انتشار أمني مكثف في بغداد جراء معلومات عن دخول عناصر من «داعش» إلى العاصمة

مقتل 700 عراقي بسبب أعمال العنف منذ بداية هذا الشهر

شرطي عراقي يقف في حالة تأهب وهو يحمل سلاحه بينما زميلاه يفتشان سيارة أجرة في نقطة تفتيش وسط بغداد أمس (أ.ب)
TT

منذ أحداث الطوبجي الأسبوع الماضي على أثر العملية التي نفذتها عناصر من تنظيم القاعدة التي هاجمت سجن الأحداث هناك، والذي يضم مجموعة من كبار أمراء «القاعدة» والعاصمة العراقية تعيش جوا أمنيا ملتهبا. ومما زاد من سخونة هذا الجو، رغم أجواء الشتاء الباردة الممطرة هذا الموسم، التصريحات التي أدلى بها الوكيل الأقدم لوزارة الداخلية عدنان الأسدي في مؤتمر الأسبوع الماضي والذي كشف فيها عن أن بحوزة الأجهزة الأمنية معلومات تفيد بوجود أسلحة في الفلوجة تكفي لاحتلال بغداد وإسقاطها. ورغم أن لجنة الأمن والدفاع البرلمانية وعلى لسان العضو فيها والقيادي في التيار الصدري حاكم الزاملي انتقد بشدة مثل هذه التصريحات لأنها تولد إحباطا لدى منتسبي الأجهزة الأمنية ومخاوف لدى الشعب العراقي، فإن تكثيف الإجراءات الأمنية في نواح مختلفة من العاصمة وتوسيع نطاق الأحياء السكنية التي لم يعد ممكنا الدخول إليها من دون وجود بطاقة سكن يؤكد أن هناك مخاوف إما من استهدافات مماثلة لعملية اقتحام السجون، وإما أن هناك محاولات من قبل المجاميع المسلحة للتجمع في مناطق متاخمة للعاصمة من جهتها الغربية للهجوم على العاصمة بهدف تخفيف الضغط على ما يجري في الرمادي والفلوجة.

وطبقا لما أعلنه مصدر أمني ولم تؤكده أو تنفه الجهات الرسمية في وزارتي الدفاع أو الداخلية العراقية، فإن القوات الأمنية وبالذات قوات «سوات» اتخذت إجراءات أمنية مشددة في بعض مناطق العاصمة بغداد بعد ورود معلومات استخبارية تفيد بتسلل عناصر من تنظيم «داعش» بحجة أنهم نازحون من محافظة الأنبار. وقال المصدر الذي فضل عدم نشر اسمه لـ«الشرق الأوسط»، إن تلك العناصر انتشرت في مناطق الدورة، جنوب بغداد، والعامرية والغزالية والعدل وحي الجامعة، غرب بغداد. وفي هذا السياق، فقد اتخذت الأجهزة الأمنية إجراءات مشددة عند نقاط التفتيش والسيطرات، فضلا عن نصب نقاط تفتيش متنقلة في الكثير من المناطق.

وأدت موجة العنف المتواصلة في البلاد إلى مقتل أكثر من 700 شخص في اشتباكات وهجمات منذ بداية الشهر الحالي في عموم العراق، وفقا لحصيلة أعدتها وكالة الصحافة الفرنسية استنادا إلى مصادر رسمية. وتتزامن أعمال العنف مع اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية التي من المقرر أن تجري في الثلاثين من أبريل (نيسان) المقبل.

من جهة أخرى، أدى قصف مدفعي إلى مقتل أربعة أشخاص في مدينة الفلوجة في محافظة الأنبار غرب بغداد، حيث تواصل قوات عراقية تنفيذ عمليات ضد مسلحين. وتواصل قوات عراقية منذ أكثر من ثلاثة أسابيع تنفيذ عمليات ضد مقاتلي «الدولة الإسلامية في العراق والشام» (داعش) ومسلحين آخرين مناهضين للحكومة يسيطرون على بعض مناطق محافظة الأنبار، وفقا لمصادر أمنية ومحلية.

واتخذ رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي إجراءات مشددة مع اقتراب موعد الانتخابات المقرر إجراؤها نهاية أبريل المقبل.

وأعلن بيان لوزارة الدفاع تنفيذ ضربات جوية الثلاثاء الماضي في محافظة الأنبار أسفرت عن مقتل أكثر من 50 «إرهابيا» بينهم من جنسيات عربية وتدمير أكداس من الأعتدة.

وما زالت القوات العراقية تطارد مسلحين من تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» وآخرين مناهضين للحكومة، يسيطرون على مدينة الفلوجة (60 كلم غرب بغداد) وبعض أحياء مدينة الرمادي، كبرى مدن محافظة الأنبار (100 كلم غرب بغداد)، وفقا لمصادر أمنية ومحلية.

وقال شهود عيان إن مناطق الشهداء وجبيل والنزال جميعها جنوب الفلوجة، تعرضت مساء أول من أمس إلى قصف مدفعي.

وأكد الطبيب أحمد شامي في مستشفى الفلوجة «مقتل أربعة أشخاص وإصابة 18 بينهم امرأة وثلاثة أطفال جراء القصف الذي وقع ليلة أول من أمس».

ويفرض مسلحون من تنظيم «داعش» سيطرتهم على الفلوجة والمداخل الرئيسة للمدينة، وفقا لمصادر أمنية وشهود عيان، بينما ينتشر مسلحون مناهضون للحكومة من أبناء العشائر حول المدينة، وفقا للمصادر. وما زالت قوات الجيش تنتشر على أطراف الفلوجة بهدف طرد «داعش» وملاحقة المسلحين والسيطرة على المدينة، وفقا لمصادر أمنية. كما تعرضت مدينة الرمادي لسقوط سبع قذائف هاون في ساعة متأخرة من ليلة أول من أمس دون وقوع ضحايا، كما قال ضابط برتبة نقيب في الشرطة.

وأكد مقدم في شرطة الرمادي لوكالة الصحافة الفرنسية، أمس «استمرار القوات العراقية بتنفيذ عملياتها في مدينة الرمادي لطرد تنظيم داعش من المدينة». واجتمعت أمس خلية الأزمة التي جرى تشكيلها أخيرا هناك برئاسة وزير الدفاع سعدون الدليمي. وقال مصدر أمني في قيادة شرطة الأنبار إن «خلية أزمة الأنبار تجتمع حاليا وسط مدينة الرمادي لمناقشة تداعيات الوضع الخطير الذي تشهده المحافظة. وأضاف المصدر، أن «وزير الدفاع وكالة سعدون الدليمي يجري اتصالات مكثفة مع القادة الآمنين من أجل الاطلاع على الأوضاع ومكان معاقل التنظيمات المسلحة في عموم مدن المحافظة»، مبينا أن «الدليمي استمع إلى شرح مفصل من القادة الآمنين على ما يجري في مدن الأنبار». من جهتها، أكدت لجنة الأمن والدفاع البرلمانية، أن مواجهة الإرهاب تتطلب بلا شك مواقف موحدة من قبل الجميع شريطة أن تكون المعلومات التي تثار هنا أو هناك دقيقة. وقال عضو البرلمان العراقي عن العراقية وعضو اللجنة مظهر الجنابي في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إن «كثرة المعلومات وتضاربها بشكل يكاد يكون شديد التناقض أحيانا تربك الأجهزة الأمنية وتتعبها من دون طائل وتفقد المواطن ثقته بهذه الأجهزة»، مشيرا إلى أن «التشدد في الغالب لا يبنى على معلومة صحيحة، وهو ما يؤدي إلى التراخي فيما بعد في حين تحصل الخروقات الأمنية من تفجيرات أو هجمات على السجون والمعتقلات أو غيرها في أوقات بات يتحكم فيها الإرهابيون». وأوضح الجنابي، أن «خلط الأوراق بحجة أن القادمين من الأنبار يمكن أن يكون بينهم عناصر من (داعش) أمر يجب الانتباه إليه لأن النازحين معروفون ويحتاجون إلى رعاية بدلا من التشكيك بهم من دون حيثيات وهو ما يعني أن الأجهزة الاستخبارية لا تملك في النهاية المعلومة الصحيحة التي تستطيع بموجبها التعامل مع الخطر بوصفه يقترب من درجة المصداقية بشكل كبير».