آمال السلم تعود إلى أفريقيا الوسطى مع اختيار رئيسة جديدة للبلاد

مسيحية ولا تمانع اختيار رئيس وزراء مسلم «تتوفر فيه المعايير»

الرئيسة الجديدة لأفريقيا الوسطى كاثرين سمبا بنزا (أ.ب)
TT

عكفت الرئيسة الانتقالية الجديدة لأفريقيا الوسطى كاثرين سمبا بنزا أمس غداة انتخابها على أهم أولوياتها، وهي إرساء السلم في بلاد ما زال فيها الخوف من مجازر جديدة يقض مضاجع مئات آلاف النازحين بسبب أعمال العنف. وقال بعض سكان بانغي، التي ما زالت تخضع لحظر التجول من السادسة مساء إلى السادسة صباحا وتجوبها دوريات قوات حفظ السلام الفرنسية والأفريقية إن «الليلة (قبل الماضية) كانت هادئة بشكل خاص» رغم قيام مجموعات من الشبان بأعمال نهب معزولة لمحلات تجارية.

وسواء كان في صفوف الشعب أو الطبقة السياسية، فإن انتخاب كاثرين سمبا بنزا - وهي أول امرأة تتولى الرئاسة في تاريخ أفريقيا الوسطى - قوبل بارتياح إلى جانب ندائها إلى الميليشيات المسيحية والمقاتلين المسلمين من «حركة سيليكا» من أجل إلقاء السلاح. وأكد متحدث باسم الميليشيا المسيحية ليفي ياكيتي «تكرار النداء لمقاتلينا من أجل وقف إطلاق النار، علما أنه محترم حتى الآن. كان لدينا هدف نريد تحقيقه وهو رحيل» ميشال جوتوديا، الذي قاد حركة تمرد سيليكا التي أطاحت بالرئيس فرنسوا بوزيزي في مارس (آذار) 2013، واضطر إلى الاستقالة نزولا على ضغط المجتمع الدولي لعجزه عن وضع حد للمجازر الطائفية. وأضاف ياكيتي: «الآن ننتظر حصر مقاتلينا في الثكنات من أجل استعادة سلام حقيقي».

وساد الترقب أمس بانغي، إذ إن الجميع ينتظر أولا نزع الأسلحة والسيطرة على المسلحين والناهبين. وكذلك الحال في مخيم النازحين قرب المطار الذي اكتظ منذ أسابيع بنحو مائة ألف شخص. وقالت نازحة تدعى ناتالي كوسيمو لوكالة الصحافة الفرنسية: «لن أبرح مكاني. لم يبق لي شيء، نهبوا منزلي وأنا خائفة، وطالما لم ينزع سلاح سيليكا فسأبقى هنا». وقد استمعت أول من أمس إلى أول خطاب ألقته كاثرين سمبا بنزا فعلقت بالقول ملخصة ما يقال من حولها: «كان كلامها جيدا، هذا صحيح، لكن هذه السيدة لا نعرفها حقا، ننتظر لنرى ماذا ستفعله خلال الأشهر الأولى».

وأعربت الرئيسة الجديدة التي يجب عليها تنظيم انتخابات لن تترشح إليها في فبراير (شباط) 2015 على أقصى تقدير، وتدرك خطورة الوضع في بلادها وما تعانيه من أزمة إنسانية غير مسبوقة، عن إرادتها في التحرك سريعا. وقالت كاثرين سمبا بنزا أمس لإذاعة فرنسا الدولية إنها ستعين (اليوم) الأربعاء أو (غدا) الخميس أول رئيس وزراء في ولايتها. وكانت الرئيسة الجديدة التي تنتمي إلى الطائفة المسيحية وجرى انتخباها من قبل البرلمان المؤقت أول من أمس، قالت: «لا أكن العداء لأحد، إنني أبحث عن كفاءات وأريد حكومة تكنوقراط تتمتع باستقامة أخلاقية قوية، فإذا وجدت رئيس وزراء تتوفر فيه هذه المعايير وهو مسلم فلماذا لا أعينه؟. نظرا لنشاطي كعمدة مدينة بانغي كانت لي اتصالات ببعض قياديي سيليكا (حركة التمرد السابقة التي يشكل المسلمون أغلبية عناصرها) ومناهضي بلاكا (الميليشيات المسيحية)، إنهم يثقون بي والآن وقد أصبحت رئيسة الدولة. بالتأكيد سيمكننا أن ننظر في نوعية الحوار الذي يجب أن نفتحه من أجل انفراج الأجواء السياسية والعسكرية».

وعدت سمبا بنزا التي ولدت في تشاد من أب كاميروني وأم من أفريقيا الوسطي، نفسها «نتيجة اندماج إقليمي» وقالت: «إنني أنتمي إلى ثلاثة بلدان مع أن ليس لدي سوى جنسية واحدة، إن هذا المزيج الثقافي يثريني ويجعلني بعيدة عن أي ظاهرة كره للأجانب».