تقرير حقوقي يثبت تورط نظام الأسد بقتل 11 ألف معتقل تحت التعذيب

يستند إلى آلاف الصور والملفات الحكومية المسربة من عسكري منشق

إطفائيون يحاولون إخماد حريق في مبنى استهدفته طائرات النظام في حي الفردوس وسط حلب أمس (أ.ف.ب)
TT

كشف ثلاثة محققين دوليين سابقين في جرائم الحرب وخبراء في الطب الشرعي عن ارتكاب النظام السوري أعمال قتل وتعذيب على نطاق واسع بحق المعتقلين في السجون السورية. واستند التقرير الذي نشرته صحيفة «الغارديان» البريطانية وشبكة «سي إن إن» الأميركية، إلى شهادة أحد المنشقين من القوات السورية خدم 13 عاما في سلك الشرطة العسكرية التابعة لقوات النظام.

وأثار نشر صور مروعة لجثث المعتقلين كثيرا من القلق لدى أهالي المعتقلين في سجون النظام السوري والمقدر عددهم بأكثر من مائتي ألف معتقل. وبحسب مصادر في المعارضة فإن عشرات الأسر السورية راحت تتصل بهم للاطلاع على كل الصور بحثا عن أبنائهم، إذ تملكهم الخوف والقلق على مصيرهم.

وكان تقرير «الغارديان»، المؤلف من 31 صفحة، أعده ثلاثة محامين بارزين بطلب من شركة محاماة كبيرة في لندن، وقالوا فيه إنهم درسوا آلاف الصور والملفات الحكومية المتعلقة بوفاة نحو 11 ألف معتقل في السجون السورية في الفترة بين مارس (آذار) 2011 وحتى أغسطس (آب) الماضي.

وقال المحامون إنهم تلقوا هذه الوثائق، التي عدوها مقنعة للغاية ومفصلة، من مصور في الشرطة العسكرية السورية انشق لاحقا وفر من البلاد، ونقل الصور معه ليسلمها إلى المجلس الوطني السوري. وأضافوا أنه يجري حاليا إطلاع الأمم المتحدة ومختلف المنظمات الحقوقية، الحكومية منها والمستقلة، على مضمون التقرير الذي نشر عشية انطلاق مؤتمر «جنيف - 2».

وكانت مهمة الشرطي المذكور، «تصوير وجوه وأجساد الأشخاص الذين يجري إحضارهم إلى المستشفى العسكري يوميا، من مراكز الاعتقال، بعد ترقيمهم من قبل الشرطة العسكرية». واعتبرت تلك الأرقام، المشفرة والمكتوبة بخط اليد، وثيقة تؤكد تنفيذ الجيش السوري النظامي لأوامر «قتل ممنهجة».

وقالت الـ«غارديان»، نقلا عن المدعين، إن هذه الصور تعرض مسؤولين سوريين إلى اتهامات بجرائم حرب، وهو ما لفت إليه الأمين العام للائتلاف الوطني، بدر جاموس، مشيرا إلى أن هذه الصور تؤكد أن هذا النظام ينبغي أن يحاكم أمام المحكمة الجنائية الدولية.

وتبين الأدلة التي قدمها المنشق والتي تسجل وفيات أشخاص كانوا قيد الاعتقال في الفترة من مارس 2011 حتى أغسطس الماضي جثثا هزيلة ملطخة بالدماء عليها آثار تعذيب، كما ظهرت بعض الجثث بلا أعين وأخرى شنقت أو صعقت بالكهرباء.

وكانت مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، نافي بيلاي، أعلنت، نهاية العام الماضي، أن هناك أدلة «تشير إلى مسؤولية» للرئيس السوري بشار الأسد في جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في سوريا». وقالت إن لجنة التحقيق حول سوريا التابعة لمجلس حقوق الإنسان «جمعت كميات هائلة من الأدلة حول جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية». وفي تقريرها الأخير الذي نشرته في سبتمبر (أيلول)، اتهمت اللجنة النظام السوري بارتكاب جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب، واتهمت كذلك، مسلحي المعارضة بارتكاب جرائم حرب. واللجنة التي لم يسمح لها بدخول سوريا تستند في عملها على أكثر من ألفي مقابلة أجرتها منذ تأسيسها مع أشخاص معنيين في سوريا وفي الدول المجاورة.

في موازاة ذلك، استمرت الاشتباكات بين تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام «داعش» وقوات النظام في عدد من المناطق السورية. إذ دارت معارك في الجهة الشمالية والجنوبية الشرقية من مدينة عدرا العمالية في محيط بلدة القاسمية، وسط قصف القوات النظامية مناطق في بلدتي البلالية والنشابية بالغوطة الشرقية في محافظة ريف دمشق، بين القوات النظامية، مدعمة بقوات الدفاع الوطني ومقاتلي حزب الله من جهة ومقاتلي «داعش» وجبهة النصرة وعدة كتائب إسلامية مقاتلة من جهة أخرى، وفق المرصد السوري لحقوق الإنسان. كما سقطت عدة قذائف هاون على مناطق في بلدة صيدنايا، في حين قصفت القوات النظامية مناطق في مخيم خان الشيح ومزارعه ومزارع العب والحجارية قرب مدينة دوما.

وفي حلب، سقط عشرات القتلى والجرحى بين المدنيين في تجدد القصف على مدينة حلب من قبل الطيران الحربي والمروحي التابع للجيش النظامي. وتركزت الغارات على الأحياء الغربية الواقعة تحت سيطرة كتائب المعارضة، مما أدى إلى مقتل أكثر من 15 شخصا، بينهم طفلان. وطال القصف الجوي أيضا كلا من أحياء الفردوس والأنصاري وكرم البيك، مما تسبب بسقوط عدد من الجرحى وحدوث دمار كبير في الأبنية السكنية.

وفي داريا، حيث أطلقت المعارضة قبل أسبوع معركة «وبشر الصابرين» بهدف تحرير الأحياء المحاصرة منذ أكثر من سنة، قال المكتب الإعلامي للمجلس المحلي إن ثوار المدينة تمكنوا من تحرير مساحات واسعة في المنطقة الشرقية المحاذية لحي كفر سوسة الدمشقي، من بينها مواقع استراتيجية عدة كان يتخذها النظام مراكز لقيادة عملياته في الغوطة الغربية بالإضافة إلى تحرير عدد كبير من الأبنية في المنطقة الجنوبية المحاذية لبلدة صحنايا، التي تعتبر من أكثر المناطق هدوءا في ريف دمشق. وأشار المكتب إلى أن المعارك أسفرت عن مقتل أكثر من 70 عنصرا وجرح 20 آخرين من قوات النظام، بينهم سبعة ضباط برتب مختلفة من الحرس الجمهوري، وبث ناشطون مقاطع «فيديو» على «يوتيوب»» تظهر مقاتلين من الثوار وهم يتجولون داخل مخازن للسلاح تحوي أسلحة مضادة للدروع كان يفتقدها الثوار في عمليات التصدي للدبابات بالإضافة لرشاشات وقناصات وأسلحة فردية وقواذف وذخائرها.