزة)، وتواصلنا مع اللجنة وجرى استبدالهما على الفور». وبدت لافتة نسبة الإقبال على مراكز التصويت المخصصة للوافدين. وأصدرت اللجنة العليا للانتخابات قرارا بزيادة عدد القضاة بتلك اللجان في محافظتي القاهرة والجيزة، نظرا لزيادة أعداد الناخبين وتكدسهم.

من جهته، قال مفيد الديك، الملحق الإعلامي بالسفارة الأميركية في القاهرة، إن وفدا صغيرا من المسؤولين في السفارة الأميركية يتابع عملية الاستفتاء على الدستور في القاهرة والإسكندرية. وأشار الديك في تصريحات صحافية له أمس إلى أن مهمة هذا الوفد المتابعة والتحدث إلى الناس في اللجان للاطلاع على سير عملية الاستفتاء، وليس لإصدار أحكام عليها وعلى مشروعيتها.

ورسمت قيادات في تحالف دعم الشرعية الذي تقوده جماعة «الإخوان» صورة مغايرة لعملية الاستفتاء، وقال مجدي قرقر القيادي في التحالف لـ«الشرق الأوسط» أمس إن «دعوة التحالف لمقاطعة الاستفتاء تسير بنجاح كبير. في ظل عمليات القمع التي تشير لضعف موقف سلطة الانقلاب». وحول الطوابير الممتدة أمام اللجان قال قرقر، وهو أمين عام حزب الاستقلال، إنه «لا بد من مقارنة هذه الأعداد بما حدث في الاستحقاقات الانتخابية الماضية.. لا يمكن مقارنة المشاركين في هذا الاستفتاء بالاستفتاء على دستور 2012»، مشيرا إلى أنه إذا جرت عمليات التصويت بشكل نزيه فإن المشاركين لن يتجاوزوا الـ30 في المائة. وعما إذا كان تمرير الدستور بنسبة مشاركة كبيرة قد يؤثر على موقف التحالف من العملية السياسية عقب ثورة «30 يونيو»، قال قرقر: «مقاطعتنا للدستور موقف مبدئي، ولن يتغير». وشارك 32 في المائة ممن لهم حق التصويت في استفتاء جرى نهاية العام قبل الماضي على دستور هيمن على وضعه إسلاميون، وأقر الدستور الذي بات يعرف بـ«دستور الإخوان» بنسبة موافقة 64 في المائة، في حين رفضه 36 في المائة من المشاركين.

* لقطات

* الرئيس منصور يساعد كفيفا على الإدلاء بصوته

* خلال توجه الرئيس المصري المؤقت، المستشار عدلي منصور، للإدلاء بصوته أمس في لجنة المدرسة النموذجية بضاحية مصر الجديدة (شرق القاهرة)، لاحظ عند دخوله إلى مقر اللجنة وجود مواطن كفيف على باب اللجنة، فقام الرئيس منصور باصطحابه وإعانته وتقديمه للإدلاء بصوته، في لفتة لاقت استحسان الموجودين داخل اللجنة. وقام أحد الحاضرين بالتقاط صورة للرئيس، تداولها المصريون على المواقع الاجتماعية بكثرة.

مبارك يرغب في التصويت بـ«نعم»

* أكد فريد الديب، محامي الرئيس الأسبق حسني مبارك، أمس، أن موكله طلب الإدلاء بصوته في الاستفتاء على الدستور المصري الجديد، موضحا في تصريحات صحافية أمس أن مبارك كان سيصوت بـ«نعم». إلا أن مسؤولا باللجنة العليا للانتخابات نفى لوكالة «رويترز» أن تكون اللجنة تلقت أي طلب من الرئيس الأسبق للإدلاء بصوته. بينما قال مصدر قضائي إنه لا يوجد أي حائل قانوني أمام إدلاء مبارك بصوته، لكن الدواعي الأمنية ربما تحول دون تمكنه من ذلك.

صباحي يكتشف أن اسمه في قائمة الناخبين بجدة

* قال «التيار الشعبي» المصري، في بيان له أمس، إن مؤسسه المرشح الرئاسي السابق حمدين صباحي لم يجد اسمه في كشوف الناخبين بعد أن توجه للإدلاء بصوته، وأنه بالبحث عن لجنته، تبين أن اسمه مدرج ضمن كشوف المصوتين خارج مصر وله حق الانتخاب ومسجل للتصويت بالقنصلية المصرية في جدة بالمملكة العربية السعودية. وأبدى صباحي تعجبه من هذا الخطأ، ودعا الجنة إلى سرعة تصحيحه ليتمكن من الإدلاء بصوته.

مواطنات يمنعن ناشطة من الإدلاء بصوتها

* قامت سيدات موجودات في صفوف الناخبين بإحدى اللجان في غرب القاهرة بمنع الناشطة إسراء عبد الفتاح من الإدلاء بصوتها. وفور وصول عبد الفتاح ومحاولتها اللحاق بصفوف الناخبات، هاجمتها مواطنات بادعاء أنها «عميلة»، وذلك إثر تسريبات صوتية راجت في الإعلام أخيرا تسعى لإدانة عدد من الناشطين إبان «ثورة 25 يناير» بالعمالة واستغلال الثورة لمصالح شخصية. وحاولت الناخبات التعدي على عبد الفتاح، لكن عناصر الأمن الموجودين أمام اللجنة قاموا بحمايتها وإعادتها إلى سيارتها قبل أن تتفاقم الأمور.