د. أوليفيي دو فراهان: أرفض إجراء عملية تجميل غير ضرورية

طبيب النجوم وأخصائي في عمليات الجفون وشد الوجه

الفنان أمام أحد أعماله
TT

البعض يرى أن معالم الشيخوخة هي أمر بديهي لا بد منه، فهناك من يفتخر بالخطوط التي رسمها الزمن على وجهه فيعيش معها بسلام فيألفها لتصبح جزءا منه في حاضره ومستقبله، في حين لا تتأقلم فئة أخرى من الناس مع الطبيعة الإنسانية وخريف العمر، فتكون النتيجة اللجوء إلى أطباء التجميل والخضوع لعمليات جراحية وغير جراحية، ولكن المشكلة الحقيقية تكمن في اختيار الجراح المناسب في الوقت المناسب.

عن عمليات التجميل وعن أساليب شد الوجه والتخلص من الجيوب تحت العين وشد الجفون وعمليات شفط الدهون من الجسم يحدثنا الطبيب أوليفيي هنري دو فراهان، المصنف على رأس قائمة أفضل 10 أطباء عالميين، في عيادته في شارع «ويلبراهام بلايس» القريبة من شارع سلوان ستريت الشهير في قلب لندن.

عند وصولنا إلى عيادته في لندن، كان هناك طابور من النساء والرجال بانتظار رؤيته، فوقته ثمين خاصة أنه يأتي إلى عيادته اللندنية لأيام معدودة فقط ليعود بعدها إلى باريس، فبعد الانتظار لأكثر من نصف ساعة، ظهر الدكتور أوليفيي دو فراهان، بقامته الطويلة والنحيلة ووجهه الضعيف. بعد إلقاء التحية على المرضى الجالسين في قاعة الانتظار، استقبلنا بحذر، معللا ذلك لاحقا بسبب بخله في إجراء المقابلات الصحافية، ولأنه يعتقد أن الطبيب الجيد هو من يظهر بشكل ضئيل في وسائل الإعلام، لأن الطبيب الناجح يجب أن ينصب على العمل، وبالتالي يكون وقته ضيقا جدا.

في مستهل الحديث تكلمنا عن اللقب اللطيف الذي يلتصق باسمه وهو «ذا نو نو دكتور» أو طبيب الـ«لا» فابتسم وقال: «أنا صريح جدا وأقول (لا) للمرضى الذين لا يحتاجون لأي عملية جراحية».

وبلكنة فرنسية واضحة، قال في بعض الأحيان أقول لسيدة ليست بحاجة لعملية جراحية: «غيري الضوء في منزلك وإذا كان السبب وراء شعورها بأنها بحاجة إلى عملية بسبب الأشخاص المحيطين بها أقول لها (غيريهم هم أيضا) أما إذا كان الرجل في حياتها هو من يرى أنها بحاجة لعملية تجميل».. توقف لحظة، فاستدركت الأمر وقلت له: «تقول لها تخلصي منه؟» فأجاب بضحكة كبيرة: «لا تعليق».

وعندما قلنا له بأن الطب مهنة، يجني منها الطبيب الربح المادي والمال، فكيف يمكنه أن يرفض إجراء عملية، فكان جوابه صريحا جدا: «عائلتي غنية بالأصل».

وبالحقيقة جوابه مطمئن، فبعض أطباء التجميل يعملون هذه الأيام بهدف المال وليس الرسالة الطبية والضمير، وتابع الدكتور دو فراهان بالقول: عندما أرى أن حالة المريض أو المريضة تحتم إجراء عميلة جراحية مهما كان نوعها، أقوم بها من دون تردد، ولكن عندما أرى أنه لا حاجة لذلك أعتذر وأنصح الشخص بالذهاب إلى طبيب آخر يقبل بإجراء العملية، والسبب هو أنه عندما تكون هناك حاجة فعلية لإجراء عملية تكون النتيجة أفضل، فيجب أن يكون الوقت مناسبا، فيجب عدم إجراء عملية لجفون العين على سبيل المثال في وقت مبكر ولا في وقت متأخر، فأنا أقرر إجراء العملية عندما أكون واثقا أن هناك نسبة 99 في المائة تحتم علي ذلك، وإلا فلا.

وتكلم أيضا عن دوره في اختيار ما يتناسب مع الوجه، وأعطى مثالا عن عمليات نفخ الشفاه، قائلا إنه لا يحب أن يفرض رأيه ولكنه يسمح لنفسه باختيار ما يتلاءم مع الوجه، الكمية (كمية المنتج المستخدم) والأسلوب هما مفتاح نجاح أي عملية تجميلية.

وعن أنواع المرضى، ضحك دكتور دو فراهان قائلا: «السؤال معقد، لأن هناك فعلا عدة أنواع من المرضى، فهناك أشخاص من المشاهير، وأشخاص فعالون وناجحون في المجتمع، يدركون ما يريدونه وهناك أيضا أناس يرفضون الشيخوخة، فمرضاي هم من أرجاء مختلفة من العالم، 80 في المائة منهم من الأجانب وبالأخص من نيويورك وروسيا وفرنسا وبريطانيا وتركيا ومنطقة الشرق الأوسط».

وتكلم الدكتور دو فراهان عن المشكلة التي يواجهها في غالبية الأحيان مع أهالي منطقتنا العربية وهي الإفراط في حقن الوجه بشكل عشوائي بحشوات دائمة Fillers لا تذوب تماما مع الوقت، وهناك نسبة كبيرة منهم يقومون بهذا النوع من العقاقير والحقن الذي يعرف باسم Soft technique في الشرق الأوسط، وغالبا ما تكون المشكلة في المواد المستعملة، كما أن الحقن بمادة «الفيلير» يختلف من طبيب إلى آخر، وهناك نسبة كبيرة من الشرق أوسطيين الذين يقصدونني بهدف الحصول على مظهر أصغر سنا أو لتصليح أخطاء أو التخلص من مواد محقونة في الوجه، وهذا الأمر أصعب لأنه يتوجب علي العمل على إعادة الشكل إلى ما كان عليه في السابق وتحسينه في نفس الوقت.

ويرفض دو فراهان المظهر «المتجمد» أو Frozen Look الذي يمحو تعابير الوجه بالكامل ويجعل الوجه يبدو وكأنه تمثال من الشمع، وهو يشتهر كونه أفضل من يتوصل إلى نتيجة طبيعية، ويقول هنا: أنا أؤمن بالجمال الطبيعي، الأمر فيه نوع من التناقض، لأنني أقوم بإجراء عمليات تجميل، ولكن فلسفتي هي، إجراء عملية جراحية أو غير جراحية بطريقة تحافظ على ملامح الوجه الأصلية، كما أنه من المهم جدا إجراء عملية مختلفة تتناسب مع كل مريض على حدة Sur Mesure أو على القياس، فلا يجوز تطبيق نفس الأسلوب على جميع المرضى، الوجوه تختلف من حيث الشكل ومن حيث مستوى الدهن فيها.

وعند سؤاله عن السن المثلى لإجراء عميلة الجيوب تحت العين، قال دو فراهان، بأنه لا توجد سن معينة لإجراء مثل هذه العملية، لأن العامل الوراثي يلعب دورا كبيرا هنا، فمن الممكن أن نجد شخصا في العشرين من العمر يعاني من الجيوب تحت العين، لذا يمكن القيام بعملية جراحية في أي سن كانت، فقط إذا دعت الحاجة إلى ذلك، وهناك عدة مشكلات غير «الجيوب» Bags تستدعي تدخل الجراحة مثل «الجلد الزائد» Excess of Skin حول العين، أو «تدلي الجفن» Droopy Eyelid عند زاوية العين.

والحل ليس دائما إجراء عملية جراحية، فلكل حالة حل، ويمكن معالجة بعض المشكلات المتعلقة بمظهر العين عن طريق «البوتوكس» Botox، الذي لا أرى فيه أي مضاعفات سلبية في حال تم استعماله بكميات مناسبة وتم الابتعاد عن الإفراط بحقنه، ويرى دو فراهان أنه من الأفضل حقن الوجه بمادة «البوتوكس» مرتين في العام فقط.

وعما إذا كان يفضل التعامل مع الوجوه الجميلة بالأصل، يقول دو فراهان، إنه من البديهي بأن تجميل ما هو جميل هو أفضل لأن النتيجة تكون أكثر من رائعة، فإذا كان العمل على وجه أقل جمالا، وتابع: «عندما أجري عملية على وجه جميل أشعر بالتحدي، لأنه علي أن أحافظ على ملامح الجمال الموجودة أصلا مع تحسينها من دون تغييرها».

المعروف عن النجوم أنهم ينكرون أنهم قاموا بعمليات تجميل، وهنا يقول دو فراهان بأنه يمتعض من هذا الأسلوب، وفي بعض الأحيان عندما يشاهد نجمة خضعت لعملية لديه تتكلم على التلفزيون وتنكر أنها خضعت لأي عملية تجميل، يشعر بأنه سوف يكسر الشاشة، ولكن في الوقت نفسه يشعر بالفخر، لأنه استطاع تحسين المظهر من دون تغييره، فتبدو النجمة نضرة، ويتابع: «كنت في الماضي أنزعج جدا عندما ألتقي إحدى النجمات في مناسبة عامة وتتظاهر بأنها لا تعرفني، ولكن اليوم أشعر بأن هذا النكران هو مديح لعملي الذي يهدف إلى الحصول على شكل طبيعي».

جراحة التجميل ليست كمهنة الخياطة، فيقول دو فراهان إن الخياط يفصل فساتين كثيرة من قطعة قماش واحدة على عكس جراح التجميل الذي يجب أن يبتكر تصميما مختلفا في كل مرة يقوم فيها بعملية، الوجه يختلف، الثقافة تختلف، وهذا ما يجعل عملي جميلا ولا أمل منه، لأنني أتوق إلى رؤية النتيجة في كل مرة أقوم بها بعملية.

هناك نسبة 20 في المائة من المرضى من الرجال، ويقول دو فراهان إنها نسبة لا بأس بها بالمقارنة في السابق، أما عن العمليات التي يقوم بها الرجال فهي شد الوجه وشد منطقة العين وشفط الدهون بالطريقة التقليدية وعن طريق الليزر.

شفط الدهون هو من الاختصاصات التي يقوم بها دو فراهان، بعد شد الوجه والجفون، ويقول إن الطريقة التقليدية هي الأفضل، لأن المهارة والأسلوب أهم من التكنولوجيا، وقال إنه يمضي ساعات أثناء إجراء العملية لأن هذا يساعد على نتيجة أفضل من حيث المظهر ويقلل من الأوجاع التي ترافق المريض بعد العملية.

ويقول إن هناك مفهوما خاطئا لمبدأ شفط الدهون، البعض يظن أن عملية شفط الدهون تساعد على خسارة 20 كيلوغراما، وهنا أشدد بأن شفط الدهون ليس لخسارة الوزن، فخسارة الوزن تأتي بواسطة التمرينات الرياضية ونظام غذائي صحي، كما أنه من المهم جدا أن يستمع المريض لنصائح الطبيب قبل إجراء العميلة، لذا يجب المحافظة على وزن صحي بعد إجراء عملية الشفط.

وعن تحديد الجمال، يقول دو فراهان إن الأمر معقد وليست هناك قاعدة للجمال، فالجمال يرافقه الشخصية المحببة والإحساس والذوق الخاص.

المحافظة على الجمال مهم، ولكن ليس ما هو الأهم أن نبدو أصغر بعشرين عاما، فهناك بعض النجمات اللاتي لا يمكن التعرف عليهن إلا من خلال أسمائهن، يبدون أصغر سنا ولكنهن لا يشبهن أنفسهن عندما كن صغيرات، فعندما يختلف الشكل هذا يعني أن العملية فاشلة.

وعما إذا كان ينظر إلى المرأة بعين الطبيب أو عين الرجل، يقول دو فراهان إنه ينظر إلى المرأة بعين الرجل ولكنه مثله مثل أي شخص آخر ينظر إلى امرأة جميلة في الطريق ويقول في سر نفسه، ليتها تقوم بعملية للجيوب تحت عينيها فقد تبدو أفضل، كما أنه لا ينزعج عندما تقوم السيدات بسؤاله عن عمله وعما إذا كن بحاجة إلى عملية تجميلية، عندما يوجد في حفلات خاصة، ولكنه شدد على أنه، يرفض إجراء عميلة تجميلية على شريكة حياته، وقال هنا: «هذا أسلوبي الخاص، فهناك بعض الجراحين الذين يفتخرون بالقيام بعمليات تجميلية على شريكات حياتهم».

وعن العمليات غير الجراحية، مثل شد الوجه عن طريق الحرارة، يقول دو فراهان إنه لا يمارس مثل هذه العمليات، ويعتقد أنه لا يزال من المبكر القيام بها، فهي بحاجة إلى سنتين كأقل تقدير لمعرفة الآثار الجانبية التي تليها، وعلل ذلك بأنه في النهاية، لا يمكن التحكم بشد الوجه إلا عن طريق قص الجلد والعمل على ترميم العضل وتوزيع الدهون بطريقة متساوية.

وفي نهاية الحديث نصح دو فراهان بحشوات الـ Hyaluronic Acid عوضا عن المواد التي لا رجعة فيها، وقال إنه يقوم بحقن الوجه بهذه المادة فقط، ويكتفي بنفخ الشفاه ولا يقوم بنفخ الخدود بهذه المادة بتاتا. ونصح أيضا بمقابلة الطبيب قبل الموافقة على إجراء العملية، فمن الضروري أن يشعر المريض بالارتياح للجراح، وأفضل طريقة لإيجاد طبيب متمرس، الاستعانة بالأصدقاء والمعارف الذين لديهم تجارب ناجحة مع جراحين معينين ويجب التحقق من شهادة الطبيب وطلب رؤية صور لمرضى آخرين قبل وبعد العملية.

* الدكتور دو فراهان يملك عيادتين الأولى في باريس والثانية في لندن، ويقسم وقته ما بين المدينتين الجارتين، هو من عائلة أرستقراطية بلجيكية الأصل، ولد وعاش في فرنسا، متخصص في جراحة ترميم وتجميل الوجه، يشتهر بكونه طبيب النجوم والمشاهير، وفلسفته الطبية هي الحصول على نتيجة طبيعية بعيدا عن مظهر الوجه المبالغ فيه الخالي من التعابير، يعتمد في أسلوبه على الجراحة التقليدية ويعتقد أن الأسلوب والمهارة أهم من أي معدات وتكنولوجيا، ويشدد على المظهر الطبيعي وهذا ما يجعله أشهر جراح تجميل في العالم، صاحب سر التوصل إلى نتيجة طبيعية في كل مرة يجري بها عملية تجميل جراحية وغير جراحية، يؤمن بالتحسين ويرفض التغيير في الشكل ويعتقد أن الطب يتناقض مع المعجزات ولا وجود لطبيب على وجه المعمورة باستطاعته تحقيق المعجزات، إنما من الممكن إعادة عقارب الساعة إلى الوراء بطريقة طبيعية بعيدا عن المظهر المتجمد الخالي من التعابير.