القوى الدولية تبحث في ميونيخ اليوم دعم جهود كيري في اتفاق السلام

إنديك أبلغ زعماء اليهود بأن اتفاق الإطار يتضمن تعويضا للعائلات اليهودية التي غادرت بلدانا عربية وبقاء ثلثي مستوطني الضفة

الرئيس الألماني يواخيم غاوك خلال كلمة افتتاح الدورة الـ50 لـ«مؤتمر ميونيخ للأمن» أمس (أ.ب)
TT

قال الاتحاد الأوروبي أمس إن كبار المسؤولين من الأمم المتحدة والولايات المتحدة وروسيا والاتحاد الأوروبي سيجتمعون اليوم في ميونيخ لمناقشة كيفية مساعدة جهود وزير الخارجية الأميركي جون كيري للتوصل إلى اتفاق سلام في الشرق الأوسط. جاء ذلك بينما تكشفت بعض التفاصيل عن اتفاق الإطار الذي تسعى واشنطن لوضعه خلال أسابيع بين الفلسطينيين والإسرائيليين كأساس لاتفاق نهائي، وبين التفاصيل بقاء نحو ثلثي المستوطنين الإسرائيليين في الضفة الغربية، وتقديم تعويضات مالية لليهود الذين أجبروا على مغادرة البلاد العربية التي كانوا يعيشون فيها بعد حرب عام 1948.

وسيعقد اجتماع اللجنة الرباعية الدولية للوساطة في محادثات السلام الإسرائيلية الفلسطينية في ميونيخ على هامش المؤتمر الأمني السنوي هناك. وقالت مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي كاثرين أشتون إنها سترأس الاجتماع مع كيري والأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، ووزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، ومبعوث اللجنة الرباعية رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير.

وقالت أشتون في بيان «يأتي الاجتماع في لحظة تحتاج لاتخاذ قرارات صعبة وجريئة. ثمار السلام للإسرائيليين والفلسطينيين هائلة». وأضافت «نأمل أن نتمكن معا من المساعدة لتصبح تلك القرارات واقعا لمواصلة العمل من أجل التوصل إلى اتفاق سلام عن طريق التفاوض ووضع حد للصراع وتحقيق التطلعات المشروعة للجانبين».

ويسعى كيري منذ ستة أشهر لدفع الفلسطينيين والإسرائيليين للتوصل إلى اتفاق سلام صعب المنال لإنهاء الصراع القائم منذ عقود. ولا تزال مجموعة من الدبلوماسيين يحدوها الأمل في أن يتحدى كيري المتشائمين ويتوصل إلى اتفاق إطار للسلام في الأسابيع المقبلة للسماح بإجراء محادثات مفصلة تستمر إلى ما بعد الموعد النهائي الأصلي المحدد بتسعة أشهر والذي ينتهي في 29 أبريل (نيسان).

لكن في ظل اختلاف الجانبين بشأن العديد من القضايا الجوهرية بما في ذلك الحدود والأمن وحق عودة اللاجئين الفلسطينيين ووضع القدس في المستقبل، يعتقد كثير من الفلسطينيين والإسرائيليين أن المحادثات تسير على غير هدى.

في غضون ذلك، نسب إلى مسؤول بارز في وزارة الخارجية الأميركية، في مؤتمر هاتفي مع الزعماء اليهود يوم الخميس الماضي، قوله إن إدارة الرئيس باراك أوباما تأمل في إكمال «اتفاق الإطار»، في إطار سعيها لدفع عملية مباحثات السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين في غضون أسابيع قليلة، بحيث يجري إرساء الشروط والبنود للمفاوضات النهائية.

ووفقا لما ذكره أحد المشاركين في المؤتمر، فمن بين الأمور الأخرى التي تخضع للدراسة مناقشة مخطط لتعويض العائلات اليهودية التي أُجبرت على ترك البلاد العربية بعد تأسيس دولة إسرائيل في عام 1948. ومن الممكن أن يؤدي هذا الأمر إلى تحفيز الإسرائيليين بشكل كبير لدعم وجود دولة فلسطينية جديدة.

ونسب إلى مارتن إنديك، المبعوث الخاص بشأن المفاوضات الإسرائيلية - الفلسطينية، قوله للزعماء اليهود إنه في حال قبول الطرفين لاتفاق الإطار فمن الممكن تمديد مباحثات السلام لمدة تزيد عن الإطار الزمني البالغ تسعة أشهر والذي حدده وزير الخارجية جون كيري في الصيف الماضي. وأضاف أن الهدف الجديد سيكون توقيع اتفاق بحلول نهاية عام 2014.

ورفض إنديك التعقيب لـ«نيويورك تايمز» على المؤتمر الهاتفي الذي قالت عنه المتحدثة باسم وزارة الخارجية جين بساكي إنه مناقشاته كانت مغلقة وغير رسمية للجماعات اليهودية. وأوضحت بساكي «مع الوضع في الاعتبار استمرار هذه العملية وهذه القرارات التي لم تُتخذ بعد، لن يتنبأ لإنديك بشأن المحتوى النهائي لاتفاق الإطار».

وحذر مسؤولو وزارة الخارجية من إمكانية استغراق هذا العملية لفترة أطول قد تصل لأسابيع قليلة، وقالوا إن قضية كيفية معاملة عائلات اللاجئين اليهود لم يجر تقريرها بعد.

ومع ذلك، يشير هذا المؤتمر الهاتفي إلى أن إدارة أوباما تمهد الطريق عن طريق أنصاره المؤثرين (اللوبي اليهودي في أميركا) قبل تقديم الوثيقة بصورة رسمية. وبوصفه وزيرا للخارجية، زار كيري المنطقة 10 زيارات لبقاء استمرار المفاوضات. ولم يضع كيري إسرائيل على قائمة رحلاته بسبب رحلته الأخيرة إلى مؤتمر أمني في ميونيخ.

وكانت المرة الأولى التي أثارت فيها الولايات المتحدة فكرة اتفاق إطار للمفاوضات في الخريف الماضي، كطريقة لتضييق هوة الخلافات بين الإسرائيليين والفلسطينيين وإقناعهم بالتحرك للتوصل إلى اتفاق نهائي. ومن جانبهم، وصف النقاد هذه الجهود بأنها محاولة لكسب الوقت. وفي حين أن المسؤولين الأميركيين لم يفصحوا سوى عن القليل بشأن اتفاق الإطار، فإن هناك جدلا كبيرا بشأن نقاط الاتفاق في إسرائيل، حيث من الممكن أن تؤثر على قدرة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو على الحفاظ على تماسك ائتلاف حكومته. ودخل نتنياهو في صدام عنيف هذا الأسبوع مع نفتالي بينيت، أحد أعضاء التيار اليميني، بسبب بعض الاقتراحات الصادرة عن مكتب رئيس الوزراء بشأن احتمالية أن يخضع اليهود الذين يعيشون في المستوطنات النائية للسيادة الفلسطينية. وأشار نتنياهو إلى أنه لن يوقع على كل البنود الواردة في الوثيقة.

وخلال المؤتمر الهاتفي، قال إنديك إنه يمكن لكلا الطرفين «إبداء التحفظات» على بعض النقاط من اتفاق الإطار مع الموافقة عليه لاستخدامه كأساس للمباحثات. وستتعامل الوثيقة مع القضايا الأساسية التي أنهكت المفاوضين لفترة طويلة، مثل مسألة الحدود وأمن إسرائيل وقضية القدس والاعتراف المتبادل وحق العودة للاجئين الفلسطينيين.

وقال إنديك للأطراف المشاركة في المؤتمر حسب «نيويورك تايمز» إنه سيجري التعامل مع بعض من هذه القضايا بتفاصيل أكثر من أي القضايا الأخرى. وقال أحد المشاركين في المؤتمر الهاتفي إن أحد الأمثلة على ذلك هو اتفاق الإطار الذي يتنبأ بإنشاء منطقة أمنية على طول غور الأردن، مع تحصينها بأسوار من خلال استخدام تكنولوجيا عالية ومراقبة إلكترونية وطائرات من دون طيار بهدف حماية إسرائيل من الهجمات.

ولم يناقش إنديك عدد السنوات التي سيقوم خلالها الجنود الإسرائيليون بدوريات في المنطقة، حيث يعد هذا الأمر أيضا من الأمور التي أحدثت انقساما بين الإسرائيليين والفلسطينيين. ومن جانبه، قال رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس هذا الأسبوع إنه يمكن أن يقبل الوجود الإسرائيلي العسكري في الضفة الغربية لفترة انتقالية مدتها ثلاث سنوات.

من جانبها، أوردت «واشنطن بوست» تفاصيل أخرى عن اتفاق الإطار، مشيرة إلى أن إنديك أبلغ الزعماء اليهود بأن ثلثي المستوطنين الإسرائيليين سيبقون في الضفة الغربية في اتفاق نهائي في إطار إعادة رسم للحدود الإسرائيلية، وأن الهدف من عملية التعويضات المالية إلى عائلات اليهود الذين أجبروا على مغادرة البلدان العربية هو أن يكون لديهم حافز مالي في أي اتفاق سلام بما يؤدي إلى دعمهم له. ويعيش نحو 350 ألف إسرائيلي في مستوطنات في الضفة الغربية، وحسبما نقل عن إنديك فإنه شدد في مباحثاته مع الزعماء اليهود على الموقف الأميركي الرسمي، وهو أن أي اتفاق نهائي يعتمد على حدود ما قبل حرب 1967، إضافة إلى ما يجري تبادله بين الجانبين من الأراضي. كما أنه أكد أن تفاصيل اتفاق الإطار ستعلن فور قبول الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي لها.