600 صحافي عادوا بخفي حنين من المؤتمر الصحافي لهولاند

الرئيس الفرنسي قال إن المكان والمناسبة لا يسمحان بطرح موضوع علاقته بالممثلة جولي غاييه

علاقة هولاند بالممثلة كانت بلغت مسامع شريكة حياته لكنها لم تصدقها (أ.ب)
TT

لم يحصل أن استعد مئات الصحافيين، ومن ورائهم الملايين من مشاهدي التلفزيون، لمؤتمر صحافي مقرر لرئيس فرنسي كما حصل مع فرنسوا هولاند في مؤتمره، بعد ظهر أمس، في الإليزيه. ولم يكن سبب التشويق ما يمكن أن يدلي به الرئيس الفرنسي من تفاصيل حول الوضع الاقتصادي المتدهور للبلد، بل الأسئلة المحرجة التي سيواجهها، وخصوصا من المراسلين الأجانب، حول الفضيحة التي كشفتها مجلة «كلوزر»، الجمعة الماضية، عن علاقته بالممثلة جولي غاييه.

أمام 600 صحافي ضاقت بهم قاعة الاحتفالات في الإليزيه بثرياتها الوضاءة وستائرها النبيذية وسجادها الأحمر وجدرانها المذهبة المغطاة بلوحات تاريخية، وقف رئيس فرنسا ليلقي خطابا مطولا حول أولويات المرحلة السياسية، ثم ليوجه تهانيه للصحافة بمناسبة العام الجديد. وحسب التقاليد المتبعة، وقف رئيس جمعية الصحافيين المعتمدين لدى الإليزيه ليرد على الرئيس شاكرا تهانيه ومتمنيا له مثلها وراجيا أن يكون العام الحالي هو عام إطلاق سراح الصحافيين الفرنسيين المحتجزين رهائن لدى جهات خارجية. وبعد هذه المجاملة جاء السؤال المنتظر: «سيدي الرئيس، أما زالت فاليري تريرفيلر سيدة فرنسا الأولى؟».

ودون ثرثرة كثيرة، رد هولاند بعبارات لم تستغرق سوى نصف دقيقة، قال فيها: «أنا أتفهم سؤالك وأنت، بالتأكيد، تتقهم جوابي. إن المرء يمكن أن يمر في حياته الخاصة بمحن، وهي حالتي اليوم حيث أمر بمحنة مؤلمة. لكن مبدأي هو أن الأمور الخاصة تعالج في خصوصية، وليس هذا المكان، ولا هذه اللحظة، تسمح بذلك». وأغلق الرئيس الموضوع طالبا تأجيله إلى مناسبة لاحقة. وعلى الفور سرت في القاعة همهمة عالية عبرت عن خيبة أمل الصحافيين من الفوز باعترافات تفصيلية ومثيرة تصلح لمانشيتات ترفع من توزيع صحفهم.

وبعد أن سارت الأسئلة في اتجاه الأمور العامة، عاد أحد الصحافيين واستفهم حول التصريح الذي أدلى به النائب فرنسوا ربسامين، رئيس المجموعة الاشتراكية في مجلس الشيوخ، حول ضرورة تحديد مهمات «السيدة الأولى». وهنا بدا هولاند أكثر صرامة وقال إنه «لن يقوم بأي تغيير في الأنظمة المتبعة لأنه ضد القوانين الطارئة أو التي تعالج حالات خاصة». وأردف: «أنا رئيس محمي بالحصانة ولا أخضع للمحاسبة. لكن هذا الموضوع لا يخصني وحدي بل يشكل تعرضا لواحدة من الحريات الأساسية، ويمكن أن يطالكم جميعا. نحن في بلد الحريات». وأضاف أن مهمات «السيدة الأولى» غير مؤطرة بهيكل معين، لكن هناك أعرافا تختلف حسب كل رئيس ممن سبقوه. والمهم بالنسبة له هو أن يخضع الموضوع للشفافية، أي أن تكون الإمكانيات المخصصة لشريكة الرئيس معروفة وألا تتجاوز حدودا ضيقة.

ثم حاول صحافي، مرة أخرى، العودة إلى الموضوع، متسائلا عن تعريض أمن الرئيس للمخاطر، قاصدا زياراته الليلية لشقة الممثلة على متن دراجة نارية ومع حارس واحد. ورد هولاند مطمئنا بأن حمايته مكفولة في كل وقت ومكان، سواء في جولاته الرسمية داخل البلاد أو خارجها، أو في تنقلاته الخاصة. وأضاف: «ليس على أحد أن يقلق علي».

وطوال اليومين الماضيين لم تتوقف وسائل الإعلام والقنوات الإخبارية عن طرح التكهنات حول موقف هولاند حيال ما سيطرح عليه من أسئلة تتعلق بحياته الخاصة وما يسببه الموضوع من إحراج له، لا سيما وأن شريكة حياته، فاليري تريرفيلر، ما زالت تعالج في مستشفى باريسي من آثار الصدمة التي تعرضت لها بعد الكشف عن وجود عشيقة، غيرها، في حياة هولاند. وهي قضية لا تخصها من جانب عاطفي فحسب بل من جانب عملي قد يترتب عليه اضطرارها لمغادرة القصر الرئاسي والتخلي عن موقع سيدة فرنسا الأولى.

من المستشفى، تمكن صحافي من جريدة «الباريزيان» أن يتصل بفاليري تريرفيلر ويعرف منها تفاصيل المواجهة التي جرت بينها وبين الرئيس، مساء الخميس الماضي، عشية ظهور المجلة التي حملت صور الفضيحة على غلافها. وحسب الصحافي فإن تقولات عن علاقة هولاند بالممثلة كانت قد بلغت مسامع شريكة حياته، لكنها لم تصدقها. لذلك فقد حرص على أن يبلغها بالأمر، بنفسه، في مصارحة هادئة ودون محاسبة أو صراخ، قبل أن تقرأ التفاصيل في «كلوزر». وهي قد تأثرت كثيرا لكنها لم تتخذ، بعد، قرارا وتنتظر أن يعودا إلى الحديث في الموضوع بعد هدوء العاصفة.

وفي حين استنكرت شخصيات سياسية الموقع الذي تحتله صديقة هولاند في الإليزيه، والمكتب المخصص لها مع أربعة مساعدين وسائق وسيارة، فقد سخر آلان جوبيه، رئيس الوزراء الأسبق في عهد الرئيس شيراك، من لقب «السيدة الفرنسية الأولى» المستعار من التقاليد الأميركية دون أن يكون له أي ذكر في تنظيمات الرئاسة الفرنسية. وقال جوبيه في تصريح لقناة تلفزيونية، إن هناك «سيدة ثانية» في فرنسا، اليوم.

يذكر أن الرئيس السابق نيكولا ساركوزي كان قد واجه، في مؤتمر صحافي، وقبل ارتباطه رسميا بعارضة الأزياء المعتزلة والمغنية الإيطالية كارلا بروني، تساؤلا حول علاقته بها ومشاركتها له في رحلات خارجية. ورد ساركوزي يومها، إن «ما بيني وبين كارلا أمر جدي».