«إخوان ليبيا» يعلنون سحب وزرائهم من حكومة زيدان

حملوا تحالف جبريل مسؤولية دعمه

TT

في تطور من شأنه تعميق الأزمة السياسية في ليبيا، قرر حزب العدالة والبناء، الذي يعد الذارع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين، سحب وزرائه من الحكومة الانتقالية التي يترأسها علي زيدان.

وقال الحزب في بيان مفاجئ أصدره أمس، وتلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه، إنه «يعلن سحب وزرائه من حكومة زيدان ويحمل الطرف الداعم للحكومة المسؤولية الكاملة»، في إشارة إلى تحالف القوى الوطنية الذي يقوده الدكتور محمود جبريل.

وأضاف البيان أن «الحزب يتابع باهتمام وقلق شديدين ما وصلت إليه الأوضاع في ليبيا في ظل غياب كامل لدور الحكومة في معالجة الأحداث الحالية في الجنوب وكثير من المدن الليبية، وفشلها في إنجاز أهم استحقاقات المرحلة»، وتابع: «كل هذا يعزز ثقتنا في أن الحكومة غير قادرة على الخروج بالبلاد إلى بر الأمان». لكن وزير في الحكومة نفى لـ«الشرق الأوسط» اعتزام زيدان تقديم استقالته بسبب انسحاب وزراء حزب الإخوان المسلمين، وقال إنهم «يعتقدون أن الانسحاب سيمثل مزيدا من الضغط السياسي على زيدان والحكومة، وهذا غير صحيح».

وأضاف الوزير، الذي طلب الحفاظ على سرية هويته، في اتصال هاتفي من العاصمة الليبية طرابلس: «بهذا القرار أعلن الإخوان الطلاق مع الحكومة بعدما أخفقوا في حشد النصاب القانوني اللازم داخل المؤتمر الوطني العام (البرلمان) لحجب الثقة عن زيدان؛ ومن ثم الإطاحة به».

وتضم الحكومة، المكونة من 29 حقيبة وزارية، خمسة أعضاء من حزب (العدالة والبناء)، هم وزراء النفط والغاز عبد الباري العروسي، والاقتصاد مصطفى أبو فناس، والكهرباء علي إمحيريق، والإسكان والمرافق علي الشريف، والشباب والرياضة عبد السلام غويلة.

وليست هذه هي المرة الأولى التي يهدد فيها الحزب بالانسحاب من حكومة زيدان، حيث استقال وزيرا الكهرباء والداخلية التابعين لحزب الإخوان من الحكومة، بسبب ما عدوه تدخلا منه في عملهما، وعرقلة جهودهما.

وتواجه الحكومة انتقادات على خلفية تعاملها مع ملفات الأمن وبناء مؤسستي الجيش والشرطة وأزمة إغلاق الموانئ النفطية.

وهدد الإخوان العام الماضي بالانسحاب من الحكومة احتجاجا على سياسات زيدان في الداخل، واجتماعه في القاهرة مع كبار المسؤولين المصريين، وخصوصا الفريق أول عبد الفتاح السيسي نائب رئيس الحكومة المصرية ووزير الدفاع والقائد العام للقوات المسلحة المصري، والذي يتهمه الإخوان في مصر وليبيا بقيادة انقلاب عسكري على الشرعية، التي كان يمثلها الرئيس المعزول محمد مرسي.

من جهته وصف نزار كعوان، رئيس كتلة حزب الإخوان في المؤتمر الوطني، حكومة زيدان بـ«الفاشلة»، وقال في تصريحات بثتها وكالة أنباء شينخوا الصينية إن «الوزراء اجتهدوا في تقديم كل الجهود للمساهمة في بناء الدولة، لكن فشل رئيس الحكومة وعجزه في إدارة ملفي الأمن ودمج الثوار، يجعلنا عاجزين عن الاستمرار في حكومة فاشلة بامتياز». وتابع «أثبت زيدان تمسكه بالسلطة لغرض المنصب، وليس بغرض خدمة المواطن».

واستطرد قائلا: «صبرنا كثيرا، وحاولنا من باب المصلحة الوطنية المكافحة من أجل تقديم الأفضل للشعب الليبي، لكن يبدو أن هذا الرجل (زيدان) ليس بمقدوره قيادة مؤسسة صغيرة، فما بال قيادة دولة مثل ليبيا تحتاج لخبرة وحنكة سياسية واسعة لقيادتها والعبور بها إلى ضفة الأمان».

ويحاول الإخوان الذين يحوزون نحو 72 صوتا داخل المؤتمر الوطني تمرير مشروع قرار للتصويت على سحب الثقة من الحكومة، لكن الأعضاء فشلوا منذ نهاية العام الماضي في إدراجه في جدول أعمال المؤتمر حتى جلسة أول من أمس نظرا لصعوبة التوافق.

وتجاهل زيدان انسحاب الإخوان من حكومته، وأشاد بالجهود المبذولة من لجنة تأمين الانتخابات بوزارة الداخلية الليبية من أجل التوفيق في نجاح انتخابات الهيئة التأسيسية لمشروع صياغة الدستور الجديد للبلاد.

وعد زيدان، لدى حضوره أمس اجتماع اللجنة المركزية لتأمين انتخابات الهيئة التأسيسية لصياغة الدستور مع المندوبين الأمنيين بالمدن والمناطق الليبية، أن تأمين هذا الاستحقاق لكي يجري على أكمل وجه أمر غاية في الأهمية، لأن هذا الاستحقاق يتركز عليه مسار العملية الانتقالية ومسار عملية تأسيس الدولة الجديدة.

وقال «أتيت لأؤكد اهتمام الدولة وحرصها الشديد على أن يجرى هذا المسار وألا نتراجع مهما اعترى من موانع وبالإرادة تتحقق النتائج وترتقي الشعوب»، لافتا إلى أن مسار العملية الانتقالية يجرى في مرحلة تواجه فيها الدولة عملية إعادة بناء مؤسساتها ومحاولة تحقيق الخدمات الضرورية للمجتمع مع ترميم ما جرى من دمار خلال سنوات النظام السابق وسنوات الثورة الثلاث وكذلك محاولة استكمال الكثير من المشروعات المعطلة التي تحتاج إلى وقت.

من جهة أخرى، خرج نورى أبو سهمين رئيس المؤتمر الوطني عن صمته، وأعلن أن المؤتمر يتابع عن كثب الأوضاع في منطقة الجنوب والأحداث الأليمة التي وقعت في مدينة سبها بجنوب ليبيا. وقال أبو سهمين في جلسة عقدها المؤتمر أمس إن «مكتب الرئاسة وأعضاء المؤتمر واللجان كانوا في اجتماعات مستمرة وحتى الساعات الأولى من فجر أمس مع رئيس الأركان ومدير العمليات العسكرية ومدير الاستخبارات وعضو المؤتمر الموجود هناك في سبها».

ودعا أبو سهمين إلى الوحدة الوطنية لمواجهة مثل هذه الأحداث من أجل اتخاذ قرارات حاسمة في سبيل الوطن، مؤكدا أن ذلك يعد استحقاقا وطنيا والتزاما على الجميع في هذه المرحلة التي يجب أن يقدرها الكل ويكون فيها الهدف واحد وهو توفير الأمن والعيش الكريم للمواطن.

في غضون ذلك، قالت وكالة الأنباء المحلية، إن «الهدوء الحذر يسود مدينة الكفرة في الجنوب إثر اشتباكات مسلحة أهلية استمرت عدة ساعات استخدمت فيها الأسلحة الثقيلة والمتوسطة، وسط غياب واضح لعناصر الجيش الليبي».

ونفى علي بو رقيق رئيس لجنة المعلومات بالمجلس المحلي للكفرة سقوط قتلى أو جرحى خلال الاشتباكات التي أوضح أنها اندلعت على خلفية مقتل مواطن برصاص قناص، أثناء مروره بمنطقة وسط المدينة.

وكانت الحكومة الليبية قد نفت ما وصفته بالشائعات المتداولة حول دخول قوات أجنبية عبر الحدود الجنوبية الشرقية للبلاد، حيث أكدت في بيان لها خطأ هذه الأنباء «التي تروج لها بعض الفئات والعناصر التي تحاول بث الشائعات لغرض إثارة البلبلة والقلق بين المواطنين الأمنيين». وطمأنت الحكومة جميع المواطنين، بأن الأوضاع على الحدود عادية ولا توجد أي قوات دخلت للأراضي الليبية.