قتيل وجرحى في قصف سوري على منطقة عكار اللبنانية بعد محاولة تسلل إلى تلكلخ

الجيش اللبناني اشتبك مع مسلحين مجهولين قرب الحدود

TT

شهدت مجموعة من البلدات العكارية، الواقعة في شمال لبنان، أمس، حالة من الذعر والقلق وحركة نزوح واسعة، نتيجة سقوط عشرات القذائف من الجانب السوري، مما أسفر عن مقتل نازح سوري وجرح خمسة آخرين، على الأقل، وفق مصادر محلية. وطاول القصف السوري للمرة الأولى مناطق بعيدة عن الحدود وبلدات مأهولة، وصولا إلى عمق بلدات مسيحية.

وتزامن سقوط القذائف على بلدات عدة أبرزها مشتى حسن ومشتى حمود والخالصة وشدرا والعوينات وخراج بلدة عندقت مع أنباء عن صد القوات النظامية محاولة تسلل من الجانب اللبناني إلى منطقة تلكلخ. وفي حين أفاد التلفزيون السوري أمس بأن «الجيش السوري أحبط محاولة تسلل مجموعة مسلحة من الأراضي اللبنانية إلى بلدة زارة في تلكلخ»، أعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان «مقتل ما لا يقل عن 5 عناصر نظاميين ومن قوات حرس الحدود والدفاع الوطني إثر هجوم للكتائب الإسلامية المقاتلة من داخل الأراضي اللبنانية على قريتي البهلونية والغيضة، اللتين يقطنهما مواطنون من الطائفة العلوية على الحدود اللبنانية في ريف تلكلخ».

وتقاطعت هذه المعلومات مع ما كشفه رئيس بلدية مشتى حسن حمزة الأحمد لـ«الشرق الأوسط» أمس عن ربطه «بين سقوط القذائف السورية ومحاولة مجموعة من الشبان اللبنانيين من بلدات عكارية عدة التسلل عبر الحدود لمناصرة الكتائب السورية المعارضة في منطقة تلكلخ السورية». وقال إن ما يؤكد تسلل هذه المجموعة أنباء أكيدة تداولها أبناء المنطقة عن إصابة عدد من شبان بلدة خربة داود اللبنانية على الحدود مع سوريا أمس. ونقل الأحمد عن مصادر أمنية لبنانية، تواصل معها أمس، تبريرها القصف السوري الذي طال للمرة الأولى بلدة شدرا المسيحية بوجود مجموعة من المسلحين بالقرب منها متمركزة بين بلدتي العوينات وخربة رمان. ونفى الأحمد وجود رابط بين تساقط القذائف السورية وترؤس لبناني من بلدة مشتى حسن، التي يرأس بلديتها، لمجموعة إسلامية تقاتل في بلدة الحصن السورية، قرب الحدود اللبنانية. وقال إن المدعو سعيد دندشي غادر البلدة منذ أكثر من عام ونصف العام، وهو يقاتل في سوريا منذ ذلك الوقت.

وكانت تقارير إعلامية في بيروت أشارت إلى أن مجموعة من المقاتلين الإسلاميين المعارضين يترأسها دندشي، الذي يعيش في بلدة الحصن السورية منذ نحو عامين، نفذت صباح أمس هجوما على بلدة علوية في منطقة تلكلخ السورية، مما أدى إلى الرد النظامي بقصف البلدات العكارية.

وفي سياق متصل، نقلت وكالة «رويترز» عن مصادر أمنية قولها إن مقاتلين مجهولين يشاركون في القتال في سوريا اشتبكوا مع الجيش اللبناني قرب الحدود بين البلدين، وبعد ذلك بفترة وجيزة سقطت نحو 15 قذيفة مدفعية داخل شمال لبنان. وقالت المصادر ذاتها إن «الجيش اللبناني حاصر بعد ساعات منطقة جبلية قرب الحدود وتبادل النيران مع مسلحين متحصنين هناك، من دون أن تتضح جنسية المسلحين».

وكان المرصد السوري أفاد «باشتباكات عنيفة بين القوات النظامية مدعمة بقوات الدفاع الوطني من جهة، ومقاتلي الكتائب الإسلامية المقاتلة من جهة أخرى في محيط بلدة الحصن وقرية الزارة بريف تلكلخ». وأدى القصف الذي طال بلدات عدة إلى مقتل النازح السوري هشام خالد أحمد. وقال رئيس بلدية مشتى حمود ناجي رمضان لـ«الشرق الأوسط» إن أحمد قتل بعد يومين من وصوله إلى البلدة هاربا من الاشتباكات العنيفة التي تشهدها بلدته الزارة في تلكلخ.

وأشار إلى أن «أكثر من 15 قذيفة سقطت على بلدة مشتى حمود، مما أوقع قتيلا و4 جرحى»، لافتا إلى أضرار مادية جسيمة في المنازل والممتلكات. ودعا رمضان الأجهزة الرسمية اللبنانية إلى تحمل مسؤولياتها، مؤكدا أنه «لا شيء يبرر استهداف بلدات آمنة وقتل الأبرياء فيها». وفي سياق متصل، استنكر النائب معين المرعبي «الانتهاكات السورية المتواصلة التي غالبا ما تطال الأبرياء الآمنين وتعطل حياتهم اليومية وتوقع الضحايا»، مطالبا الرئيس اللبناني ميشال سليمان «بالعمل على وقف هذه الانتهاكات والاعتداءات التي تستهدف القرى والبلدات الحدودية مع سوريا».

في المقابل، قال السفير السوري في بيروت علي عبد الكريم علي، بعد لقائه وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال اللبنانية عدنان منصور، ردا على سؤال حول القصف السوري، إن «القوى الإرهابية التي وجدت حاضنة لها عندما فتحت الحدود، ووجدت بالتالي رعاية وتمويلا من جهات خارجية، أصبحت عبئا على لبنان وتنتهك السيادتين اللبنانية والسورية، وتجوب المناطق من صيدا إلى بيروت وطرابلس والبقاع».

وعرف من بين الجرحى محمود أحمد رمضان وجميلة عساف ورقيب في الجيش اللبناني من آل العلي من بلدة مشتى حمود، ومحمد منصور من قرية بني صخر في وادي خالد.

من جهة أخرى، عملت سيارتا إسعاف تابعتان للصليب الأحمر اللبناني على إجلاء عدد كبير من تلامذة مدرسة الفرنسيسكان في بلدة منجز الحدودية، قسم منهم من ذوي الاحتياجات الخاصة، جراء القصف الذي استهدف قرى وبلدات في المناطق الحدودية. وأقفلت الإدارة أبواب المدرسة، ونقل التلامذة إلى أماكن أكثر أمانا وتسلمهم أهاليهم وذلك مخافة من تطور الأوضاع الأمنية.