مساع مصرية لإقناع الأوروبيين بالفرص المتاحة للاستثمار في مشروعات قومية

وفد من القاهرة يشارك في اجتماعات وزراء الصناعة بالدول الأورومتوسطية في بروكسل

TT

تشارك مصر في اجتماعات وزراء الصناعة في دول الأورومتوسطي، التي تضم دولا عربية في منطقة جنوب المتوسط، إلى جانب الدول الـ28 الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، وتنعقد في بروكسل منتصف الشهر الحالي، ويأتي ذلك في إطار تحرك مصري لإقناع الأوروبيين بالكثير من الفرص الاستثمارية، والرغبة في الحصول على مزيد من الدعم المالي والاقتصادي الأوروبي لعدة برامج ومشروعات تنوي القاهرة تنفيذها في مجالات متعددة خلال الفترة القادمة، وفي هذا الإطار سافر الرئيس المؤقت إلى أثينا وأجرى محادثات مع الرئاسة اليونانية الحالية للاتحاد الأوروبي، كما التقى أخيرا في القاهرة نائب رئيس الحكومة المصرية مع وفد من الاتحاد الأوروبي. ومن جانبها، تؤكد مؤسسات الاتحاد الأوروبي، أن الدعم مستمر لمساعدة الشعب المصري، ووافقت على برامج لتمويل مشروعات مستقبلية.

وقال أحمد صلاح، المسؤول الإعلامي بالسفارة المصرية ببروكسل، إن منير فخري عبد النور، وزير الصناعة والتجارة الخارجية، سيزور العاصمة البلجيكية بروكسل في الفترة من 18 - 20 فبراير (شباط) 2014، للمشاركة في اجتماع وزراء الصناعة لدول الأورومتوسطية. وأضاف المسؤول الإعلامي، أن الوزير عبد النور سيلتقي عددا من مسؤولي الاتحاد الأوروبي، للتباحث حول العلاقات الثنائية وسبل تطويرها، وفي نفس الوقت، اطلاعهم على آخر الخطوات والمستجدات والمشروعات الاقتصادية التي يجري تنفيذها حاليا، كما يلتقي الوزير على هامش الزيارة بعض المسؤولين البلجيكيين، منهم يوهان فاندلموت، نائب رئيس الوزراء ووزير الاقتصاد، وكذلك عدد من الوزراء المعنيين في الحكومة. وحسب البرنامج المخطط للوزير عبد النور، سيلتقي أكثر من 50 شخصا من رجال الأعمال البلجيكيين من المهتمين والمتعاملين مع السوق المصرية، حيث سيجري عرض الفرص الاستثمارية المتاحة في عدد من المشروعات القومية بمصر. وكانت مصر وقعت مع الاتحاد الأوروبي اتفاقية في نهاية 2012 بشأن تشكيل مجموعة عمل مشتركة «تاسك فورس» على غرار ما حدث قبلها مع تونس، وبعد ذلك مع الأردن، ولكن الأحداث التي عرفتها البلاد في منتصف العام الماضي كانت السبب في تجميد اجتماعاتها، وفي تصريحات لـ«الشرق الأوسط» حول هذا الصدد قال مايكل مان، المتحدث باسم القسم الخارجي في المفوضية الأوروبية ببروكسل، إن مجموعة العمل التي اجتمعت العام الماضي، لم تكن فقط لمجرد منح أموال أوروبية لمصر، وإنما الأمر يشمل أيضا حقوق الإنسان وتمويل القطاع الخاص وأيضا جذب استثمارات دولية، ولكن واجه مسار «تاسك فورس» صعوبات وجرى توقيفه بسبب الأحداث التي عرفتها البلاد صيف العام الماضي، ولكن نحن مستمرون في مساعدة الشعب المصري، وخصوصا المساعدة الاقتصادية والاجتماعية، وأيضا منظمات المجتمع المدني والتركيز على تقديم المساعدات والمعونات للأشخاص المحتاجين، وعودة مسار «تاسك فورس» مرتبطة بعودة خطوات المسار الديمقراطي. وأضاف المتحدث أنه لم تكن هناك موازنة محددة للمساعدات خلال الشهور الأخيرة من العام الماضي، ولكن كنا ندفع أموالا لمساعدة الفقراء ومجموعات المجتمع المدني التي تسهم في المسار الديمقراطي وهناك عشرات الملايين من اليورو خصصناها لمساعدة الفقراء والمحتاجين. ولم يحدد المتحدث الأوروبي موعدا محددا لإمكانية استئناف مجموعة العمل المشتركة (تاسك فورس).

وتعد زيارة عبد النور إلى بروكسل هي أول زيارة لمسؤول مصري رفيع المستوى إلى مقار الاتحاد الأوروبي منذ إقرار الدستور الجديد في مصر وأيضا ثاني مسؤول كبير في الحكومة المؤقتة الحالية يلتقي كبار المسؤولين في الاتحاد الأوروبي عقب الزيارة التي قام بها نائب رئيس الوزراء والوزير المكلف التعاون الدولي زياد بهاء الدين. قبل ما يقرب من شهرين. وفي تصريحات لـ«الشرق الأوسط» خلال الزيارة حول مضمون الاتفاقية التي جرى التوقيع عليها مع الاتحاد الأوروبي والفوائد التي ستعود على المواطن المصري من الاتفاقية، قال: «هي اتفاقية كمنحة من الاتحاد الأوروبي بقيمة 90 مليون يورو، أي تقريبا 850 مليون جنيه مصري وهي موجهه لثلاثة مجالات، وهناك 60 مليونا لاستكمال برنامج التغذية المدرسية لهذا العام، وهو برنامج كان موجودا، ولكن موارده غير كافية بعد أن قلصت الحكومة الماضية مخصصاتها في الموازنة المصرية من 800 مليون إلى 400 مليون، وهذا الشق سيجري استكماله مع مكتب منظمة الغذاء العالمي التي تدعم التلاميذ في المدارس الأكثر فقرا، وثانيا هناك 20 مليون يورو ستخصص لبرنامج تطوير العشوائيات، وثالثا عشرة ملايين يورو لجمعيات أهلية تعمل في مجال التنمية الاقتصادية والاجتماعية في المناطق الأكثر فقرا، وبالتالي ترتفع قيمة الاتفاقيات التي وقعناها مع الاتحاد الأوروبي في ظرف أسبوع إلى أكثر من 320 مليون يورو بعد التوقيع على اتفاقية بقيمة 209 ملايين يورو بين مصر وعدد من الدول الأعضاء، ومنها فرنسا وسويسرا وألمانيا، لتطوير شبكات الصرف الصحي في ثماني محافظات مصرية نصفها في الوجه البحري، والآخر في الوجه القبلي، بالإضافة إلى اتفاق قيمته 30 مليون يورو خاصة بالصناعات الصغيرة والمتوسطة في المجال الزراعي، وتحديدا لإنتاج الألبان والأسماك. وفي الأسبوع الماضي استقبل الدكتور زياد بهاء الدين وفد مفوضية الاتحاد الأوروبي، في إطار المناقشات بين الجانبين بشأن التعاون المستقبلي بين مصر والاتحاد الأوروبي خلال عامي 2014 و2015 وبحث سبل دعم الاتحاد الأوروبي لمصر خلال هذه الفترة. ووفقًا لبيان صادر عن وزارة التعاون الدولي، تأتي هذا الزيارة عقب اعتماد الاتحاد الأوروبي في ديسمبر (كانون الأول) 2013 لآلية سياسة الجوار الأوروبي للأعوام 2014 - 2020 بإجمالي تمويل يبلغ نحو 15.4 مليار يورو يجري توزيع هذا المبلغ على كل من دول جوار الاتحاد الأوروبي الجنوبي (من بينها مصر) وكذا الشرقي. وذكر البيان أن الوفد الأوروبي هنأ الجانب المصري على الموافقة بالأغلبية على الدستور ملقيا الضوء على بيان الممثلة العليا للسياسات الخارجية كاثرين أشتون، والذي أشادت فيه بجهود الحكومة المصرية المبذولة في عملية تنظيم الاستفتاء. وأشار بهاء الدين إلى التقرير الذي نشرته الحكومة المصرية أخيرا بشأن أداء الاقتصاد المصري في نصف عام، والذي يتضمن الخطوات الإيجابية التي تحققت خلال الستة أشهر الماضية لتحسين أداء الاقتصاد المصري والتحديات التي ما زالت تلقي بأعباء علي كاهل الاقتصاد المصري وسبل تذليلها على المدى القصير. وأضاف أن الحكومة المصرية الانتقالية تتبع سياسة اتفاق توسعية، وذلك بهدف تحفيز وتنشيط الاقتصاد القومي وتوفير الخدمات الأساسية خاصة للفئات محدودة الدخل وخلق فرص عمل ودفع الاقتصاد المصري للخروج من حالة الركود، كما تركز الحكومة حاليا على وضع وتنفيذ سياسات وبرامج متوسطة الأجل ذات طبيعة هيكلية وبعد اجتماعي من أجل ضمان إصلاح اقتصادي يتسم بالعدالة. وجرى الاتفاق بين الجانبين على أن يركز الاتحاد الأوروبي دعمه لمصر خلال عامي 2014 - 2015 على ثلاثة أولويات رئيسة، وهي: الحد من الفقر، والتنمية الاقتصادية والاجتماعية على المستوى المحلي بما في ذلك دعم شبكات الحماية الاجتماعية وخلق فرص عمل ودعم المحافظات الأكثر احتياجا، وتحسين جودة الحياة للمواطن المصري بما في ذلك تحسين شبكات المياه والصرف الصحي وإدارة المخلفات وحماية البيئة، وأخيرا دعم الشفافية والحكم الرشيد. وأعرب بهاء الدين عن تقدير الحكومة لدعم الاتحاد الأوروبي خلال المرحلة الحالية، مشيرا إلى تطلع الحكومة المصرية للدعم المتواصل الذي قدمه الاتحاد الأوروبي لمصر بهدف المضي قدما في تنفيذ خطط التنمية الاقتصادية والأولويات المصرية ومسيرة التحول الديمقراطي. وجاء ذلك بعد أن أكد الرئيس المصري المؤقت عدلي منصور في أثينا أن مصر ترغب في تعميق علاقاتها مع الاتحاد الأوروبي خلال الرئاسة اليونانية للاتحاد التي بدأت مع مطلع العام الحالي وتستمر ستة أشهر. وقال منصور إثر لقاء مع الرئيس اليوناني كارلوس بابولياس منتصف يناير (كانون الثاني) الماضي: «ننتظر أن تعمل الرئاسة اليونانية على تعميق العلاقات بين مصر والاتحاد الأوروبي لدفع الشراكة بين مصر والاتحاد». وأشاد منصور بـ«مصر الجديدة التي خطت أولى خطواتها نحو دولة حديثة مدنية»، مشيرا إلى أن «الشعب المصري صوت على دستور يجسد أهداف وآمال ثورة 30 يونيو (حزيران) 2013». وقال: «مصر تستعد لإنجاز خارطة الطريق التي وضعتها الثورة». كما تباحث منصور الذي رافقه وزيرا الخارجية نبيل فهمي، والسياحة هشام زعزوع، مع رئيس الوزراء اليوناني أنطونيس ساماراس بشأن العلاقات بين البلدين في المجالات الاقتصادية. وقال منصور: «اتفقنا على تعزيز علاقاتنا الراسخة وتعزيز التعاون الاقتصادي الذي ارتفع حجمه إلى مليار دولار (737.3 مليون يورو)». من جانبه، أوضح بابولياس أن اليونان «تدعم مصر في هذه المرحلة الانتقالية من أجل إكمال المسيرة الديمقراطية وتحقيق استقرارها». وأضاف: «اليونان تعترف بدور مصر القيادي في المنطقة وتدعم الشعب المصري، سواء على صعيد العلاقات الاقتصادية أو في إطار الاتحاد الأوروبي».