«داعش» سيطرت على منبج بشمال سوريا.. وقتلى معاركها ناهزوا الـ1400

زعيم «القاعدة» دعا الجهاديين للتوحد و«إيقاف الفتنة»

سوريون يعاينون الدمار الذي لحق بمبان قال ناشطون انه نتيجة غارة لقوات النظام أمس (رويترز)
TT

أعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان، أمس، توثيقه مقتل 1400 شخص خلال 20 يوما من المعارك العنيفة التي تدور في شمال سوريا بين عناصر من تشكيلات المعارضة، وآخرين ينتمون إلى تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» المعروفة اختصارا بـ«داعش» التي سيطرت أمس على مدينة منبج شمال شرقي مدينة حلب، في حين دعا زعيم تنظيم «القاعدة» أيمن الظواهري إلى وقف القتال بين من وصفهم «إخوة الجهاد والإسلام» في سوريا. وفي حين يتواصل القتال بين القوات الحكومية وكتائب المعارضة على محاور حلب وريف دمشق ودرعا ودير الزور، بثّت وكالة «أناضول» الرسمية التركية صورا جديدة، زعمت أنها «أدلة جديدة على جرائم الحرب في سوريا». وتظهر الصور القاسية جدا، آثار تعذيب على أجساد الضحايا، بينما يظهر آخرون بأجساد هزيلة. وتأتي هذه الصور بعد يومين من نشر 55 ألف صورة مماثلة، ونفت دمشق مسؤوليتها عنها، واصفة التقرير عن ارتكاب عمليات قتل وتعذيب على نطاق واسع وبثته محطة «سي إن إن» بأنه «مسيّس ويفتقر إلى الموضوعية والمهنية».

في هذه الأثناء، أعرب «الائتلاف الوطني لقوى المعارضة والثورة السورية» عن قناعته بأن «استمرار النظام بحملات القتل والقصف والإجرام بالتوازي مع التمسك بالسلطة، ورفض الرضوخ لمطالب الشعب السوري في الرحيل وتسليم السلطات لهيئة انتقالية كاملة الصلاحيات؛ يؤكد إصراره على إفشال جميع مبادرات الحل السياسي»، مشيرا، في بيان، إلى أن القوات الحكومية واصلت قصف المدن والبلدات والقرى من دون اكتراث بالمؤتمر المنعقد في سويسرا، بدليل مقتل 33 شخصا بينهم 6 أطفال و11 امرأة، بالتزامن مع افتتاح أعمال مؤتمر «جنيف2».

بالنسبة للوضع القتالي، في مختلف المناطق السورية، تواصل قصف القوات النظامية عشية التفاوض في جنيف، حيث دارت اشتباكات عنيفة بين القوات النظامية ومقاتلي الكتائب المقاتلة على أطراف أحياء مدينة حمص القديمة. ترافق مع قصف القوات النظامية، وامتدت الاشتباكات، بين القوات النظامية مدعمة بقوات «الدفاع الوطني» (غير الحكومية) ومقاتلي حزب الله اللبناني من جهة ومقاتلي الكتائب المقاتلة من جهة أخرى، إلى تلال العبودية والحنش ومثلث النعيمات في ريف مدينة القصير.

وفي العاصمة السورية دمشق، تجدد القصف بقذائف الهاون وأفاد ناشطون بسقوط خمس قذائف هاون وسط المدينة معظمها في حي أبو رمانة، ما أسفر عن وقوع عددٍ من الإصابات بين المدنيين، كما أصيب مدنيون بسقوط قذيفة بحي القابون. وتعرّض حي القدَم، إلى الجنوب من دمشق، لقصفٍ مدفعي تركز على المجمّع الصناعي.

غير أن المعارك في شمال سوريا شهدت تطورات ميدانية لافتة، مع تواصل الاشتباكات بين كتائب المعارضة وتنظيم «داعش»، فقد أعلن المرصد السوري مقتل 1400 شخص خلال 20 يوما من القتال في محافظات حلب والرقة وإدلب ودير الزور وحماه وحمص، موضحا أن «760 مقاتلا من كتائب إسلامية والكتائب المقاتلة لقوا حتفهم» خلال الاشتباكات واستهدافات بسيارات مفخخة، بينهم 113 مقاتلا «أعدمتهم الدولة الإسلامية» في مناطق مختلفة، بينما قضى 426 مقاتلا من «داعش» المرتبطة بـ«القاعدة»، بينهم 56 عنصرا على الأقل «جرى إعدامهم بعد أسرهم من قبل كتائب مقاتلة ومسلحين» في ريف إدلب.

وكانت المعارك بين الطرفين اللذين كانا يقاتلان في خندق واحد ضد نظام الرئيس بشار الأسد، بدأت في الثالث من يناير (كانون الثاني). ويتهم مقاتلو الكتائب الإسلامية «داعش» بعمليات خطف وقتل واعتقالات عشوائية والتشدد في تطبيق الشريعة الإسلامية واستهداف المقاتلين والناشطين الإعلاميين. وتقاتل «داعش»، من جانبها، تنظيمات إسلامية وعلمانية تابعة للجيش السوري الحر، أبرزها «الجبهة الإسلامية» و«جبهة ثوار سوريا» و«جيش المجاهدين». ولقد تصاعدت وتيرة القتال أمس في ريف حلب، وأسفرت المعارك بين الطرفين عن سيطرة «داعش»، بشكل كامل، على مدينة منبج (70 كيلومترا شمال حلب).

وفي محاولة لتذليل الخلافات بين الطرفين، دعا زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري في رسالة صوتية نشرت على الإنترنت، أمس، إلى وقف القتال بين «إخوة الجهاد والإسلام» في سوريا. ووجه في الرسالة نداء إلى «كل المجموعات الجهادية... وكل حر في الشام يسعى لإسقاط حكم الأسد»، وقال: «ندعوهم جميعا لأن يسعوا إلى إيقاف القتال بين إخوة الجهاد والإسلام فورا».

ووجه الظواهري في رسالته، التي تزامنت مع انطلاق «مؤتمر جنيف2»، نداء إلى «كل المجموعات الجهادية... وكل حر في الشام يسعى لإسقاط حكم الأسد»، وقال: «ندعوهم جميعا لأن يسعوا إلى إيقاف القتال بين إخوة الجهاد والإسلام فورا». ودعا الظواهري هذه الفصائل إلى «إيقاف هذه الفتنة» معتبرا أن «أخوة الإسلام التي بيننا هي أقوى من كل الروابط التنظيمية الزائلة والمتحولة»، مشددا «وحدة صفكم فوق الانتماء التنظيمي والعصبية الحزبية». وأكد الظواهري «أننا نعتبر التنظيمات الجهادية إخواننا الذين لا نقبل أن يوصفوا بالردة والكفر».

ويقول المرصد السوري لحقوق الإنسان بأن القتال الذي بدأ من مطلع يناير أودى بحياة أكثر من ألف شخص. وساعدت الانقسامات في صفوف مقاتلي المعارضة قوات الرئيس بشار الأسد في استعادة أراض حول مدينة حلب عاصمة الشمال السوري.

وتتراوح جماعات المعارضة التي تقاتل «داعش» بين جماعات علمانية ومعتدلة وأخرى إسلامية منها «جبهة النصرة» المرتبطة بـ«القاعدة»، ودارت بينها أسوأ أعمال العنف التي جرت في صفوف مقاتلي المعارضة منذ بدء الصراع السوري في مارس (آذار) 2011. وفي أبريل (نيسان) الماضي، حاول أبو بكر البغدادي زعيم «داعش» دمج التنظيم مع «جبهة النصرة» متحديا أوامر الظواهري ما سبب خلافا. وشاركت «جبهة النصرة»، التي سبق أن اعتبرها الظواهري ممثل تنظيم «القاعدة» في سوريا، إلى جانب مقاتلي المعارضة المؤلفين من «الجبهة الإسلامية» و«جيش المجاهدين» و«جبهة ثوار سوريا» في بعض هذه المعارك ضد تنظيم «داعش»، في حين تبقى على الحياد في مناطق أخرى. ورفضت الجبهة في أبريل الماضي إعلان أبو بكر البغدادي، زعيم الفرع العراقي لتنظيم «القاعدة»، دمج «دولة العراق الإسلامية» والجبهة تحت مسمى «الدولة الإسلامية في العراق والشام».